305
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6

فَسَأَلَهُ عَن حالِهِ سُؤالاً حَفِيّا ثُمَّ أجلَسَهُ بِجَنبِهِ ، فَأَقبَلَ جابِرٌ عَلَيهِ يَقولُ : يَا بنَ رَسولِ اللّهِ ، أماعَلِمتَ أنَّ اللّهَ تَعالى إنَّما خَلَقَ الجَنَّةَ لَكُم ولِمَن أحَبَّكُم وخَلَقَ النّارَ لِمَن أبغَضَكُم وعاداكُم ، فَما هذَا الجَهدُ الَّذي كَلَّفتَهُ نَفسَكَ ؟
قالَ لَهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام : يا صاحِبَ رَسولِ اللّهِ ، أما عَلِمتَ أنَّ جَدّي رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قَد غَفَرَ اللّهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تَأَخَّرَ فَلَم يَدَعِ الاِجتِهادَ لَهُ ، وتَعَبَّدَ ـ بِأَبي هُوَ واُمّي ـ حَتَّى انتَفَخَ السّاقُ ووَرِمَ القَدَمُ ، وقيلَ لَهُ : أتَفعَلُ هذا وقَد غُفِرَ لَكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وما تَأَخَّرَ ؟ قالَ : أفَلا أكونُ عَبدا شَكورا ؟!
فَلَمّا نَظَرَ جابِرٌ إلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام ولَيسَ يُغني فيهِ مِن قَولٍ يَستَميلُهُ مِنَ الجَهدِ وَالتَّعَبِ إلَى القَصدِ قالَ لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، البُقيا عَلى نَفسِكَ ، فَإِنَّكَ لَمِن اُسرَةٍ بِهِم يُستَدفَعُ البَلاءُ وتُستَكشَفُ اللَأواءُ ۱ وبِهِم تُستَمطَرُ السَّماءُ .
فَقالَ : يا جابِرُ ، لا أزالُ عَلى مِنهاجِ أبَوَيَّ مُؤتَسِيا بِهِما صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِما حَتّى ألقاهُما .
فَأَقبَلَ جابِرٌ عَلى مَن حَضَرَ فَقالَ لَهُم : وَاللّهِ ، ما أرى في أولادِ الأَنبِياءِ مِثلَ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ إلّا يوسُفَ بنَ يَعقوبَ عليهماالسلام . وَاللّهِ لَذُرِّيَّةُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام أفضَلُ مِن ذُرِّيَّةِ يوسُفَ بنِ يَعقوبَ ، إنَّ مِنهُم لَمَن يَملَأُ الأَرضَ عَدلاً كَما مُلِئَت جَورا . ۲

۶۷۵۷.الإمام الصادق عليه السلام :كانَ أبي رضى الله عنه يُصَلّي في جَوفِ اللَّيلِ ، فَيَسجُدُ السَّجدَةَ فَيُطيلُ حَتّى نَقولُ : إنَّهُ راقِدٌ . ۳

1.الّلأْواءُ : المشقّة والشدّة (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۲۳۸ «لأي») .

2.الأمالي للطوسي : ص ۶۳۶ ح ۱۳۱۴ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۱۴۸ من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام نحوه ، بشارة المصطفى : ص ۶۶ عن عمر بن عبداللّه بن هند الجمليّ عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۴۶ ص ۶۰ ح ۱۸ .

3.قرب الإسناد : ص ۵ ح ۱۵ عن مسعدة بن صدقة ، بحار الأنوار : ج ۸۷ ص ۱۹۷ ح ۴ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6
304

بِنتَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ لَمّا نَظَرَت إلى ما يَفعَلُ ابنُ أخيها عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام بِنَفسِهِ مِنَ الدَّأبِ فِي العِبادَةِ أتَت جابِرَ بنَ عَبدِاللّهِ بنِ عَمرِو بنِ حِزامٍ الأَنصارِيَّ فَقالَت لَهُ : يا صاحِبَ رَسولِ اللّهِ ، إنَّ لَنا عَلَيكُم حُقوقا ، ومِن حَقِّنا عَلَيكُم أن إذا رَأَيتُم أحَدَنا يُهلِكُ نَفسَهُ اجتِهادا أن تُذَكِّروهُ اللّهَ وتَدعوهُ إلَى البُقيا عَلى نَفسِهِ ، وهذا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بَقِيَّةُ أبيهِ الحُسَينِ قَدِ انخَرَمَ أنفُهُ وثَفِنَت جَبهَتُهُ ورُكَبتاهُ وراحَتاهُ ، دَأبا مِنهُ لِنَفسِهِ فِي العِبادَةِ .
فَأَتى جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ بابَ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام ، وبِالبابِ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام في اُغَيلِمَةٍ مِن بَني هاشِمٍ قَدِ اجتَمَعوا هُناكَ ، فَنَظَرَ جابِرٌ إلَيهِ مُقبِلاً فَقالَ : هذِهِ مِشيَةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وسَجِيَّتُهُ ، فَمَن أنتَ يا غُلامُ ؟ فَقالَ : أنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ ، فَبَكى جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ رضى الله عنه ، ثُمَّ قالَ : أنتَ وَاللّهِ الباقِرُ عَنِ العِلمِ حَقّاً ، اُدنُ مِنّي بِأَبي أنتَ واُمّي ، فَدَنا مِنهُ فَحَلَّ جابِرٌ إزارَهُ ووَضَعَ يَدَهُ في صَدرِهِ فَقَبَّلَهُ وجَعَلَ عَلَيهِ خَدَّهُ ووَجهَهُ وقالَ لَهُ : اُقرِئُكَ عَن جَدِّكَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله السَّلامَ ، وقَد أمَرَني أن أفعَلَ بِكَ ما فَعَلتُ ، وقالَ لي : يوشِكُ أن تَعيشَ وتَبقى حَتّى تَلقى مِن وُلدِي مَنِ اسمُهُ مُحَمَّدٌ يَبقَرُ العِلمَ بَقرا ، وقالَ لي : إنَّكَ تَبقى حَتّى تَعمى ثُمَّ يُكشَفُ لَكَ عَن بَصَرِكَ .
ثُمَّ قالَ لي : اِيذَن لي عَلى أبيكَ . فَدَخَلَ أبو جَعفَرٍ عَلى أبيهِ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ وقالَ : إنَّ شَيخا بِالبابِ وقَد فَعَلَ بي كَيتَ وكَيتَ ، فَقالَ : يا بُنَيَّ ، ذلِكَ جابِرُ بنُ عَبدِ اللّهِ . ثُمَّ قالَ : أمِن بَين وِلدانِ أهلِكَ قالَ لَكَ ما قالَ وفَعَلَ بِكَ ما فَعَلَ؟ قالَ : نَعَم ، [قالَ :] ۱ إنّا للّهِِ ، إنَّهُ لَم يَقصُدكَ فيهِ بِسوءٍ ولَقَد أشاطَ بِدَمِكَ . ۲
ثُمَّ أذِنَ لِجابِرٍ فَدَخَلَ عَلَيهِ ، فَوَجَدَهُ في مِحرابِهِ قَد أنضَتهُ العِبادَةُ ، فَنَهَضَ عَلِيٌّ عليه السلام

1.إضافة من عندنا يقتضيها السياق .

2.أي عمل في هلاكك (اُنظر : لسان العرب : ج ۷ ص ۳۳۸ «شيط») .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179243
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي