337
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7

ب ـ معرفة النبيّ صلى الله عليه و آله والإمام عليه السلام (علم النبوّة والإمامة)

بلغت أهمّية البداء في معرفة النبي حدّا ، بحيث روي عن الإمام الرضا عليه السلام :
ما بَعَثَ اللّهُ نَبِيَّا قَطُّ إلّا بِتَحرِيمِ الخَمرِ وأن يُقِرَّ لَهُ بِالبَداءِ . ۱
فالاعتقاد بإمكانيّة البداء وقابليّة التغيير في التقديرات يمنح النبيّ الاعتقاد بقدرة اللّه المطلقة وبسط يده ، حيث يُفهمه أنّ هذه التقديرات قابلة للتغيير رغم أنّه عالم بتقديرات العالم بفضل اللّه ، وأنّ اللّه وحده هو الّذي يتمتّع بالعلم المطلق ، وبالتالي فإنّ النبيّ لا يستند إلى علمه ، بل يعتبر نفسه مرتبطا باللّه في جميع اُموره .
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام في هذا المجال :
إنّ للّهِِ عِلمَينِ : عِلمٌ مَكنونٌ مَخزونٌ لا يَعلَمُهُ إلّا هُوَ ، مِن ذلِكَ يَكونُ البَداءُ ، وعِلمٌ عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ وأنبِياءَهُ فَنَحنُ نَعلَمُهُ . ۲
بناءً على ذلك، فإنّ العلم الّذي لا يقبل التغيير هو علم اللّه المكنون المخزون الّذي لا يعلمه إلّا اللّه ، وإنّ علم الملائكة والأنبياء والأئمّة المعصومين بالمستقبل قابل للبداء ، لذلك فإنّهم لا يعتمدون على علمهم ولا يخبرون عن المستقبل بشكل مطلق، إلّا في المواضع الّتي أخبر اللّه عن عدم وقوع البداء فيها كظهور المنجي الموعود وإقامة الإمام المهدي(عج) الحكومة العالمية ، لذلك يروي لنا الإمام الباقر عليه السلام عن الإمام السجّاد عليه السلام قوله :
لَولا آيَةٌ في كِتابِ اللّهِ لَحَدَّثتُكُم بِما يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، فَقُلتُ لَهُ : أيَّةُ آيَةٍ ؟ قالَ : قَولُ اللّهِ عز و جل : «يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» . ۳

1.. التوحيد : ص ۳۳۴ .

2.. راجع : ص ۳۵۲ ح ۸۳۰۱.

3.. راجع : ص ۳۴۵ ح ۸۲۸۴ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
336

هذا فإنّ أيّ شيء ـ حتّى القضاء والقدر ـ لا يمكنه أن يحدّ من قدرة اللّه ومالكيته ويغلّ يده عن التغيير ، قال تعالى :
«وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ». ۱
وليس مراد اليهود من قولهم : «يد اللّه مغلولة» أنّ للّه يدا وأنّ يداه مغلولتان بحبل مثلاً، بل إنّهم كانوا يعتقدون بأنّ اللّه «قد فرغ من الأمر، فلا يزيد ولا ينقص» فقال اللّه ـ جلّ جلاله ـ تكذيبا لقولهم: «غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ» . ۲
وهكذا فإنّ الاعتقاد بالبداء الّذي هو الاعتقاد ببسط يد اللّه في التقديرات، هو ردّ على اعتقاد اليهود بأنّ يد اللّه مغلولة ، وإنّ الذين ينكرون البداء بمعناه الصحيح، إنّما هم في صفّ اليهود ، ومن الطريف أن نعلم أنّ بعض منكري البداء يتّهمون الشيعة بتوافقهم مع اليهود في البداء ۳ ، في حين أنّ معارضي البداء يتّفقون مع اليهود استنادا إلى الآية المتقدّمة .
ويبدو لنا أنّ أحد أسباب إنكار البداء من قبل أهل السنّة ، هو وجود جملة من الأحاديث في مصادرهم المعتبرة تدلّ على أنّ اللّه قد فرغ من القضاء والقدر ، وتنفي كلّ تغيير فيهما ، وسنجعل هذه الأحاديث في معرض البحث والتّقويم في هذا الكتاب إن شاء اللّه تعالى .

1.. المائدة : ۶۴ .

2.. راجع: التوحيد : ص ۱۶۷ .

3.. راجع : تحفة اثنا عشريّة : ج ۲ ص ۹۳۹ ح ۷۷۲ ، الشيعة والسنّة : ص ۲۳ ، بين الشيعة وأهل السنّة : ص ۱۸۲ ، اُصول مذهب الشيعة : ج ۲ ص ۹۳۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 196332
الصفحه من 508
طباعه  ارسل الي