333
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7

إنّ للّهِِ عِلمَينِ : عِلمٌ مَكنونٌ مَخزونٌ لا يَعلَمُهُ إلّا هُوَ ، مِن ذلِكَ يَكونُ البَداءُ ، وعِلمٌ عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ وأنبِياءَهُ فَنَحنُ نَعلَمُهُ . ۱
ونقل في حديث آخر عنه عليه السلام :
كُلُّ أمرٍ يُريدُهُ اللّهُ فَهُوَ في عِلمِهِ قَبلَ أن يَصنَعَهُ ، ولَيسَ شَيءٌ يَبدو لَهُ إلّا وقَد كانَ في عِلمِهِ ، إنَّ اللّهَ لا يَبدو لَهُ مِن جَهلٍ . ۲
ويرى الدهلوي أنّ أحد معاني البداء، هو البداء في العلم، ويسمّيه البداء في الإخبار. حيث يقول:
يظهر من مجموع روايات الشيعة أنّ للبداء ثلاثة معان : (1) البداء في العلم وهو أن يظهر له خلاف ما علم ... . ۳
ويزعم هو وعلماء أهل السنّة الآخرون أنّه عندما يدور الحديث عن البداء في الإخبار، أو البداء في العلم، فإنّ المراد منه البداء في علم اللّه الذاتي والأزلي ، وسبب هذا الاشتباه هو أنّهم لا يفرّقون بين العلم الذاتي والعلم الفعلي ، مع أنّ علم اللّه الذاتي والأزلي، هو علم مطلق يشمل جميع ما حدث في العالم وسوف يحدث، ومن جملته البداءات والتغييرات الّتي سوف تحدث في التقديرات ، وأمّا العلم الفعلي فهو الكتاب الّذي تثبت فيه تلك التقديرات ، ويمكن أن يقال : إنّ العرش، والكرسي، واُمّ الكتاب وكتاب المحو والإثبات كلّ ذلك هو من جملة العلوم الفعليّة، أو كتب علم اللّه ، وقد سجّل في بعض هذه الكتب ـ مثل اُمّ الكتاب ـ كلّ شيء حتّى ما يحصل فيه البداء، وأمّا في كتاب المحو والإثبات فلم يسجّل إلّا بعض التقديرات ، والبداء يقع في هذا الكتاب. فعلى سبيل المثال: إذا كان المقدّر لشخص ما أن يكون

1.. راجع : ص ۳۵۲ ح ۸۳۰۱ .

2.. راجع : ص ۳۵۳ ح ۸۳۰۳ .

3.. تحفة اثنا عشرية : ص ۲۹۳ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
332

صريح حكم العقل .

عدم تعارض البداء والعلم الأزلي

الإشكال الأهمّ لمنكري البداء هو أنّه لا يتلاءم مع علم اللّه المطلق والذاتي ، يقول الغفّاري حول استناد الشيعة إلى الآية: «يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»:
كلامهم هذا باطل ؛ لأنّ المحو والإثبات بعلمه وقدرته وإرادته من غير أن يكون له بداء في شيء، وكيف يتوهّم له البداء وعنده أمُّ الكتاب وله في الأزل العلم المحيط؟ وقد بيّن اللّه تعالى في آخر الآية إنّ كلّ ما يكون منه من محو وإثبات وتغيير واقع بمشيئة ومسطور عنده في اُمِّ الكتاب . ۱
يجب أن نقول في الجواب : إنّ المقصود من البداء هو : «المحو والإثبات بعلمه وقدرته وإرادته» وإنّ ما تقولونه من أنّ : «المحو والإثبات بعلمه وقدرته وإرادته من غير أن يكون له بداء في شيء» هو جمع للنقيضين ؛ لأنّ معناه أنّ «للّه البداء من غير أن يكون له بداء في شيء»!
ومفروض كلام الغفاري أنّ مرجع البداء فيما يتعلّق باللّه هو الجهل ، لذلك يقول : «كيف يتوهّم له البداء وعنده اُمّ الكتاب وله في الأزل العلم المحيط ؟» .
في حين أنّ هذا الفرض خاطئ ومخالف لنصوص أحاديث الإماميّة الّتي نقلناها سابقا ، والتي تصرّح بأنّ البداء يصدر من العلم الإلهي المكنون المخزون ، وأنّ هذا العلم حاكم على جميع البداءات . وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام في هذا المجال:

1.. اُصول مذهب الشيعة : ج ۲ ص ۹۴۹ ـ ۹۵۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 196421
الصفحه من 508
طباعه  ارسل الي