277
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7

الرأي النهائي

مرّ في مدخل الباب أنّ البدعة لا يمكن تقسيمها إلى حسنة وسيّئة ، رغم أنّه بإمكاننا تقسيم الاُمور المستحدثة والجديدة إلى حسنة وسيّئة . وفي مجال تأسيس السنن الجيّدة ، فإنّ إبداعنا لأمر يجب أن يكون إمّا من مصاديق قانون شامل وكلّي يقبله الدين ؛ مثل: إبداع المساعدات الاجتماعيّة الجديدة والفرديّة، أمثال: التأمين والتقاعد ، وإمّا أن لا ننسبه إلى الدين وباسم الدين .
وعلى هذا الأساس ، فإذا اعتبر القائلون بجواز الأذان الثالث أنّ هذا الأذانَ كان إضافةً ضروريّةً ينبغي إضافتها للدين ، فإنّ الدين يبدو وكأنّه ناقص ولم يأخذ بنظر الاعتبار تزايد السكّان! ففي هذه الحالة يكون بدعةً وتشريعاً ، وهو حرام قطعاً .
وإذا أذعنوا إلى أنّه ليس جزءا من الدين والعبادة الكبرى المتمثّلة في صلاة الجمعة ، وأنّ بالإمكان تركه في كلّ زمان وفي كلّ مكان وإحلال وسيلة إعلام اُخرى محلّه ، فسوف لا يعود بالإمكان اعتباره بدعة . إلّا أنّه نظراً إلى انتشار الوسائل الحديثة مثل المذياع والهواتف المنبّهة فإنّ استخدام الأذان ـ الّذي هو شعار مقدّس وسماويٌّ ـ يبدو غير صحيح؛ لأنّ ذلك يستدعي الاتّهام بالبدعة والتدخّل في الاُمور التوفيقية، والحديث الوارد عن صادق آل محمّد عليهم السلام يمكن تطبيقه عليه على الأرجح.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
276

والخلفاء الذين سبقوا عثمان ، ولذا نرى أنّ بعض فقهاء أهل السنّة ـ مثل الشافعي ـ لم يستحسنه . ۱

بحث حول الأذان قبل ظهر يوم الجمعة

وفي مقابل هذا القول اعتبر معظم فقهاء الشيعة الأذانَ الثالثَ بدعةً ، واستند بعضهم إلى حديث حفص بن غياث عن الإمام الصادق عليه السلام ، حيث قال :
الأَذانُ الثّالِثُ يَومَ الجُمُعَةِ بِدعَةٌ . ۲
كما استدلّوا على رأيهم بقول ابن عمر : «الأذان الأوّل يوم الجمعة بدعة» ۳ . وكذلك قول الحسن : «النداء الأوّل يوم الجمعة الذي يكون عند خروج الإمام ، والذي قبل ذلك محدَث» . ۴
وقد وجّهت بعض الانتقادات إلى هذه الأدلّة أيضاً ، فقد اعتبر البعض سند حديث حفص ضعيفاً ، ولا يرون عمل المشهور جابراً مطلقا ، أو اعتبروا نصّه مجملاً واعتبروا المراد منه النوع المحتمل من أذان صلاة عصر يوم الجمعة على الأقلّ ، والذي يصبح النداء الثالث بعد أذان صلاة الجمعة وإقامتها . ۵
ومن الجدير بالذكر أنّ بعض فقهاء أهل السنّة لا يعتبرون الاحتجاج بقول ابن عمر قطعيّاً ، وطرحوا احتمال قراءته بنحو الاستفهام الإنكاريّ ، وعلى تقدير قراءته بنحو الإخبار فإنّهم لم يعتبروه بدعة مذمومة وإنّما عدّوه من البدع المستحسنة .
وفي هذه الحالة ، فإنّ قول «الحسن» لا يمكن الاحتجاج به أيضاً ، إلّا أنّه من وجهة نظرنا لا يمكن قبول كلا القولين .

1.تذكرة الفقهاء : ج ۴ ص ۱۰۶ ؛ الاُمّ : ج ۱ ص ۲۲۴ وراجع : الاعتصام للشاطبي : ج ۲ ص ۱۶ .

2.الكافي : ج ۳ ص ۴۲۲ ح ۵ ، تهذيب الأحكام : ج ۳ ص ۱۹ ح ۶۷ .

3.المصنّف لابن أبي شيبة : ج ۲ ص ۴۸ ح ۳ . والمقصود هنا الأوّل حسب الزمان .

4.المصنّف لابن أبي شيبة : ج ۲ ص ۴۸ ح ۱ .

5.مجمع الفائدة والبرهان : ج ۲ ص ۳۷۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 199951
الصفحه من 508
طباعه  ارسل الي