219
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

إلا أن العلامة المجلسي رحمه الله يقول في توضيح الرواية المذكورة :
والظاهر أنّ المراد بالمباهتة إلزامهم بالحجج القاطعة وجعلهم متحيّرين لا يحيرون جوابا كما قال تعالى : «فَبُهِتَ الَّذِى كَفَرَ»۱ ، ويحتمل أن يكون من البهتان للمصلحة فإنّ كثيرا من المساوي يعدّها أكثر الناس محاسن خصوصا العقائد الباطلة ، والأوّل أظهر ، قال الجوهري : بهته بهتا أخذه بغتةً . ۲
ويبدو أنّ المراد من «باهتوهم» في الرواية المذكورة ، ليس تجويز نسبة الذنب إلى من لم يرتكبه من أهل البدع ، ذلك لأنّ مثل هذه الأعمال لا أنّها ليست في ضررهم فحسب بل إنّها ومن خلال سعيهم لإثبات براءتهم ، وإيضاح الحقيقة للناس ، ستكون وسيلة لإظهار أهل البدع أنفسهم في مظهر المظلوم وابراز عدم قيمة كلام المنتقدين ، حيث سينتهي كلّ ذلك لصالح أهل البدع .
وبناءً على ذلك ، فإنّ علينا من أجل إيضاح العبارة المذكورة ، إما أن نأخذ بالمعنى الأوّل الذي ذكره العلامة المجلسي ، أو يمكننا القول إنّ المراد من هذا البهتان هو البهتان الاصطلاحي ، لا البهتان اللغوي ؛ أي إنّ المواضع التي تكون فيها غيبة أهل الإيمان بهتاناً ، فهي لا تحمل حكم البهتان فيما يتعلّق بأصحاب البدع ، بل إنّ إظهار مخالفاتهم واجب وضروري بهدف محاربة البدعة .

1.البقرة : ۲۵۸ .

2.مرآة العقول : ج ۱۱ ص ۸۱ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
218

وثواب الصبر على البهتان عظيم إلى درجة أنّ كفّة حسنات اُولئك الذين ستعوزهم الحسنات عند الحساب يوم القيامة سترجح على كفة سيّئاتهم ، وتؤدّي إلى نجاتهم . ۱

6 . حكم توجيه البهتان إلى أهل البدعة

إنّ بعض الروايات تدلّ في الظاهر ، على أنّ توجيه البهتان إلى أهل البدع بهدف محاربتهم ، ليس أمرا جائزاً فحسب ، بل هو واجب ومطلوب ، وهذا هو نصّ الرواية المنقولة عن النبي صلى الله عليه و آله :
إذا رَأَيتُم أهلَ الرَّيبِ ۲ وَالبِدَعِ مِن بَعدي ، فَأَظهِرُوا البَراءَةَ مِنهُم ، وأَكثِروا مِن سَبِّهِم وَالقَولِ فيهِم وَالوَقيعَةِ ، وباهِتوهُم كَي لا يَطمَعوا فِي الفَسادِ فِي الإِسلامِ ويَحذَرَهُمُ النّاسُ ولا يَتَعَلَّمونَ ۳ مِن بِدَعِهِم ، يَكتُبِ اللّهُ لَكُم بِذلِكَ الحَسَناتِ ، ويَرفَع لَكُم بِهِ الدَّرَجاتِ فِي الآخِرَةِ . ۴
وقد أخذ بعض الفقهاء بدلالة هذه الرواية على جواز البهتان . ۵ يقول الشيخ الأنصاري في معرض بيانه لهذه الرواية :
[قوله باهتوهم] محمول على اتّهامهم وسوء الظنّ بهم بما يحرم اتّهام المؤمن به ، بأن يقال : لعلّه زان ، أو سارق ، وكذا إذا زاد ذكر ما ليس فيه من باب المبالغة . ويحتمل إبقاؤه على ظاهره بتجويز الكذب عليهم لأجل المصلحة ، فإنّ مصلحة تنفير الخلق عنهم أقوى من مفسدة الكذب . ۶

1.راجع : ص ۲۴۵ ح ۱۱۳۲۷.

2.الريبُ : الشّكُّ ، وقيل : هو الشكُّ مع التُهمة ( النهاية : ج ۲ ص ۲۸۶ « ريب » ) .

3.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب : «ولا يتعلّموا» كما في الطبعة الاُخرى للمصدر وبحار الأنوار .

4.الكافي : ج ۲ ص ۳۷۵ ح ۴ عن داود بن سرحان عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحارالأنوار : ج ۷۴ ص ۲۰۲ ح ۴۱ .

5.الدر المنضود للسيد الگلپايگاني : ج ۲ ص ۱۴۸ .

6.المكاسب : ج ۲ ص ۱۱۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 120182
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي