293
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

الجامِعَةُ بَلَغَ ذلِكَ مِنَ السَّيِّدِ وَالعاقِبِ كُلَّ مَبلَغٍ ؛ لِعِلمِهِما بِما يَهجُمانِ عَلَيهِ في تَصَفُّحِهِما مِن دَلائِلِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وصِفَتِهِ ، وذِكرِ أهلِ بَيتِهِ وأَزواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ ، وما يَحدُثُ في اُمَّتِهِ وأَصحابِهِ مِن بَوائِقِ الاُمورِ مِن بَعدِهِ إلى فَناءِ الدُّنيا وَانقِطاعِها .
فَأَقبَلَ أحَدُهُما عَلى صاحِبِهِ فَقالَ : هذا يَومٌ ما بورِكَ لَنا في طُلوعِ شَمسِهِ ! لَقَد شَهِدَتهُ أجسامُنا وغابَت عَنهُ آراؤُنا بِحُضورِ طَغامِنا ۱ وسَفَلَتِنا ، ولَقَلَّما شَهِدَ سُفَهاءُ قَومٍ مَجمَعَةً إلّا كانَت لَهُمُ الغَلَبَةُ .
قالَ الآخَرُ : فَهُم شَرُّ غالِبٍ لِمَن غَلَبَ ، إنَّ أحَدَهُم لَيُفيقُ ۲ بِأَدنى كَلِمَةٍ ، ويَفسُدُ في بَعضِ ساعَةٍ ، ما لا يَستَطيعُ الآسِي الحَليمُ لَهُ رَتقا ، ولَا الخَوَلِيُّ ۳ النَّفيسُ إصلاحا لَهُ في حَولٍ مُحَرَّمٍ ؛ ذلِكَ لِأَنَّ السَّفيهَ هادِمٌ وَالحَليمَ بانٍ ، وشَتّانَ بَينَ البِناءِ وَالهَدمِ .
قالَ : فَانتَهَزَ حارِثَةُ الفُرصَةَ فَأَرسَلَ في خُفيَةٍ وسِرٍّ إلَى النَّفَرِ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَاستَحضَرَهُمُ استِظهارا بِمَشهَدِهِم ، فَحَضَروا ، فَلَم يَستَطِعِ الرَّجُلانِ فَضَّ ذلِكَ المَجلِسِ ولا إرجاءَهُ ، وذلِكَ لِما تَبَيَّنا ۴ مِن تَطَلُّعِ عامَّتِهِما مِن نَصارى نَجرانَ إلى مَعرِفَةِ ما تَضَّمَنَتِ الجامِعَةُ مِن صِفَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَانبِعاثِهِم ۵ لَهُ مَعَ حُضورِ رُسُلِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِذلِكَ ، وتَأليبِ حارِثَةَ عَلَيهِما فيهِ ، وصَغوِ ۶ أبي حارِثَةَ شَيخِهِم إلَيهِ .

1.في المصدر : «طغاتنا» ، والتصويب من بحار الأنوار . والطَّغام : أوغاد الناس وأرذالهم (تاج العروس : ج ۱۷ ص ۴۴۱ «طغم») .

2.في بحار الأنوار : «ليفتق» .

3.الخَوَلّيُّ : القَيِّمُ بأمر الإبل وإصلاحها ، من التخوّل : التعهّدُ وحسنُ الرعاية (النهاية : ج ۲ ص ۸۸ «خول») .

4.في المصدر : «بيّنا» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.في المصدر : «وانبعاث» ، والتصويب من بحار الأنوار .

6.صَغا إليه : مالَ ( لسان العرب : ج ۱۴ ص ۴۶۱ «صغا») .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
292

حَقٌّ مُؤمِنٌ ، أجَل وهُوَ ـ وَالمَعبودِ ـ أحمَدُ الَّذي نَبَّأَت بِهِ كُتُبُ اللّهِ عز و جل ، ودَلَّت عَلَيهِ آياتُهُ ، وهُوَ حُجَّةُ اللّهِ عز و جل ، ورَسولُهُ صلى الله عليه و آله الخاتِمُ الوارِثُ حَقّا ، ولا نُبُوَّةَ ولا رَسولَ للّهِِ عز و جلولا حُجَّةَ بَينَ ابنِ البَتولِ وَالسَّاعَةِ غَيرُهُ ، بَلى ومَن كانَ مِنهُ مِنِ ابنَتِهِ البُهلولَةِ ۱ الصِّدّيقَةِ ، فَأَنتُما بِبَلاغِ اللّهِ إلَيكُما ۲ مِن نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله في أمرٍ مُستَقَرٍّ ، ولَولَا انقِطاعِ نَسلِهِ لَمَا ارتَبتُما فيما زَعَمتُما بِهِ أنَّهُ السّابِقُ العاقِبُ ؟
قالا : أجَل ، إنَّ ذلِكَ لَمِن أكبَرِ أماراتِهِ عِندَنا .
قالَ : فَأَنتُما ـ وَاللّهِ ـ فيما تَزعُمانِ مِن نَبِيٍّ ثانٍ مِن بَعدِهِ في أمرٍ مُلتَبَسٍ ، وَالجامِعَةُ تَحكُمُ في ذلِكَ بَينَنا .
فَتَنادَى النّاسُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ ، وقالوا : الجامِعَةَ ـ يا أبا حارِثَةَ ! ـ الجامِعَةَ ؛ وذلِكَ لِما مَسَّهُم في طولِ تَحاوُرِ الثَّلاثَةِ مِنَ السَّأمَةِ وَالمَلَلِ ، وظَنَّ القَومُ مَعَ ذلِكَ أنَّ الفَلجَ ۳ لِصاحِبَيهِما لِما كانا يَدَّعِيانِ في تِلكَ المَجالِسِ مِن ذلِكَ . فَأَقبَلَ أبو حارِثَةَ إلى عِلجٍ ۴ واقِفٍ مِنهُ [أمَما] ۵ ، فَقالَ : اِمضِ يا غُلامُ فَائتِ بِها . فَجاءَ بِالجامِعَةِ يَحمِلُها عَلى رَأسِهِ وهُوَ لا يَكادُ يَتَماسَكُ بِها لِثِقَلِها .
قالَ : فَحَدَّثَني رَجُلُ صِدقٍ ۶ مِنَ النَّجرانِيَّةِ ـ مِمَّن كانَ يَلزَمُ السَّيِّدَ وَالعاقِبَ ، ويَحِفُّ لَهُما في بَعضِ اُمورِهِما ، ويَطَّلِعُ عَلى كَثيرٍ مِن شَأنِهِما ـ قالَ : لَمّا حَضَرَتِ

1.البُهلول : العزيز الجامع لكلّ خير . والبُهلول ـ أيضا ـ : الحَييّ الكريم (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۷۳ «بهل») .

2.في المصدر : «لكنّكما» ، والتصويب من بحار الأنوار .

3.الفلج : الظفر والفوز (الصحاح : ج ۱ ص ۳۳۵ «فلج») .

4.العِلجُ : الرجل القويّ الضخم (النهاية : ج ۳ ص ۲۸۶ «علج») .

5.الزيادة من بحارالأنوار .

6.رَجُلُ صِدقٍ : أي نِعمَ الرجل هو . ورَجُلٌ صَدقٌ : نقيض رَجلٌ سَوءٌ ( راجع : لسان العرب : ج ۱۰ ص ۱۹۴ «صدق» ) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 138992
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي