297
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

قالَ آدَمُ عليه السلام : رَبِّ ! إنَّ الكَريمَ مَن كَرَّمتَ ، وإنَّ الشَّريفَ مَن شَرَّفتَ ، وحُقَّ ـ يا إلهي ـ لِمَن رَفَعتَ وأَعلَيتَ أن يَكونَ كَذلِكَ ، فَيا ذَا النِّعَمِ الَّتي لا تَنقَطِعُ ، وَالإِحسانِ الَّذي لا يُجازى ولا يَنفَدُ ، بِمَ بَلَغَ عِبادُكَ هؤُلاءِ العالونَ هذِهِ المَنزِلَةَ مِن شَرَفِ عَطائِكَ وعَظيمِ فَضلِكَ وحِبائِكَ ، وكَذلِكَ مَن كَرَّمتَ مِن عِبادِكَ المُرسَلينَ ؟
قالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : إنّي أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا الرَّحمنُ الرَّحيمُ العَزيزُ الحَكيمُ ، عالِمُ الغُيوبِ ومُضمَراتِ القُلوبِ ، أعلَمُ ما لَم يَكُن مِمّا يَكونُ كَيفَ يَكونُ ، وما لا يَكونُ كَيفَ لَو كانَ يَكونُ ، وإنِّي اطَّلَعتُ ـ يا عَبدي ـ في عِلمي عَلى قُلوبِ عِبادي ، فَلَم أرَ فيهِم أطوَعَ لي ولا أنصَحَ لِخَلقي مِن أنبِيائي ورُسُلي ، فَجَعَلتُ لِذلِكَ فيهِم روحي وكَلِمَتي ، وأَلزَمتُهُم عِب ءَ حُجَّتي ، وَاصطَفَيتُهُم عَلَى البَرايا بِرِسالَتي ووَحيي ۱ . ثُمَّ ألقَيتُ بِمَكانَتِهِم تِلكَ في مَنازِلِهِم حَوامَّهُم ۲ وأَوصِياءَهُم مِن بَعدِهم ۳ [فَأَلحَقتُهُم بِأَنبِيائي ورُسُلي ، وجَعَلتُهُم مِن بَعدِهِم] ۴ وَدائِعَ حُجَّتي ، وَالسّادَةَ ۵ في بَرِيَّتي ؛ لِأَجبُرَ بِهِم كَسرَ عِبادي ، واُقيمَ بِهِم أَوَدَهُم ، ذلِكَ أنّي بِهِم وبِقُلوبِهِم لَطيفٌ خَبيرٌ .
ثُمَّ اطَّلَعتُ عَلى قُلوبِ المُصطَفَينَ مِن رُسُلي ، فَلَم أجِد فيهِم أطوَعَ ولا أنصَحَ لِخَلقي مِن مُحَمَّدٍ خِيَرَتي وخالِصَتي ، فَاختَرتُهُ عَلى عِلمٍ ، ورَفَعتُ ذِكرَهُ إلى ذِكري ، ثُمَّ وَجَدتُ قُلوبَ حامَّتِهِ اللّاتي مِن بَعدِهِ عَلى صِبغَةِ قَلبِهِ ، فَأَلحَقتُهُم بِهِ ، وجَعَلتُهُم

1.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .

2.في الطبعة المعتمدة : «وولي» بدل «ووحيي» ، والتصويب من طبعة دار الكتب الإسلامية و بحار الأنوار .

3.أي قرابتهم ، من الحميم بمعنى القريب ( راجع : الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۰۵ «حمم») .

4.في الطبعة المعتمدة : «بعدي» ، وما أثبتناه من طبعة دار الكتب الإسلامية . وفي بحار الأنوار : «مِن بَعدُ» .

5.في طبعة دار الكتب الإسلامية : «والاُساةَ» .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
296

جِدّا ، وبَعضُ هذِهِ أضوَأُ مِن بَعضٍ ، وهِيَ في ذلِكَ مُتَفاوِتَةٌ ۱ جِدّا ، ثُمَّ طَلَعَ عَلَيهِ سَوادٌ كَاللَّيلِ وكَالسَّيلِ ، يَنسِلونَ مِن كُلِّ وِجهَةٍ وأَوبٍ ۲ ، فَأَقبَلوا كَذلِكَ حَتّى مَلَؤُوا القاعَ وَالأَكَمَ ، فَإِذا هُم أقبَحُ شَيءٍ صُوَرا وهَيئَةً ، وأَنتَنُهُ ريحا ، فَبَهَرَ ۳ آدَمُ عليه السلام ما رَأى مِن ذلِكَ ، وقالَ : يا عالِمَ الغُيوبِ وغافِرَ الذُّنوبِ ، ويا ذَا القُدرَةِ القاهِرَةِ وَالمَشِيَّةِ الغالِبَةِ ! مَن هذَا الخَلقُ السَّعيدُ الَّذي كَرَّمتَ ورَفَعتَ عَلَى العالَمينَ ، ومَن هذِهِ الأَنوارُ المُنيفَةُ المُكتَنِفَةُ لَهُ ؟
فَأَوحَى اللّهُ عز و جل إلَيهِ : يا آدَمُ ، هذا وهؤُلاءِ وَسيلَتُكَ ووَسيلَةُ مَن أسعَدتُ مِن خَلقي ، هؤُلاءِ السّابِقونَ المُقَرَّبونَ وَالشّافِعونَ المُشَفَّعونَ ، و هذا أحمَدُ سَيِّدُهُم وسَيِّدُ بَرِيَّتِي ، اختَرتُهُ بِعِلمي ، وَاشتَقَقتُ اسمَهُ مِن اِسمي ، فَأَنَا المَحمودُ وهُوَ مُحَمَّدٌ ، وهذا صِنوُهُ ووَصِيُّهُ ، آزَرتُهُ بِهِ ، وجَعَلتُ بَرَكاتي وتَطهيري في عَقِبِهِ ، وهذِهِ سَيِّدَةُ إمائي وَالبَقِيَّةُ في عِلمي مِن أحمَدَ نَبِيّي ، وهذانِ السِّبطانِ وَالخَلَفانِ لَهُم ، وهذِهِ الأَعيانُ المُضارِعُ ۴ نورُها أنوارَهُم بَقِيَّةٌ مِنهُم ، ألا إنَّ كُلّاً اصطَفَيتُ وطَهَّرتُ ، وعَلى كُلٍّ بارَكتُ وتَرَحَّمتُ ، فَكُلّاً بِعِلمي جَعَلتُ قُدوَةَ عِبادي ونورَ بِلادي .
ونَظَرَ فَإِذا شَبَحٌ في آخِرِهِم يَزهَرُ في ذلِكَ الصَّفيحِ كَما يَزهَرُ كَوكَبُ الصُّبحِ لِأَهلِ الدُّنيا ، فَقالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : وبِعَبدي هذَا السَّعيدِ أفُكُّ عَن عِبادِي الأَغلالَ ، وأَضَعُ عَنهُمُ الآصارَ ، وأَملَأُ أرضي بِهِ حَنانا و رَأفَةً وعَدلاً ، كَما مُلِئَت مِن قَبلِهِ قَسوَةً وقَشعَرِيَّةً وجَوراً .

1.في المصدر : «متفاوتون» ، والتصويب من بحار الأنوار .

2.في المصدر : «وأرب» ، والتصويب من بحار الأنوار .

3.البُهر ـ بالضمّ ـ : تتابع النفس ، وبالفتح المصدر ، يقال : بَهَرَه الحملُ يَبهره بهرا ؛ أي أوقع عليه البهر فانبهر ؛ أي تتابع نفسه (الصحاح : ج ۲ ص ۵۹۸ «بهر») .

4.المضارعة : المشابهة (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۴۹ «ضرع») .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 138977
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي