405
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7

وروحه لم يطمئنّا إليه ، وشعرا بشكل ما بالشكّ وعدم الاطمئنان إليه . وبالطبع فإنّ علينا أن نلتفت إلى أنّ هذا الإدراك والشعور الفطريين لا يشملان التعبّديات الشرعية المحضة .

ثالثاً : العلاقة بين الدين والعقل

وأمّا الموضوع المهمّ الآخر الذي يمكن التوصّل إليه استناداً إلى مقياس الخير والشرّ من منظار الكتاب والسنّة ، فهو العلاقة بين الدين والعقل ، وانطباق أحكام الإسلام النيّرة مع منطق الفطرة والعقل ، وحاجات الإنسان الحقيقية ، وهذا المعنى يتّضح أكثر في عدد من الروايات التي جاء فيها المقياس المذكور في الإجابة على بيان أنواع المحلّلات والمحرَّمات ۱ أو الأعمال الصالحة والسيّئة ۲ ، كما تؤيّد الروايات التالية التي نقلت عن الإمام علي عليه السلام ، العلاقة بين الدين والعقل :
إنَّهُ لَم يَأمُركَ إلّا بِحَسَنٍ ولَم يَنهَكَ إلّا عَن قَبيحٍ . ۳
لَو لَم يَنهَ اللّهُ سُبحانَهُ عَن مَحارِمِهِ لَوَجَبَ أن يَجتَنِبَهَا العاقِلُ . ۴
وبطبيعة الحال فإنّه يتّضح عبر قليل من التأمّل أنّ العقل والفطرة عاجزان عن تمييز جميع مصاديق الخيرات والشرور بسبب عدم الإحاطة بجميع المصالح والمفاسد ، وهذا المعنى هو الذي يمثّل فلسفة حاجة البشر إلى الوحي ، حيث سنقدّم الإيضاحات اللازمة في هذا المجال ۵ إن شاء اللّه .

1.. راجع : ص ۴۱۰ ح ۸۴۰۰ ـ ۸۴۰۲ .

2.. راجع : ص ۴۰۹ ـ ۴۱۰ ح ۸۳۹۶ ـ ۸۳۹۹ و ص ۴۱۱ ح ۸۴۰۳.

3.. نهج البلاغة : الكتاب ۳۱ .

4.. غرر الحكم : ج ۵ ص ۱۱۷ ح ۷۵۹۵ .

5.. راجع : كتاب فلسفة الوحي والنبوّة.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
404

على التمييز ، هي مقياس الخير والشرّ من وجهة نظر الكتاب والسنّة ، ولذلك تصرّح بعض الروايات بأنّ القلب هو الحَكَم بين الخير والشرّ في القيام بالأعمال ، فقد نقل عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال :
البِرُّ ما سَكَنَت إلَيهِ النَّفسُ ، وَاطمَأَنَّ إلَيهِ القَلبُ ، وَالإِثمُ ما لَم تَسكُن إلَيهِ النَّفسُ ، ولَم يَطمَئِنَّ إلَيهِ القَلبُ ، وإن أفتاكَ المُفتونَ . ۱
وهذا الحديث يعني أنّ فطرة الإنسان النقيّة ، لا تستطيع التمييز بين «البرّ» و«الخير» فحسب ، بل إنّها تشعر بالسرور والاطمئنان على إثر القيام بهما ، وعلى العكس من ذلك ، فإنّها تشعر بالانزعاج وعدم الاطمئنان لارتكاب الفعل القبيح ، وعلى هذا الأساس فقد اعتبر اطمئنان القلب ـ في حالات الشبهة ـ على إثر أداء عمل ما ، علامة على كونه عملاً صالحاً ، وقلق القلب علامة على سوئه .

ثانياً : رأي الناس إزاء حكم الضمير

والملاحظة الاُخرى التي تستحقّ الاهتمام والتي تمّ التأكيد عليها في ذيل الرواية المذكورة وبعض الروايات الاُخرى ، هي أنّ رأي الناس إزاء حكم ضمير الإنسان لا قيمة له ، كما تشير إليه العبارة التالية من الحديث السابق :
وإن أفتاكَ المُفتونَ .
أي أنّ ضمير الإنسان يمكنه تحديد صحّة الأعمال وصلاحها ، ويصدّقها ويطمئنّ بها ويسكن إليها . كما أنّ الضمير بإمكانه أيضاً تحديد الفعل السيّء والخاطئ ، حتّى إذا اعتبره الآخرون عملاً صالحاً وحسناً وأصرّوا على ذلك ، إلّا أنّ قلب الإنسان

1.. مسند ابن حنبل : ج ۶ ص ۲۲۳ ح ۱۷۷۵۷ ، المعجم الكبير : ج ۲۲ ص ۲۱۹ ح ۵۸۵ ، مسند الشاميّين : ج ۱ ص ۴۴۴ ح ۷۸۲ كلّها عن أبي ثعلبة الخشني وليس فيهما «وإن أفتاك المفتون» .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج7
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 231120
الصفحه من 508
طباعه  ارسل الي