393
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9

«إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ * وَ مَا أَنتَ بِهَادِى الْعُمْىِ عَن ضَلَالَتِهِمْ» . ۱
وهكذا ، فإنّ المصابين بموت الروح بسبب كثرة الذنوب لا يمكنهم الاستفادة من عنصر التبليغ .
المسألة الجديرة بالتأمّل في هذا المجال ؛ هي أنّ الإنسان المصاب بموت الروح والفكر على أثر اقتراف الرذائل ، يدرك الحقيقة إلّا أنّه لا يتقبّلها . ومثل هذا الشخص يصفه القرآن فيقول :
«أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ » . ۲
فحينما تستحوذ النزوات على الإنسان وتصبح على شكل صنم يعبده نتيجة لتراكم الآثام على قلبه ، عند ذلك لا يكون ثمّة أمل في هدايته ؛ لا بسبب عدم معرفته للحقّ ، ولكن بسبب عدم قدرته على الامتثال للحقّ ، ومن هنا يمكن وصفه بأنّه ضالّ يعرف الطريق !
المسألة الاُخرى هي أنّ عدم جدوى التبليغ في شأن أمثال هؤلاء الناس لا يسقط المسؤوليّة التبليغيّة للمبلّغ ، والقرآن يرى أنّ المبلّغ مكلّف بإعداد خطّة تبليغيّة لمثل هذه المجموعة من الناس ، لا لأنّ هناك أملاً في هدايتهم ، بل لأجل إتمام الحجّة عليهم ؛ لكي لا يحتجّوا على اللّه عندما يذوقون وبال استغلالهم الحرّيّة الممنوحة لهم ، ويقولوا : ربّنا لولا أرسلتَ إلينا هادياً . ۳

1.النمل : ۸۰ و ۸۱ .

2.الجاثية : ۲۳ .

3.راجع : ص ۳۷۱ (إقامة الحجّة) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
392

الحاجَةُ إلَيهِ مِن قُلوبٍ عُميٍ ، وآذانٍ صُمٍّ ، وأَلسِنَةٍ بُكمٍ ، مُتَتَبِّعٌ بِدَوائِهِ مَواضِعَ الغَفلَةِ ومَواطِنَ الحَيرَةِ . ۱
وللشهيد مرتضى المطهّري ـ رضوان اللّه عليه ـ توضيح شائق حول هذا الكلام ، في ما يلي نصّه :
كانت لدى الرسول صلى الله عليه و آله أدوات ووسائل ؛ فكان في بعض المواضع يستخدم القوّة والميسم ، ويستخدم المرهم في موضع آخر ، وكان في بعض المواقف يتّبع اُسلوب الشدّة والعنف ، وفي مواضع اُخرى اُسلوب اللِّين والمرونة ، إلّا أنّه كان يجيد معرفة كلّ موضع ، فكان يستخدم هذه الأساليب في كلّ موطن لغرض توعية الناس وإيقاظهم ؛ فكان يضرب بالسيف في تلك المواطن التي يوقظ فيها الناس ، وليس في ما يفضي إلى سباتهم ، وكان يستخدم اُسلوب المداراة الأخلاقيّة في ما يكون سبباً لتوعية الناس ، وكان يستخدم السيف حينما يؤدّي إلى تبصير القلوب العمياء ، ويكون سبباً ينتهي بالآذان الصمّ إلى السماع ، وإلى شفاء الأعين العمي ، وإلى إنطاق الألسن البكم . أي إنّ جميع الأساليب التي كان يستخدمها الرسول صلى الله عليه و آله كانت من أجل إيقاظ الناس . ۲
المجموعة الثالثة : هم الذين وصل بهم التلوّث المكتسب إلى مرحلة خطيرة وغير قابلة للعلاج . والفرد في هذه المجموعة يُعتبر في مدرسة الأنبياء «ميّت الأحياء» ، ويوصف بالميّت روحيّاً وفكريّاً ؛ وذلك لأنّ صدأ الرذائل قد رانَ على أذهانهم ونفوسهم بحيث لا يستطيعون قبول الحقائق المفيدة والبنّاءة ، ومن هنا فإنّ التبليغ لا يكاد يجدي فيهم نفعاً . وهذا ما جعل القرآن يعكس هذا المعنى بقوله :
«إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ» . ۳

1.راجع : ص ۳۳۹ ح ۱۰۶۸۲.

2.تبليغ ومبلّغ در آثار شهيد مطهّري (بالفارسيّة) : ص ۱۸۶ .

3.الأنعام : ۳۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 157031
الصفحه من 506
طباعه  ارسل الي