275
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7

وممّا يعزّز هذا الاحتمال ، زمان حدوث هذا العمل ؛ ذلك لأنّ روايات المؤرّخين ۱ تفيد بأنّ إضافة الأذان كانت في السنة الثلاثين من الهجرة ، وهو التاريخ الذي يمثّل المنعطف بين عهدي خلافة عثمان ، ففي هذه السنة أخذ عثمان يتعرّض للانتقادات تدريجيّاً ، ولم يكن الناس يهتمّون بخطبه ومواعظه ولم يصغوا إليها .

الحكم الشرعي للأذان المضاف

يرى معظم محدِّثي أهل السنّة وفقهائهم أنّ إضافة هذا الأذان من حقّ الخليفة ولا يعتبرونها بدعة ، أو بدعة مذمومة على الأقلّ ، ويعتبر بعض الفقهاء الحديثَ المرسلَ : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي» دليلاً جيّداً على هذا الرأي . ۲
ولا يرى البعض أنّ هذه الإضافة أذان اصطلاحي يُعَدّ نوعاً من العبادة أو مقدّمة للعبادة المتمثّلة في الصلاة ، بل يعتبرونه مجرّدَ أذانٍ لغوي ؛ أي دعوة وتذكيراً عامّاً . ۳
وقد وافقهم في هذا الرأي بشكل إجمالي ومشروط عددٌ من فقهاء الشيعة الكبار ـ مثل : الشيخ الطوسي في المبسوط ، والمحقّق الحلّي، والمحقّق الأردبيلي ۴ ـ ، فلم يعتبروه بدعة ، رغم أنّه من الممكن اعتباره مكروهاً كما فعل ذلك المحقّق الحلّي ؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لم يفعله ولم يأمر به ، أو بسبب مشابهته للبدعة ؛ ذلك لأنّ اختيار الأذان لأمرٍ عاديٍّ ومتداول ـ مع أنّه يمثّل شعاراً مقدّساً ، وعبادة منزلة من السماء ، وأنّ شكله ومكانته توقيفيّان وبيد الشارع كما يقول الاُصوليّون ـ مخالفٌ لسيرة النبيّ صلى الله عليه و آله

1.راجع : تاريخ الطبري : ج ۴ ص ۲۸۷ والكامل : ج ۲ ص ۲۵۳ والبداية والنهاية : ج ۷ ص ۱۵۶ .

2.راجع : الكافي لابن عبدالبر : ص ۷۴ وعمدة القاري : ج ۲۳ ص ۲۶۶ .

3.راجع : تلخيص الحبير : ج ۴ ص ۶۰۰ وفتح الباري : ج ۲ ص ۳۲۷ .

4.راجع : المبسوط : ج ۱ ص ۱۴۹ والمعتبر : ج ۲ ص ۲۹۶ ومجمع الفائدة والبرهان : ج ۲ ص ۳۷۷ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
274

العظمى من الرواة والفقهاء ۱ ، ولذلك فقد كانوا يسمّونه الأذان الأوّل . وممّا يجدر ذكره أنّ هذا الأذان سمِّي الأذان الثاني أيضاً ؛ لظهوره بعد الأذان الأصليّ وبعد النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله بسنوات . وعلى هذا الأساس فقد اُطلق على هذا الأذان المضاف الأذان الثالث ، أو النداء الثالث أيضا ؛ استناداً إلى إطلاق الأذان على الإقامة تغليبا ، أو لأنّه هو أيضاً نوع من الإعلام والأذان والنداء .
ولم تَنقل الروايات التاريخيّة والحديثيّة دليلاً من قبل مبدع هذا الأذان الإضافي ، وإنّما اكتفت بالقول : إنّ هذه الإضافة كانت عند ازدياد الناس وابتعاد بيوتهم .
ولعلّه يمكن القول ـ استناداً إلى ما ذكر، وإلى مكان هذا الأذان الذي كان خارج المدينة ، أو في الزوراء في سوق المدينة حسب أقوال الكثيرين ۲ ـ إنّ عثمان أراد من هذا الأذان المبكّر أن يُعلم المسلمين الساكنين في أطراف المدينة والأماكن البعيدة عن مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله بقرب وقت صلاة الجمعة ؛ كي يتهيّؤوا ويحضروا في المسجد منذ بداية الخطبتين ، ويصغوا إلى كلام الخليفة ۳ . وهذا الأمر نفسه هو الذي دفعه إلى تقديم خطبتي صلاة العيد ؛ ذلك لأنّ الناس كانوا يعترضون على أعمال عثمان وسيرته ولم يكونوا يعيرون أهمّية لكلامه .

1.وصلنا قول عن ابن إدريس الحلّي والتركماني أيضاً ، نقلاً عن العلّامة الأميني يظهر أنّه اعتبر هذا الأذان المضاف بعد الأذان الأصلي ، ووقته بعد الخطبتين ونزول إمام الجمعة : «ولا يجوز الأذان بعد نزوله مضافاً إلى الأذان الأوّل الذي عند الزوال ، فهذا هو الأذان المنهي عنه» (السرائر : ج ۱ ص ۲۹۵ وراجع : الغدير : ج ۸ ص ۱۲۶ وكشف الرموز : ج ۱ ص ۱۷۶) . أمّا الشهيد الأوّل فإنّه يعتبر هذا الرأي غريباً (البيان : ص ۱۰۶) .

2.كانت الزوراء ـ دار عثمان ـ في سوق المدينة (راجع : مجمع البيان : ج ۱۰ ص ۴۳۴ ومعجم البلدان : ج ۳ ص ۱۵۶) . ولكن البعض ـ مثل العلّامة الأميني ـ اعتبرها مجاورة لمسجد النبيّ صلى الله عليه و آله نقلاً عن قاموس اللغة وتاج العروس (الغدير : ج ۸ ص ۱۲۸) .

3.راجع : المصنّف لعبدالرزّاق : ج ۳ ص ۲۰۶ ح ۵۳۴۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 231844
الصفحه من 508
طباعه  ارسل الي