295
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

خَلَقتُ عِبادي لِعِبادَتي ، وأَلزَمتُهُم حُجَّتي ، ألا إنّي باعِثٌ فيهِم رُسُلي ، ومُنزِلٌ عَلَيهِم كُتُبي ، اُبرِمُ ذلِكَ مِن لَدُن أوَّلِ مَذكورٍ مِن بَشَرٍ ، إلى أحمَدَ نَبِيّي وخاتِمِ رُسُلي ، ذاكَ الَّذي أجعَلُ عَلَيهِ صَلَواتي ، وأسلُكُ في قَلبِهِ بَرَكاتي ، وبِهِ اُكمِلُ أنبِيائي ونُذُري .
قالَ آدَمُ عليه السلام : إلهي! مَن هؤُلاءِ الرُّسُلُ ؟ ومَن أحمَدُ هذَا الَّذي رَفَعتَ وشَرَّفتَ ؟
قالَ : كُلٌّ مِن ذُرِّيَّتِكَ ، وأَحمَدُ عاقِبُهُم .
قالَ : رَبِّ ! بِما أنتَ باعِثُهُم ومُرسِلُهُم ؟
قالَ : بِتَوحيدي ، ثُمَّ اُقَفّي ذلِكَ بِثَلاثِمِئَةٍ وثَلاثينَ شَريعَةً ، أنظُمُها واُكمِلُها لِأَحمَدَ جَميعا ، فَأَذِنتُ لِمَن جاءَني بِشَريعَةٍ مِنها مَعَ الإِيمانِ بي وبِرُسُلي أن اُدخِلَهُ الجَنَّةَ» .
ثُمَّ ذَكَرَ ما جُملَتُهُ أنَّ اللّهَ تَعالى عَرَضَ عَلى آدَمَ عليه السلام مَعرِفَةَ الأَنبِياءِ عليهم السلام وذُرِّيَّتِهِم ، ونَظَرَ إلَيهِم آدَمُ ، ثُمَّ قالَ ما هذا لَفظُهُ :
«ثُمَّ نَظَرَ آدَمُ عليه السلام إلى نورٍ قَد لَمَعَ فَسَدَّ الجَوَّ المُنخَرِقَ ، فَأَخَذَ بِالمَطالِعِ مِنَ المَشارِقِ ، ثُمَّ سَرى كَذلِكَ حَتّى طَبَّقَ المَغارِبَ ، ثُمَّ سَما حَتّى بَلَغَ مَلَكوتَ السَّماءِ ، فَنَظَرَ فَإِذا هُوَ نورُ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وإذَا الأَكنافُ بِهِ قَد تَضَوَّعَت طيبا ، وإذا أنوارٌ أربَعَةٌ قَدِ اكتَنَفَتَهُ عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ ومِن خَلفِهِ وأَمامِهِ ، أشبَهُ شَيءٍ بِهِ أرجا ۱ ونورا ، ويَتلوها أنوارٌ مِن بَعدِها تَستَمِدُّ مِنها ، وإذا هِيَ شَبيهَةٌ ۲ بِها في ضِيائِها وعِظَمِها ونَشرِها ، ثُمَّ دَنَت مِنها فَتَكَلَّلَت عَلَيها وحَفَّت بِها .
ونَظَرَ فَإِذا أنوارٌ مِن بَعدِ ذلِكَ في مِثلِ عَدَدِ الكَواكِبِ ، ودونَ مَنازِلِ الأَوائِلِ جِدّا

1.الأرج والأريج : توهّج ريح الطيب (الصحاح : ج ۱ ص ۲۹۸ «أرج») .

2.في المصدر : «شبيه» ، والتصويب من بحارالأنوار .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
294

قالَ : قالَ لي ذلِكَ الرَّجُلُ النَّجرانِيُّ : فَكانَ الرَّأيُ عِندَهُما أن يَنقادا لِما يُدهِمُهُما مِن هذَا الخَطبِ ، ولا يُظهِرانِ شِماسا ۱ مِنهُ و لا نُفورا ؛ حَذارِ أن يُطرَقا الظِّنَّة فيهِ إلَيهِما ، وأَن يَكونا أيضا أوَّلَ مُعتَبِرٍ لِلجامِعَةِ ومُستَحِثٍّ لَها ؛ لِئَلّا يُفتاتَ ۲ في شَيءٍ مِن ذاكَ المَقامِ وَالمَنزِلَةِ عَلَيهِما ، ثُمَّ يَستبينَ ۳ أنَّ الصَّوابَ فِي الحالِ ويَستَنجِدانِهِ لِيَأخُذانِ بِمَوجِبِهِ . فَتَقَدَّما لِما تَقَدَّمَ في أنفُسِهِما مِن ذلِكَ إلَى الجامِعَةِ ـ وهِيَ بَينَ يَدَي أبي حارِثَةَ ـ ، وحاذاهُما حارِثَةُ بنُ أثالٍ ، وتَطاوَلَت إلَيهِما فيهِ الأَعناقُ ، وحَفَّت رُسُلُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِهِم .
فَأَمَرَ أبو حارِثَةَ بِالجامِعَةِ فَفُتِحَ طَرَفُها ، وَاستُخرِجَ مِنها صَحيفَةُ آدَمَ الكُبرَى المُستَودَعَةُ عِلمَ مَلَكوتِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ جَلالُهُ ، وما ذَرَأَ وما بَرَأَ في أرضِهِ وسَمائِهِ ، وما وَصَلَهُما جَلَّ جَلالُهُ بِهِ مِن ذِكرِ عالَمَيهِ ؛ وهِيَ الصَّحيفَةُ الَّتي وَرِثَها شَيثٌ مِن أبيهِ آدَمَ عليه السلام ، عَمّا دَعا مِنَ الذِّكرِ المَحفوظِ . فَقَرَأَ القَومُ السَّيِّدُ وَالعاقِبُ وحارِثَةُ فِي الصَّحيفَةِ ؛ تَطَلُّبا لِما تَنازَعوا فيهِ مِن نَعتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وصِفَتِهِ ، ومَن حَضَرَهُم يَومَئِذٍ مِنَ النّاسِ إلَيهِم ، مُضِجّونَ مُرتَقِبونَ لِما يُستَدرَكُ مِن ذِكرى ذلِكَ ، فَأَلفَوا فِي المِسباحِ الثّاني مِن فَواصِلِها ۴ :
«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا الحَيُّ القَيّومُ ، مُعَقِّبُ الدُّهورِ ، وفاصِلُ الاُمورِ ، سَبَقتُ بِمَشِيَّتِي الأَسبابَ ، وذَلَّلتُ بِقُدرَتِي الصِّعابَ ، فَأَنَا العَزيزُ الحَكيمُ ، الرَّحمنُ الرَّحيمُ ، اِرحَم تُرحَم ، سَبَقَت رَحمَتي غَضَبي ، وعَفوي عُقوبَتي ،

1.شمسَ لي فلانٌ : إذا أبدى لك عداوتَه (الصحاح : ج ۳ ص ۹۴۰ «شمس») .

2.فلانٌ لا يُفتاتُ عليه : أي لا يُعمل شيءٌ دونَ أمرِه (الصحاح : ج ۱ ص ۲۶۰ «فوت») .

3.في بحار الأنوار : «يستبينان» بدل «يستبين» .

4.في المصدر : «فواصلهما» ، والتصويب من بحار الأنوار .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 138974
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي