قالَ آدَمُ عليه السلام : رَبِّ ! إنَّ الكَريمَ مَن كَرَّمتَ ، وإنَّ الشَّريفَ مَن شَرَّفتَ ، وحُقَّ ـ يا إلهي ـ لِمَن رَفَعتَ وأَعلَيتَ أن يَكونَ كَذلِكَ ، فَيا ذَا النِّعَمِ الَّتي لا تَنقَطِعُ ، وَالإِحسانِ الَّذي لا يُجازى ولا يَنفَدُ ، بِمَ بَلَغَ عِبادُكَ هؤُلاءِ العالونَ هذِهِ المَنزِلَةَ مِن شَرَفِ عَطائِكَ وعَظيمِ فَضلِكَ وحِبائِكَ ، وكَذلِكَ مَن كَرَّمتَ مِن عِبادِكَ المُرسَلينَ ؟
قالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : إنّي أنَا اللّهُ لا إلهَ إلّا أنَا الرَّحمنُ الرَّحيمُ العَزيزُ الحَكيمُ ، عالِمُ الغُيوبِ ومُضمَراتِ القُلوبِ ، أعلَمُ ما لَم يَكُن مِمّا يَكونُ كَيفَ يَكونُ ، وما لا يَكونُ كَيفَ لَو كانَ يَكونُ ، وإنِّي اطَّلَعتُ ـ يا عَبدي ـ في عِلمي عَلى قُلوبِ عِبادي ، فَلَم أرَ فيهِم أطوَعَ لي ولا أنصَحَ لِخَلقي مِن أنبِيائي ورُسُلي ، فَجَعَلتُ لِذلِكَ فيهِم روحي وكَلِمَتي ، وأَلزَمتُهُم عِب ءَ حُجَّتي ، وَاصطَفَيتُهُم عَلَى البَرايا بِرِسالَتي ووَحيي ۱ . ثُمَّ ألقَيتُ بِمَكانَتِهِم تِلكَ في مَنازِلِهِم حَوامَّهُم ۲ وأَوصِياءَهُم مِن بَعدِهم ۳ [فَأَلحَقتُهُم بِأَنبِيائي ورُسُلي ، وجَعَلتُهُم مِن بَعدِهِم] ۴ وَدائِعَ حُجَّتي ، وَالسّادَةَ ۵ في بَرِيَّتي ؛ لِأَجبُرَ بِهِم كَسرَ عِبادي ، واُقيمَ بِهِم أَوَدَهُم ، ذلِكَ أنّي بِهِم وبِقُلوبِهِم لَطيفٌ خَبيرٌ .
ثُمَّ اطَّلَعتُ عَلى قُلوبِ المُصطَفَينَ مِن رُسُلي ، فَلَم أجِد فيهِم أطوَعَ ولا أنصَحَ لِخَلقي مِن مُحَمَّدٍ خِيَرَتي وخالِصَتي ، فَاختَرتُهُ عَلى عِلمٍ ، ورَفَعتُ ذِكرَهُ إلى ذِكري ، ثُمَّ وَجَدتُ قُلوبَ حامَّتِهِ اللّاتي مِن بَعدِهِ عَلى صِبغَةِ قَلبِهِ ، فَأَلحَقتُهُم بِهِ ، وجَعَلتُهُم
1.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .
2.في الطبعة المعتمدة : «وولي» بدل «ووحيي» ، والتصويب من طبعة دار الكتب الإسلامية و بحار الأنوار .
3.أي قرابتهم ، من الحميم بمعنى القريب ( راجع : الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۰۵ «حمم») .
4.في الطبعة المعتمدة : «بعدي» ، وما أثبتناه من طبعة دار الكتب الإسلامية . وفي بحار الأنوار : «مِن بَعدُ» .
5.في طبعة دار الكتب الإسلامية : «والاُساةَ» .