271
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

إلَيكُمُ الأَساوِدَةُ ۱ مَسيرَ أصحابِ الفيلِ ، وتُقبِلَ إلَيكُم نَصارَى العَرَبِ مِن رَبيعَةِ اليَمَنِ . فَإِذا وَصَلَتِ الأَمدادُ وارِدةً سِرُتم أنتُم في قَبائِلِكُم وسائِرِ مَن ظاهَرَكُم وبَذَلَ نَصرَهُ ومُوازَرَتَهُ لَكُم ، حَتّى تُضاهِئونَ مَن أنجَدَكُم وأَصرَخَكُم مِنَ الأَجناسِ وَالقَبائِلِ الوارِدَةِ عَلَيكُم .
فَأُمُّوا مُحَمَّدا حَتّى تَنجوا بِهِ جَميعا ، فَسَيَعتِقُ إلَيكُم وافِدا لَكُم مَن صَبا إلَيهِ مَغلوبا مَقهورا ، ويَنعَتِقُ بِهِ مَن كانَ مِنهُم في مَدَرَتِهِ مَكثورا ۲ ، فَيوشِكُ أن تَصطَلِموا ۳ حَوزَتَهُ وتُطفِئُوا جَمرَتَهُ ، ويَكونَ لَكُم بِذلِكَ الوَجهُ وَالمَكانُ فِي النّاسِ ، فَلا تَتَمالَكُ العَرَبُ حينَئِذٍ حَتّى تَتَهافَتَ دُخولاً في دينِكُم ، ثُمَّ لَتَعظُمَنَّ بيعَتُكُم هذِهِ ولَتَشرُفُنَّ حَتّى تَصيرَ كَالكَعبَةِ المَحجوجَةِ بِتِهامَةَ ، هذَا الرَّأيُ فَانتَهِزوهُ فَلا رَأيَ لَكُم بَعدَهُ .
فَأَعجَبَ القَومُ كَلامَ جَهيرِ بنِ سُراقَةَ ، ووَقَعَ مِنهُم كُلَّ مَوقِعٍ ، فَكادَ أن يَتَفَرَّقوا عَلَى العَمَلِ بِهِ ، وكانَ فيهِم رَجُلٌ مِن رَبيعَةَ بنِ نزارٍ مِن بَني قَيسِ بنِ ثَعلَبَةَ ، يُدعى حارِثَةَ بنَ أثالٍ عَلى دينِ المَسيحِ عليه السلام ، فَقامَ حارِثَةُ عَلى قَدَمَيهِ وأَقبَلَ عَلى جَهيرٍ وقالَ مُتَمَثِّلاً شِعرا :

مَتى ما تُقِد بِالباطِلِ الحَقَّ يَأبَهُوإن قُدتَ بِالحَقِّ الرَّواسِيَ تَنقَدِ۴
إذا ما أتَيتَ الأَمرَ مِن غَيرِ بابِهِضَلَلتَ وإن تَقصِد إلَى البابِ تَهتَدِ

1.الأساوِدُ : أي الجماعة المتَفَرِّقَةُ (النهاية : ج ۲ ص ۴۱۸ «سود») .

2.المَكثُور : المَغلوبُ ، وهو الذي تكاثر عليه الناس فقهروه (النهاية : ج ۴ ص ۱۵۳ «كثر») .

3.الاصطلام : الاستئصال (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۶۷ «صلم») .

4.جاء البيت الأوّل هكذا في المصدر : متى ما تقد بالباطل الحقّ بابهوإن قلت بالحقّ الرواسي ينقد وفيه تصحيف ، والتصويب من بحار الأنوار .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
270

قالَ لَهُ السَّيِّدُ : اِربَع ۱ عَلى نَفسِكَ وعَلَينا أبا سَبرَةَ ، فَإِنَّ سَلَّ السَّيفِ يَسِلُّ السَّيفَ ، وإنَّ مُحَمَّدا قَد بَخَعَت لَهُ العَرَبُ وأَعطَتهُ طاعَتَها ومَلَكَ رِجالَها وأَعِنَّتَها ، وجَرَت أحكامُهُ في أهلِ الوَبَرِ مِنهُم وَالمَدَرِ ، ورَمَقَهُ المَلِكانِ العَظيمانِ كِسرى وقَيصَرَ ، فَلا أراكُم ـ وَالرّوحِ ـ لَو نَهَدَ ۲ لَكُم إلّا وقَد تَصَدَّعَ عَنكُم مَن خَفَّ مَعَكُم مِن هذِهِ القَبائِلِ ، فَصِرتُم جُفاءً كَأَمسِ الذّاهِبِ ، أو كَلَحمٍ عَلى وَضَمٍ ۳ .
وكانَ فيهِم رَجُلٌ يُقالُ لَهُ جَهيرُ بنُ سُراقَةَ البارِقِيُّ مِن زَنادِقَةِ نَصارَى العَرَبِ ، و كانَ لَهُ مَنزِلَةٌ مِن مُلوكِ النَّصرانِيَّةِ ، وكانَ مَثواهُ بِنَجرانَ ، فَقالَ لَهُ : أبا سُعادَ ، قُل في أمرِنا وأَنجِدنا بِرَأيِكَ ، فَهذا مَجلِسٌ لَهُ ما بَعدُهُ .
فَقالَ : فَإِنّي أرى لَكُم أن تُقارِبوا مُحَمَّدا وتُطيعوهُ في بَعضِ مُلتَمَسِهِ عِندَكُم ، وَليَنطَلِق وُفودُكُم إلى مُلوكِ أهلِ مِلَّتِكُم ؛ إلَى المَلِكِ الأَكبَرِ بِالرّومِ قَيصَرَ ، وإلى مُلوكِ هذِهِ الجِلدَةِ السَّوداءِ الخَمسَةِ ؛ يَعني مُلوكَ السّودانِ : مَلِكَ النّوبَةِ ، ومَلِكَ الحَبَشَةِ ، و مَلِكَ علوه ، و مَلِكَ الرّعا ، و مَلِكَ الرّاحاتِ ومَريسَ وَالقِبطِ ـ وكُلُّ هؤُلاءِ كانوا نَصارى ـ . قالَ : وكذلك مَن ضَوى ۴ إلَى الشّامِ وحَلَّ بِها مِن مُلوكِ غَسّانَ ولَخمٍ وجُذامٍ وقُضاعَةَ ، وغَيرِهِم مِن ذَوي يُمنِكُم ، فَهُم لَكُم عَشيرَةٌ ومَوالي وأَعوانٌ ، وفِي الدّينِ إخوانٌ ـ يَعني أنَّهُم نَصارى ـ وكَذلِكَ نَصارَى الحيرَةِ مِنَ العُبّادِ وغَيرِهِم ، فَقَد صَبَت إلى دينِهِم قَبائِلُ تَغلِبَ بِنتِ وائِلٍ وغَيرِهِم مِن رَبيعَةَ بنِ نزارٍ ، لِتَسيرَ وُفودُكُم ثُمَّ لِتَخرِقَ إلَيهِمُ البِلادَ إغذاذا ۵ ، فَيَستَصرِخونَهُم لِدينِكُم فَيَستَنجِدَكُمُ الرّومُ وتَسيرَ

1.اِربع : أي إرفق بنفسك وكُفّ (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۱۲ «ربع») .

2.نَهَدَ : نهضَ وتقدّمَ (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۸۳۹ «نهد») .

3.الوَضمُ : الخَشبةُ أو البارية التي يوضع عليها اللحم تقيه من الأرض (النهاية : ج ۵ ص ۱۹۹ «وضم») .

4.ضَوى : آوى وانضَمَّ (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۱۰ «ضوا») .

5.يَغُذُّ إغذاذا : إذا أسرع في السير (النهاية : ج ۳ ص ۳۴۷ «غذذ») .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 152542
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي