359
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6

حَلالِهِ وحَرامِهِ ، فَأَنتُمُ المَسلوبونَ تِلكَ المَنزِلَةَ ، وما سُلِبتُم ذلِكَ إلّا بِتَفَرُّقِكُم عَنِ الحَقِّ وَاختِلافِكُم فِي السُّنَّةِ بَعدَ البَيِّنَةِ الواضِحَةِ . ولَو صَبَرتُم عَلَى الأَذى وتَحَمَّلتُمُ المَؤونَةَ في ذاتِ اللّهِ كانَت اُمورُ اللّهِ عَلَيكُم تَرِدُ وعَنكُم تَصدُرُ وإلَيكُم تَرجِعُ ، ولكِنَّكُم مَكَّنتُمُ الظَّلَمَةَ مِن مَنزِلَتِكُم ، وأسلَمتُم ۱ اُمورَ اللّهِ في أيديهِم ، يَعمَلونَ بِالشُّبُهاتِ ويَسيرونَ فِي الشَّهَواتِ ، سَلَّطَهُم عَلى ذلِكَ فِرارُكُم مِنَ المَوتِ وإعجابُكُم بِالحَياةِ الَّتي هِيَ مُفارِقَتُكُم ، فَأَسلَمتُمُ الضُّعَفاءَ في أيديهِم ، فَمِن بَينِ مُستَعبَدٍ مَقهورٍ وبَينَ مُستَضعَفٍ عَلى مَعيشَتِهِ مَغلوبٍ ، يَتَقَلَّبونَ فِي المُلكِ بِآرائِهِم ۲ ويَستَشعِرونَ الخِزيَ بِأَهوائِهِمُ ، اقتِداءً بِالأَشرارِ وجُرأَةً عَلَى الجَبّارِ . في كُلِّ بَلَدٍ مِنهُم عَلى مِنبَرِهِ خَطيبٌ يَصقَعُ ، فَالأَرضُ لَهُم شاغِرَةٌ ، وأيديهِم فيها مَبسوطَةٌ ، وَالنّاسُ لَهُم خَوَلٌ ۳ ، لا يَدفَعونَ يَدَ لامِسٍ ، فَمِن بَينِ جَبّارٍ عَنيدٍ وذي سَطوَةٍ عَلَى الضَّعَفَةِ شَديدٍ ، مُطاعٍ لا يَعرِفُ المُبدِئَ المُعيدَ .
فَيا عَجَبا ! وما ليَ (لا) أعجَبُ وَالأَرضُ مِن غاشٍّ غَشومٍ ، ومُتَصَدِّقٍ ظَلومٍ ، وعامِلٍ عَلَى المُؤمِنينَ بِهِم غَيرِ رَحيمٍ ، فَاللّهُ الحاكِمُ فيما فيهِ تَنازَعنا ، وَالقاضي بِحُكمِهِ فيما شَجَرَ بَينَنا .
اللّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنَّهُ لَم يَكُن ما كانَ مِنّا تَنافُسا في سُلطانٍ ولَا الِتماسا مِن فُضولِ الحُطامِ ، ولكِن لِنُرِيَ المَعالِمَ مِن دينِكَ ، ونُظهِرَ الإِصلاحَ في بِلادِكَ ، ويَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِكَ ، ويُعمَلَ بِفَرائِضِكَ وسُنَنِكَ وأحكامِكَ ، فَإِن لَم تَنصُرونا وتُنصِفونا قَوِيَ الظَّلَمَةُ عَلَيكُم وعَمِلوا في إطفاءِ نورِ نَبِيِّكُم . وحَسبُنَا اللّهُ ، وعَلَيهِ

1.في الطبعة المعتمدة «واستسلمتم» ، والصواب ما أثبتناه كما في طبعة النجف سنة ۱۳۸۰ ه : ص ۱۶۹ .

2.بآرائكم (خ ل) .

3.الخَوَل : الخدم والحشم (المصباح المنير : ص ۱۸۴ «خال») .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6
358

وَالغَنائِمِ وأخذِ الصَّدَقاتِ مِن مَواضِعِها ووَضعِها في حَقِّها .
ثُمَّ أنتُم أيَّتُهَا العِصابَةُ عِصابَةٌ بِالعِلمِ مَشهورَةٌ ، وبِالخَيرِ مَذكورَةٌ ، وبِالنَّصيحَةِ مَعروفَةٌ ، وبِاللّهِ في أنفُسِ النّاسِ مُهابَةٌ ، يَهابُكُمُ الشَّريفُ ، ويُكرِمُكُمُ الضَّعيفُ ، ويُؤثِرُكُم مَن لا فَضلَ لَكُم عَلَيهِ ولا يَدَ لَكُم عِندَهُ ، تَشفَعونَ فِي الحَوائِجِ إذَا امتَنَعَت مِن طُلّابِها ، وتَمشونَ فِي الطَّريقِ بِهَيبَةِ ۱ المُلوكِ وكَرامَةِ الأَكابِرِ ، ألَيسَ كُلُّ ذلِكَ إنَّما نِلتُموهُ بِما يُرجى عِندَكُم مِنَ القِيامِ بِحَقِّ اللّهِ وإن كُنتُم عَن أكثَرِ حَقِّه تُقَصِّرونَ ؟! فَاستَخفَفتُم بِحَقِّ الأَئِمَّةِ ، فَأَمّا حَقَّ الضُّعَفاءِ فَضَيَّعتُم ، وأمّا حَقَّكُم بِزَعمِكُم فَطَلَبتُم ، فَلا مالاً بَذَلُتموهُ ، ولا نَفسا خاطَرتُم بِها لِلَّذي خَلَقَها ، ولا عَشيرَةً عادَيتُموها في ذاتِ اللّهِ ، أنتُم تَتَمَنَّونَ عَلَى اللّهِ جَنَّتَهُ ومُجاوَرَةَ رُسُلِهِ وأمانا مِن عَذابِهِ .
لَقَد خَشيتُ عَلَيكُم أيُّهَا المُتَمَنّونَ عَلَى اللّهِ أن تَحُلَّ بِكُم نَقِمَةٌ مِن نَقِماتِهِ ؛ لِأَنَّكُم بَلَغتُم مِن كَرامَةِ اللّهِ مَنزِلَةً فُضِّلتُم بِها ، ومَن يُعرَفُ بِاللّهِ لا تُكرِمونَ وأنتُم بِاللّهِ في عِبادِهِ تُكرَمونَ ، وقَد تَرَونَ عُهودَ اللّهِ مَنقوضَةً فَلا تَفزَعونَ ، وأنتُم لِبَعضِ ذِمَمِ آبائِكُم تَفزَعونَ، وذِمَّةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مَحقورَةٌ ۲ ، وَالعُميُ وَالبُكمُ وَالزَّمنى ۳ فِي المَدائِنِ مُهمَلَةٌ، لا تَرحَمونَ ، ولا في مَنزِلَتِكُم تَعمَلونَ ، ولا مَن عَمِلَ فيها تُعينونَ ، وبِالاِدِّهانِ وَالمُصانَعَةِ عِندَ الظَّلَمَةِ تَأمَنونَ ، كُلُّ ذلِكَ مِمّا أمَرَكُمُ اللّهُ بِهِ مِنَ النَّهيِ وَالتَّناهي وأنتُم عَنهُ غافِلونَ . وأنتُم أعظَمُ النّاسِ مُصيبَةً لِما غُلِبتُم عَلَيهِ مِن مَنازِلِ العُلَماءِ لَو كُنتُم تَشعُرونَ ۴ . ذلِكَ بِأَنَّ مَجارِيَ الاُمورِ وَالأَحكامِ عَلى أيدِي العُلَماءِ بِاللّهِ الاُمَناءِ عَلى

1.بهيئة (خ ل) .

2.مخفورة (خ ل) .

3.الزَّمنى: جمع زَمِن : جنس للبلايا التي يصابون بها ويدخلون فيها وهم لها كارهون (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۱۹۹ «زمن»).

4.تعنون (خ ل) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 152325
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي