291
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

وعَودِهِ ، فَمِن أينَ زَعَمتُما أنَّهُ لَيسَ بِالوارِثِ الحاشِرِ ، ولَا المُرسَلِ إلى كافَّةِ البَشَرِ ؟
قالا : لَقَد عَلِمتَ وعَلِمنا ، فَما نَمتَري بِأَنَّ حُجَّةَ اللّهِ عز و جل لَم يَنتَهِ أمرُها ، وأَنَّها كَلِمَةُ اللّهِ جارِيَةٌ فِي الأَعقابِ مَا اعتَقَبَ اللَّيلُ وَالنَّهارُ وما بَقِيَ مِنَ النّاسِ شَخصانِ ، وقَد ظَنَنّا مِن قَبلُ أنَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله رَبُّها ۱ ، وأَنَّهُ القائِدُ بِزِمامِها ، فَلَمّا أعقَمَهُ اللّهُ عز و جل بِمَهلِكِ الذُّكورَةِ مِن وُلدِهِ عَلِمنا أنَّهُ لَيسَ بِهِ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدا أبتَرُ ، وحُجَّةَ اللّهِ عز و جل الباقِيَةَ ونَبِيَّهُ الخاتِمَ ـ بِشَهادَةِ كُتُبِ اللّهِ عز و جل المُنزَلَةِ ـ لَيسَ بِأَبتَرَ ، فَإِذاً هُوَ نَبِيٌّ يَأتي ويُخلَدُ بَعدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، اشتُقَّ اسمُهُ مِنِ اسمِ مُحَمَّدٍ ، وهُوَ أحمَدُ الَّذي نَبَّأَ المَسيحُ عليه السلام بِاسمِهِ وبِنُبُوَّتِهِ ورِسالاتِهِ الخاتِمَةِ ، ويَملِكُ ابنُهُ القاهِرُ الجامِعَةَ لِلنّاسِ جَميعا عَلى ناموسِ اللّهِ عز و جل الأَعظَمِ ، لَيسَ بِمَظهَرَةِ دينِهِ ولكِنَّهُ مِن ذُرِّيَّتِهِ وعَقِبِهِ ، يَملِكُ قُرَى الأَرضِ وما بَينَهُما مِن لوبٍ وسَهلٍ وصَخرٍ وبَحرٍ ، مُلكا مُوَرَّثا مُوَطَّأً ، وهذا نَبَأٌ أحاطَت سَفَرَةُ الأَناجيلِ بِهِ عِلما ، وقَد أوسَعناكَ بِهذَا القيلِ سَمعا ، وعُدنا لَكَ بِهِ آنِفَةً بَعدَ سالِفَةٍ ، فَما إربُكَ ۲ إلى تِكرارِهِ .
قالَ حارِثَةُ : قَد أعلَمُ أنّي وإيّاكُما في رَجعٍ مِنَ القَولِ مُنذُ ثَلاثٍ ؛ وما ذاكَ إلّا لِيَذكُرَ ناسٍ ويَرجِعَ فارِطٌ ۳ وتَظهَرَ لَنَا الكَلِمُ . وذَكَرتُما نَبِيَّينِ يُبعَثانِ يَعتَقِبانِ بَينَ مَسيحِ اللّهِ عز و جل وَالسّاعَةِ ؛ قُلتُما : وكِلاهُما مِن بَني إسماعيلَ ، أوَّلُهُما ۴ : مُحَمَّدٌ بِيَثرِبَ ، وثانيهِما : أحمَدُ العاقِبُ . وأَمّا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله ـ أخو قُرَيشٍ ـ هذَا القاطِنُ بِيَثرِبَ فَأَنَا به ۵

1.ربّ كلّ شيء : مالكه (الصحاح : ج ۱ ص ۱۳۰ «ربب») .

2.الإرب : الحاجة (الصحاح : ج ۱ ص ۸۷ «إرب») .

3.فرط في الأمر يفرط فرطا : أي قصّر فيه وضيّعه حتّى فات (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۴۸ «فرط») .

4.في المصدر : «أوّلهم» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.في المصدر : «فآياته» بدل «فأنا به» ، والتصويب من بحار الأنوار .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
290

فَتَفَرَّقوا عَلى إحضارِ الزّاجِرَةِ وَالجامِعَةِ مِن غَدٍ ، لِلنَّظَرِ فيهِما وَالعَمَلِ بِما يَتَراءانِ مِنهُما . فَلَمّا كانَ مِنَ الغَدِ صارَ أهلُ نَجرانَ إلى بِيعَتِهِم ؛ لِاعتِبارِ ما أجمَعَ صاحِباهُم مَعَ حارِثَةَ عَلَى اقتِباسِهِ وتَبَيُّنِهِ مِنَ الجامِعَةِ ، ولَمّا رَأَى السَّيِّدُ وَالعاقِبُ اجتِماعَ النّاسِ لِذلِكَ ، قُطِعَ بِهِما ؛ لِعِلمِهِما بِصَوابِ قَولِ حارِثَةَ ، وَاعتَرَضاهُ لِيَصُدّانِهِ عَن تَصَفُّحِ الصُّحُفِ عَلى أعيُنِ النّاسِ ، وكانا مِن شَياطينِ الإِنسِ .
فَقالَ السَّيِّدُ : إنَّكَ قَد أكثَرتَ وأَملَلتَ ، قُضَّ الحَديثَ لَنا مَعَ قَصِّهِ ۱ ، ودَعنا مِن تِبيانِهِ .
فَقالَ حارِثَةُ : وهَل هذا إلّا مِنكَ وصاحِبِكَ ؟ فَمِنَ الآنِ فَقولا ما شِئتُما .
فَقالَ العاقِبُ : ما مِن مَقالٍ إلّا قُلنا ، وسَنَعودُ فَنُخَبِّرُ بَعضَ ذلِكَ تَخبيرا ، غَيرَ كاتِمينَ للّهِِ عز و جل مِن حُجَّةٍ ، ولا جاحِدينَ لَهُ آيَةً ، ولا مُفتَرينَ مَعَ ذلِكَ عَلَى اللّهِ عز و جل لِعَبدٍ أنَّهُ مُرسَلٌ مِنهُ ولَيسَ بِرَسولِهِ ، فَنَحنُ نَعتَرِفُ ـ يا هذا ـ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أنَّهُ رَسولٌ مِنَ اللّهِ عز و جلإلى قَومِهِ مِن بَني إسماعيلَ عليه السلام ، في غَيرِ أن تَجِبَ لَهُ بِذلِكَ عَلى غَيرِهِم مِن عُربِ النّاسِ ولا أعاجِمِهم تِباعَةٌ ولا طاعَةٌ ، بِخُروجٍ لَهُ عَن مِلَّةٍ ولا دُخولٍ مَعَهُ في مِلَّةٍ ، إلَا الإِقرارَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسالَةِ إلى أعيانِ قَومِهِ ودينِهِ .
قالَ حارِثَةُ : وبِم شَهِدتُما لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالأَمرِ ؟
قالا : حَيثُ جاءَتنا فيهِ البَيِّنَةُ مِن تَباشيرِ الأَناجيلِ وَالكُتُبِ الخالِيَةِ .
فَقالَ : مُنذُ وَجَبَ هذا لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله عَلَيكُما في طَويلِ الكَلامِ وقَصيِرهِ ، وبَدئِهِ

1.هكذا وردتا في المصدر : «قضّ ... قصّه» ، وفي بحارالأنوار : «فضَّ ... فضّه» ، وفي بعض النسخ «قصّ» . والقَضّ : الكسر ، واستعمل في سرعة الإرسال . وكذلك الفَضّ فهو بمعنى الكسر أيضا ( راجع : الفائق في غريب الحديث : ج ۳ ص ۱۰۷ «قضض» و ج ۲ ص ۳۲۳ «فضض») . وأمّا القصّ فمعلوم . وعلى أيّ حال فالمراد : اقطع الحديث في هذا الأمر فقد أكثرت فيه وأمللت .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 139013
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي