97
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6

ولكنّنا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ منصب النبوّة منزّه عن الكلام الباطل أو الغامض ، فإنّ المسألة المهمّة في فقه الحديث وفهم كلامه صلى الله عليه و آله هي تعيين مصداق الخلفاء الاثني عشر الّذين قدّمهم باعتبارهم الخلفاء من بعده .
والإجابة على هذا السؤال واضحة من وجهة نظر أتباع أهل البيت عليهم السلام ، ذلك لأنّهم يعتقدون بأنّ الخلفاء الاثني عشر لرسول اللّه صلى الله عليه و آله هم من أهل البيت عليهم السلام ، وأوّلهم الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وآخرهم الإمام المهديّ ـ عجّل اللّه تعالى فرجه ـ حيث ما يزال على قيد الحياة ، وسيملأ ذات يومٍ العالمَ قسطا وعدلاً . ۱
ورغم أنّ محدّثي أهل السنّة يعتبرون حديث جابر بن سمرة صحيحا ، إلّا أنّهم لا يمتلكون إجابة واضحة لبيان مصاديق الخلفاء الاثني عشر ، حتّى أنّ ابن الجوزي يقول في كتاب كشف المشكل :
هذا الحديث قد أطلت البحث عنه وتطلّبت مظانّه وسألت عنه ، فما رأيت أحدا وقع على المقصود منه . ۲
كما يصرّح المهلّب :
لم ألق أحدا يقطع في هذا الحديث ـ يعني بشيء معيّن ـ . ۳
إنّ ابن حجر يؤيّد بشكل إجمالي عدم فهم الحديث المذكور ۴ ، لكنّ البعض ـ ومنهم الأشخاص المذكورون ـ أرادوا أن يبيّنوا ـ ولو على سبيل الاحتمال ـ المقصودَ من الخلفاء الاثني عشر ، ولكن يتّضح لنا من خلال التأمّل فيما قالوه أنّ ادّعاءهم لا ينطبق مع ما قاله النبيّ صلى الله عليه و آله ، لا من حيث العدد ولا من حيث

1.راجع : ص ۷۷ (ما روي في بيان عدد الأئمّة و أسمائهم) .

2.كشف المشكل : ج ۱ ص ۴۴۹ وراجع : فتح الباري : ج ۱۳ ص ۲۱۲ .

3.راجع : فتح الباري : ج ۱۳ ص ۲۱۱ .

4.فتح الباري : ج ۱۳ ص ۲۱۲ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6
96

النائب والبديل ، وهو الشخص الّذي يتولّى مسؤوليّات الشخص السابق ويملأ فراغه ، والمسؤولية الرئيسة والمحورية للنبيّ صلى الله عليه و آله هي هداية الناس وإرشادهم إلى الفلاح والفوز .
بناءً على ذلك ، فإنّ الشخص الوحيد الّذي يستحقّ عنوان الخلافة هو الّذي يعمل على هداية الناس على أفضل وجه .
لذلك فقد اعتبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله الدعاة إلى الدين خلفاءه ، حيث أكّد في هذا المجال قائلاً :
اللَّهُمَّ ارحَم خُلَفائي .
قيلَ : يا رَسولَ اللّهِ ومَن خُلَفاؤُكَ؟
قالَ : الَّذينَ يَأتونَ مِن بَعدي يَروونَ حَديثي وَسُنَّتي . ۱
وقد كانت الحكومة الوسيلة الوحيدة الّتي استغلّها النبيّ صلى الله عليه و آله وحققّ هدفه من خلالها ، وقد أدّى صلى الله عليه و آله مسؤوليته وواجبه سواء تولّى الحكم أم لم يتولّه (مثل عهد ما قبل الهجرة) .
وتدلّ التوجيهات والتأويلات الّتي سنذكرها نقلاً عن محققّي الحديث من أهل السنّة على أنّهم فسّروا الخليفة حسب المعنى الشائع دون الالتفات إلى غاية بعثة الأنبياء ، فبحثوا عن الخليفة بين الحكّام وأرباب القوّة ، ومن البديهي أنّ حكّاما ظلمة ودمويّين مثل يزيد وعبدالملك لا يمكن اعتبارهم خلفاء لأعظم الأنبياء والرسل وخاتمهم .
ولاشكّ في أنّ هدف النبيّ صلى الله عليه و آله من هذا الحديث هو التعريف بأفضل الأشخاص الّذين يتمتّعون من بعده بالصّلاحيّة الكاملة لقيادة الاُمّة الإسلامية .

1.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۴ ص ۴۲۰ ح ۵۹۱۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 150581
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي