283
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

وأَفلاذَ كَبِدِها ، حَتّى تَعودَ كَهَيئَتِها عَلى عَهدِ آدَمَ عليه السلام ، وتَرفَعُ عَنهُمُ المَسكَنَةَ وَالعاهاتِ في عَهدِهِ ، وَالنَّقِماتِ الَّتي كانَت تَضرِبُ بِهَا الأُمَمَ مِن قَبلُ ، وتُلقى فِي البِلادِ الأَمَنَةُ ، وتُنزَعُ حُمَةُ ۱ كُلِّ ذاتِ حُمَةٍ ، ومِخلَبُ كُلِّ ذي مِخلَبٍ ، ونابُ كُلِّ ذي نابٍ ، حَتّى أنَّ الجُوَيرِيَةَ اللُّكاعَ ۲ لَتَلعَبُ بِالأُفعُوانِ ۳ فَلا يَضُرُّها شَيئا ، وحَتّى يَكونَ الأَسَدُ فِي الباقِرِ ۴ كَأَنَّهُ راعيها ، وَالذِّئبُ فِي البُهَمِ كَأَنَّهُ رَبُّها ، ويُظهِرُ اللّهُ عَبدَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ فَيَملِكُ مَقاليدَ الأَقاليمِ إلى بَيضاءِ الصّينِ ، حَتّى لا يَكونَ عَلى عَهدِهِ فِي الأَرضِ أجمَعِها إلّا دينُ اللّهِ الحَقُّ الَّذِي ارتَضاهُ لِعِبادِهِ ، وبَعَثَ بِهِ آدَمَ بَديعَ فِطرَتِهِ ، وأَحمَدَ خاتَمِ رِسالَتِهِ ، ومَن بَينَهُما مِن أنبِيائِهِ ورُسُلِهِ .
فَلَمّا أتَى العاقِبُ عَلَى اقتِصاصِهِ ۵ هذا ، أقبَلَ عَلَيهِ حارِثَةُ مُجيبا ، فَقالَ : أشهَدُ بِاللّهِ البَديعِ ـ يا أيُّهَا النَّبيهُ الخَطيرُ وَالعَليمُ الأَثيرُ ! ـ لَقَدِ ابتَسَمَ الحَقُّ بِقَلبِكَ ، وأَشرَقَ الجَنانُ ۶ بِعَدلِ مَنطِقِكَ ، وتَنَزَّلَت كُتُبُ اللّهِ الَّتي جَعَلَها نورا في بِلادِهِ وشاهِدَةً عَلى عِبادِهِ بِمَا اقتَصَصتَ مِن سُطورِها حَقّا ، فَلَم يُخالِف طِرسٌ ۷ مِنها طِرسا ، ولا رَسمٌ مِن آياتِها رَسما ، فَما بَعدَ هذا ؟ !
قالَ العاقِبُ : فَإِنَّكَ زَعَمتَ زَعمَةَ أخا قُرَيشٍ، فَكُنتَ بِما تَأثِرُ مِن هذا حَقَّ غالِطٍ.

1.حُمَّةُ : سُمُّ كلِّ شيء يلدغ أو يلسع (المصباح المنير : ص ۱۵۴ «حمم») .

2.الجويريّة : تصغير الجارية . واللكع يطلق على الصغير ؛ أي جارية صغيرة ( راجع : النهاية : ج ۴ ص ۲۶۸ «لكع») .

3.الاُفعُوان ـ بالضمّ ـ : ذَكَر الأفاعي (النهاية : ج ۱ ص ۵۵ «أفع») .

4.الباقِرُ : جماعة البَقَرِ مع رُعاتِها (لسان العرب : ج ۴ ص ۷۳ «بقر») .

5.اقتصصت الحديث : رويته على وجهه ، وقد قصّ عليه الخبر قصصا (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۵۱ «قصص») .

6.في بحار الأنوار : «الجناب» بدل «الجنان» .

7.الطِرسُ : الصحيفة ( المصباح المنير : ص ۳۷۱ « طرس » ) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
282

لا يَبقى بِجَزيرَةِ العَرَبِ بَيتٌ إلّا وهُوَ راغِبٌ إلَيهِم أو راهِبٌ لَهُم ، ثُمَّ يُدالُ بَعدَ لَأيٍ ۱ مِنهُم ، ويَشعَثُ سُلطانُهُم حَدّا حَدّا ، وبَيتا فَبَيتا ، حَتّى تَجيءَ أمثالُ النَّغَفِ ۲ مِنَ الأَقوامِ فيهِم، ثُمَّ يَملِكُ أمرَهُم عَلَيهِم عُبَداؤُهم وقِنُّهُم، يَملِكونَ جيلاً فَجيلاً ، يَسيرونُ فِي النّاسِ بِالقَعسَرِيَّةِ ۳ خبطا خبطا ، ويَكونُ سُلطانُهُم سُلطانا عَضوضا ضَروسا ، فَتَنقُصُ الأَرضُ حينَئِذٍ مِن أطرافِها ، ويَشتَدُّ البَلاءُ وتَشتَمِلُ الآفاتُ ، حَتّى يَكونَ المَوتُ أعَزَّ مِنَ الحَياةِ الحَمراءِ ، أو أحَبَّ حينَئِذٍ إلى أحَدِهِم مِنَ الحَياةِ ، وما ذلِكَ إلّا لِما يُدهَونَ ۴ بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّاءِ ، وَالفِتنَةِ العَشواءِ .
وقُوّامُ الدّينِ يَومَئِذٍ وزُعَماؤُهُم يَومَئِذٍ اُناسٌ لَيسوا مِن أهلِهِ ، فَيَمُجُّ الدّينُ بِهِم وتَعفو آياتُهُ ، ويُدبِرُ تَوَلِّيا وإمحاقا ، فَلا يَبقى مِنهُ إلَا اسمُهُ ، حَتّى يَنعاهُ ناعيهِ ، وَالمُؤمِنُ يَومَئِذٍ غَريبٌ ، وَالدَّيّانونَ قَليلٌ ما هُم ، حَتّى يَستَأيِسُ ۵ النّاسُ مِن رَوحِ اللّهِ وفَرَجِهِ إلّا أقَلُّهُم ، وتَظُّنُّ أقوامٌ أن لَن يَنصُرَ اللّهُ رُسُلَهُ ويُحِقَّ وَعدَهُ ، فَإِذا بِهِمُ الشَّصائِبُ ۶ وَالنِّقَمُ ، واُخِذَ مِن جَميعِهِم بِالكَظمِ ، تَلافَى اللّهُ دينَهُ ، وراشَ ۷ عِبادَهُ مِن بَعدِ ما قَنَطوا بِرَجُلٍ مِن ذُرِّيَّةِ نَبِيِّهِم أحمَدَ ونَجلِهِ ، يَأتِي اللّهُ عز و جل بِهِ مِن حَيثُ لا يَشعُرونَ ، تُصَلّي عَلَيهِ السَّماواتُ وسُكّانُها ، وتَفرَحُ بِهِ الأَرضُ وما عَلَيها مِن سَوامٍ وطائِرٍ وأَنامٍ ، وتَخرُجُ لَهُ اُمُّكُم ـ يَعنِي الأَرضَ ـ بَرَكَتَها وزينَتَها ، وتُلقِي إلَيهِ كُنوزَها

1.يقال : «فعل ذلك بعد لَأيٍ» أي بعد شدّةٍ وإبطاء (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۷۸ «لأي») .

2.في المصدر : «النعف» ، والتصويب من بحار الأنوار . والنغف : دود يكون في اُنوف الإبل (النهاية : ج ۵ ص ۸۷ «نغف») .

3.القعسريّ : الصلِبُ الشديد (لسان العرب : ج ۵ ص ۱۱۰ «قعسر») .

4.في المصدر : «يدهنون» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.في المصدر : «يستأنس» ، والتصويب من بحار الأنوار .

6.الشِصبُ : الشِّدَّةُ والجدب (لسان العرب : ج ۱ ص ۴۹۵ «شصب») .

7.راش يَريشُ : أي يعينُه (النهاية : ج ۲ ص ۲۸۸ «ريش») .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 139361
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي