213
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

1 . مصاديق البهتان في القرآن

رغم أن الكتاب والسنة الإسلامية اعتبرتا مطلق البهتان والنسبة الباطلة إلى الأشخاص الأبرياء ، أمراً مذموماً ، إلّا أنّ القرآن قد أشار إلى بعض الأمثلة من النسب الباطلة ، حيث يمكن أن نذكرها باعتبارها أذمّ مصاديقها :

أ ـ نسبة الإنسان ذنبه إلى شخص آخر

إن النسبة الباطلة إلى الآخرين تكون على نوعين : فقد لا يكون الباهت قد ارتكب ذلك الذنب بنفسه ، وقد يكون ارتكبه ثم تبلغ به الوقاحة إلى أن ينسبه إلى شخص آخر ، ولا شكّ أنّ النوع الثاني من البهتان أكثر مذمّةً ، ومسؤوليته أكثر فداحة ، وقد ذكر القرآن هذا النوع من البهتان كالتالي :
«وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيـ?ا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا » . ۱
ومن الملفت للنظر أنّه قد جاء في شأن نزول هذه الآية أنّ الشخص البريء كان يهوديّاً فاتُّهم بالسرقة من قبل شخص مسلم في الظاهر ، في حين أنّ المتّهم كان هو نفسه الذي ارتكب هذا الذنب . ۲

ب ـ الافتراء على زوجة النبي صلى الله عليه و آله

من المصاديق الاُخرى للبهتان ، الافتراء على إحدى زوجات النبي صلى الله عليه و آله حيث ذكره القرآن تحت عنوان «الإفك» ۳ وبرَّأ أسرة النبي صلى الله عليه و آله من هذه التهمة ونهى المسلمين

1.النساء : ۱۱۱ و ۱۱۲ .

2.راجع : ص ۲۲۴ ( أقبح البهتان ) .

3.كان منشأ هذه الشائعة هو أنّ إحدى زوجات النبي صلى الله عليه و آله كانت قد تأخّرت في إحدى الغزوات عن جيش المسلمين والتحقت بالقافلة برفقة أحد الرجال المسلمين ، فاتّهمها بعض المسلمين بالفاحشة ، وقد ذمّهم اللّه تعالى في آيات من سورة النور بشدّة ونهى عن نشر هذه الشائعة ، وقد رأى معظم المفسّرين أنّ هذه الآيات قد نزلت في عائشة ، حيث اتّهمت من قبل بعض المنافقين بزعامة عبد اللّه بن أبي سلول ، إلّا أنّ بعض الروايات وبعض التفاسير ترى أنّ هذه الآيات نزلت في مارية القبطية التي تعرّضت للافتراء من جانب عائشة (راجع : تفسير القمي : ج ۲ ص ۹۹ ، بحار الأنوار : ج ۲۲ ص ۱۵۴ ح ۱۰ ـ ۱۲) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
212

وبناءً على ذلك ، يمكن القول إنّ «البهتان» في اصطلاح الكتاب والسنّة ، أعمّ من معناه اللغوي فيما يتعلّق بنسبة الزنا أو اللواط إلى المسلم . وبعبارة أكثر وضوحاً ، فإنّ الغيبة من وجهة نظر الإسلام في هذين الموضعين تُعتبر بهتاناً نظراً إلى أنها توجّه ضربةً قاصمةً إلى كرامة الإنسان المسلم ، وتهدم كيانه الاجتماعي بشكل كامل .
جدير ذكره أنّ كلمة «البهتان» استُخدمت في القرآن الكريم ستّ مرات ۱ ، كما استُخدمت كلمات مثل «الافتراء» ۲ ، «الإفك» ۳ ، «الكذب» ۴ ، «الرمي» ۵ و«التقوّل» ۶ بمعنى البهتان في هذا الكتاب السماوي .
والملاحظة الملفتة للنظر أنّ كلمة «البهتان» في القرآن ، لم تُستخدم إلّا فيما يتعلّق بالكذب على الإنسان ، كما استخدمت مشتقات كلمة «الرمي» أربع مرات ۷ في القرآن بمعنى نسبة الكذب إلى الإنسان ، في حين أنّ كلمة «الافتراء» استعملت في الأعم الأغلب من المواضع في الكذب على اللّه تعالى ، كما استُخدمت كلمة «التقوّل» ۸ مرتين في الكذب على اللّه ، وأمّا كلمتا «الإفك» و«الكذب» ، فقد استخدمتا في القرآن في كل من الكذب على اللّه والكذب على الإنسان .
وسنورد فيما يلي توضيحاً مختصرا حول إرشادات الكتاب والسنّة الإسلامية فيما يخصّ هذا السلوك القبيح :

1.النساء : ۲۰ و ۱۱۲ و ۱۵۶ ، النور : ۱۶ ، الأحزاب : ۵۸ ، الممتحنة : ۱۲ .

2.آل عمران : ۹۴ ، النساء : ۴۸ ، الأنعام : ۲۱ و ۹۳ و ۱۳۸ و ۱۴۰ ، الأعراف : ۸۹ و ... .

3.النور : ۱۲ ، الفرقان : ۴ ، العنكبوت : ۱۷ ، سبأ : ۴۳ و ... .

4.آل عمران : ۷۵ و ۷۸ و ۹۴ و ... .

5.النساء : ۱۱۲ ، النور : ۴ و ۶ و ۲۳ .

6.الحاقة : ۴۴ ، الطور : ۳۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 120304
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي