خَلَقتُ عِبادي لِعِبادَتي ، وأَلزَمتُهُم حُجَّتي ، ألا إنّي باعِثٌ فيهِم رُسُلي ، ومُنزِلٌ عَلَيهِم كُتُبي ، اُبرِمُ ذلِكَ مِن لَدُن أوَّلِ مَذكورٍ مِن بَشَرٍ ، إلى أحمَدَ نَبِيّي وخاتِمِ رُسُلي ، ذاكَ الَّذي أجعَلُ عَلَيهِ صَلَواتي ، وأسلُكُ في قَلبِهِ بَرَكاتي ، وبِهِ اُكمِلُ أنبِيائي ونُذُري .
قالَ آدَمُ عليه السلام : إلهي! مَن هؤُلاءِ الرُّسُلُ ؟ ومَن أحمَدُ هذَا الَّذي رَفَعتَ وشَرَّفتَ ؟
قالَ : كُلٌّ مِن ذُرِّيَّتِكَ ، وأَحمَدُ عاقِبُهُم .
قالَ : رَبِّ ! بِما أنتَ باعِثُهُم ومُرسِلُهُم ؟
قالَ : بِتَوحيدي ، ثُمَّ اُقَفّي ذلِكَ بِثَلاثِمِئَةٍ وثَلاثينَ شَريعَةً ، أنظُمُها واُكمِلُها لِأَحمَدَ جَميعا ، فَأَذِنتُ لِمَن جاءَني بِشَريعَةٍ مِنها مَعَ الإِيمانِ بي وبِرُسُلي أن اُدخِلَهُ الجَنَّةَ» .
ثُمَّ ذَكَرَ ما جُملَتُهُ أنَّ اللّهَ تَعالى عَرَضَ عَلى آدَمَ عليه السلام مَعرِفَةَ الأَنبِياءِ عليهم السلام وذُرِّيَّتِهِم ، ونَظَرَ إلَيهِم آدَمُ ، ثُمَّ قالَ ما هذا لَفظُهُ :
«ثُمَّ نَظَرَ آدَمُ عليه السلام إلى نورٍ قَد لَمَعَ فَسَدَّ الجَوَّ المُنخَرِقَ ، فَأَخَذَ بِالمَطالِعِ مِنَ المَشارِقِ ، ثُمَّ سَرى كَذلِكَ حَتّى طَبَّقَ المَغارِبَ ، ثُمَّ سَما حَتّى بَلَغَ مَلَكوتَ السَّماءِ ، فَنَظَرَ فَإِذا هُوَ نورُ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وإذَا الأَكنافُ بِهِ قَد تَضَوَّعَت طيبا ، وإذا أنوارٌ أربَعَةٌ قَدِ اكتَنَفَتَهُ عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ ومِن خَلفِهِ وأَمامِهِ ، أشبَهُ شَيءٍ بِهِ أرجا ۱ ونورا ، ويَتلوها أنوارٌ مِن بَعدِها تَستَمِدُّ مِنها ، وإذا هِيَ شَبيهَةٌ ۲ بِها في ضِيائِها وعِظَمِها ونَشرِها ، ثُمَّ دَنَت مِنها فَتَكَلَّلَت عَلَيها وحَفَّت بِها .
ونَظَرَ فَإِذا أنوارٌ مِن بَعدِ ذلِكَ في مِثلِ عَدَدِ الكَواكِبِ ، ودونَ مَنازِلِ الأَوائِلِ جِدّا