367
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9

ذِمَمِ آبائِكُم تَفزَعونَ ، وذِمَّةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مَحقورَةٌ !وَالعُميُ وَالبُكمُ وَالزَّمنى فِي المَدائِنِ مُهمَلَةٌ لا تَرحَمونَ ، ولا في مَنزِلَتِكُم تَعمَلونَ ، ولا مَن عَمِلَ فيها تُعينونَ ، وبِالإِدهانِ وَالمُصانَعَةِ عِندَ الظَّلَمَةِ تَأمَنونَ !
كُلُّ ذلِكَ مِمّا أمَرَكُمُ اللّهُ بِهِ مِنَ النَّهيِ وَالتَّناهي ، وأَنتُم عَنهُ غافِلونَ !
وأَنتُم أعظَمُ النّاسِ مُصيبَةً ؛ لِما غُلِبتُم عَلَيهِ مِن مَنازِلِ العُلَماءِ ، لَو كُنتُم تَشعُرونَ ! ذلِكَ بِأَنَّ مَجارِيَ الاُمورِ وَالأَحكامِ عَلى أيدِي العُلَماءِ بِاللّهِ الاُمَناءِ عَلى حَلالِهِ وحَرامِهِ ، فَأَنتُمُ المَسلوبونَ تِلكَ المَنزِلَةَ ، وما سُلِبتُم ذلِكَ إلّا بِتَفَرُّقِكُم عَنِ الحَقِّ ، وَاختِلافِكُم فِي السُّنَّةِ بَعدَ البَيِّنَةِ الواضِحَةِ !
ولَو صَبَرتُم عَلَى الأَذى وتَحَمَّلتُمُ المَؤونَةَ في ذاتِ اللّهِ ، كانَت اُمورُ اللّهِ عَلَيكُم تَرِدُ ، وعَنكُم تَصدُرُ ، وإلَيكُم تَرجِعُ ؛ ولكِنَّكُم مَكَّنتُمُ الظَّلَمَةَ مِن مَنزِلَتِكُم ، وَاستَسلَمتُم اُمورَ اللّهِ في أيديهِم ! يَعمَلونَ بِالشُّبُهاتِ ، ويَسيرونَ فِي الشَّهَواتِ ، سَلَّطَهُم عَلى ذلِكَ فِرارُكُم مِنَ المَوتِ ، وإعجابُكُم بِالحَياةِ الَّتي هِيَ مُفارِقَتُكُم ، فَأَسلَمتُمُ الضُّعَفاءَ في أيديهِم ؛ فَمِن بَينِ مُستَعبَدٍ مَقهورٍ ، وبَينِ مُستَضعَفٍ عَلى مَعيشَتِهِ مَغلوبٍ ، يَتَقَلَّبونَ فِي المُلكِ بِآرائِهِم ، ويَستَشعِرونَ الخِزيَ بِأَهوائِهِمُ ؛ اقتِداءً بِالأَشرارِ وجُرأَةً عَلَى الجَبّارِ ، في كُلِّ بَلَدٍ مِنهُم عَلى مِنبَرِهِ خَطيبٌ يَصقَعُ .
فَالأَرضُ لَهُم شاغِرَةٌ ، وأَيديهِم فيها مَبسوطَةٌ ، وَالنّاسُ لَهُم خَوَلٌ ۱ ، لا يَدفَعونَ يَدَ لامِسٍ ، فَمِن بَينِ جَبّارٍ عَنيدٍ ، وذي سَطوَةٍ عَلَى الضَّعَفَةِ شَديدٍ ، مُطاعٍ لا يَعرِفُ

1.الخَوَل : حَشَم الرجُل وأتباعه ، واحدهم خائِل (النهاية : ۲ ص ۸۸ «خول») .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
366

ما كانوا يَنالونَ مِنهُم ، ورَهبَةً مِمّا يَحذَرونَ ، وَاللّهُ يَقولُ : «فَلَا تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ»۱ ، وقالَ : «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ» . ۲
فَبَدَأَ اللّهُ بِالأَمرِ بِالمَعروفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ فَريضَةً مِنهُ ؛ لِعِلمِهِ بِأَنَّها إذا اُدِّيَت واُقيمَتِ استَقامَتِ الفَرائِضُ كُلُّها هَيِّنُها وصَعبُها ؛ وذلِكَ أنَّ الأَمرَ بِالمَعروفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ دُعاءٌ إلَى الإِسلامِ مَعَ رَدِّ المَظالِمِ ، ومُخالَفَةِ الظّالِمِ ، وقِسمَةِ الفَيءِ ، والغَنائِمِ ، وأَخذِ الصَّدَقاتِ مِن مَواضِعِها ، ووَضعِها في حَقِّها .
ثُمَّ أنتُم ، أيَّتُهَا العِصابَةُ ، عِصابَةٌ بِالعِلمِ مَشهورَةٌ ، وبِالخَيرِ مَذكورَةٌ ، وبِالنَّصيحَةِ مَعروفَةٌ ، وبِاللّهِ في أنفُسِ النّاسِ مُهابَةٌ ، يَهابُكُمُ الشَّريفُ ، ويُكرِمُكُمُ الضَّعيفُ ، ويُؤثِرُكُم مَن لا فَضلَ لَكُم عَلَيهِ ولا يَدَ لَكُم عِندَهُ ، تَشفَعونَ فِي الحَوائِجِ إذَا امتَنَعَت مِن طُلّابِها ، وتَمشونَ فِي الطَّريقِ بِهَيبَةِ المُلوكِ وكَرامَةِ الأَكابِرِ . ألَيسَ كُلُّ ذلِكَ إنَّما نِلتُموهُ بِما يُرجى عِندَكُم مِنَ القِيامِ بِحَقِّ اللّهِ وإن كُنتُم عَن أكثَرِ حَقِّهِ تُقَصِّرونَ ؟ ! فَاستَخفَفتُم بِحَقِّ الأَئِمَّةِ ، فَأَمّا حَقُّ الضُّعَفاءِ فَضَيَّعتُم ، وأَمّا حَقُّكُم بِزَعمِكُم فَطَلَبتُم . فَلا مالاً بَذَلتُموهُ ، ولا نَفساً خاطَرتُم بِها لِلَّذي خَلَقَها ، ولا عَشيرَةً عادَيتُموها في ذاتِ اللّهِ ، أنتُم تَتَمَنَّونَ عَلَى اللّهِ جَنَّتَهُ ومُجاوَرَةَ رُسُلِهِ وأَماناً مِن عَذابِهِ !
لَقَد خَشيتُ عَلَيكُم ، أيُّهَا المُتَمَنّونَ عَلَى اللّهِ ، أن تَحِلَّ بِكُم نَقِمَةٌ مِن نَقِماتِهِ ؛ لِأَنَّكُم بَلَغتُم مِن كَرامَةِ اللّهِ مَنزِلَةً فُضِّلتُم بِها ، ومَن يُعرَفُ بِاللّهِ لا تُكرِمونَ ، وأَنتُم بِاللّهِ في عِبادِهِ تُكرَمونَ ! وقَد تَرَونَ عُهودَ اللّهِ مَنقوضَةً فَلا تَفزَعونَ ، وأَنتُم لِبَعضِ

1.المائدة : ۴۴ .

2.التوبة : ۷۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 158324
الصفحه من 506
طباعه  ارسل الي