العاقِبُ الحاشِرُ ، فَبَشِّر بِهِ بَني إسرائيلَ .
قالَ عيسى عليه السلام : يا مالِكَ الدُّهورِ ، وعَلّامَ الغُيوبِ ! مَن هذَا العَبدُ الصّالِحُ الَّذي قَد أحَبَّهُ قَلبي ولَم تَرَهُ عَيني ؟
قالَ : ذلِكَ خالِصَتي ورَسولِيَ المُجاهِدُ بِيَدِهِ في سَبيلي ، يُوافِقُ قَولُهُ فِعلَهُ ، و سَريرَتُهُ عَلانِيَتَهُ ، اُنزِلُ عَلَيهِ تَوراةً حَديثَةً ، أفتَحُ بِها أعيُنا عُميا ، وآذانا صُمّا ، وقُلوبا غُلفا ، فيها يَنابيعُ العِلمِ ، وفَهمُ الحِكمَةِ ، ورَبيعُ القُلوبِ . وطوباهُ! طوبى اُمَّتَهُ !
قالَ : رَبِّ ! مَا اسمُهُ وعَلامَتُهُ ، وما أكلُ اُمَّتِهِ ـ يَقولُ : مُلكُ اُمَّتِهِ ـ وهَل لَهُ مِن بَقِيَّةٍ ـ يَعني ذُرِّيَّةً ـ ؟
قالَ : سَاُنَبِّئُكَ بِما سَأَلتَ ؛ اسمُهُ أحمَدُ صلى الله عليه و آله ، مُنتَخَبٌ مِن ذُرِّيَّةِ إبراهيمَ ، ومُصطَفىً مِن سُلالَةِ إسماعيلَ عليه السلام ، ذُو الوَجهِ الأَقمَرِ ، وَالجَبينِ الأَزهَرِ ، راكِبُ الجَمَلِ ، تَنامُ عَيناهُ ولا يَنامُ قَلبُهُ ، يَبعَثُهُ اللّهُ في اُمَّةٍ اُمِّيَّةٍ ما بَقِيَ اللَّيلُ وَالنَّهارُ ، مَولِدُهُ في بَلَدِ أبيهِ إسماعيلَ ـ يَعني مَكَّةَ ـ كَثيرُ الأَزواجِ ، قَليلُ الأَولادِ ، نَسلُهُ مِن مُبارَكَةٍ صِدّيقَةٍ ، يَكونُ لَهُ مِنهَا ابنَةٌ ، لَها فَرخانِ سَيِّدانِ يُستَشهَدانِ ، أجعَلُ نَسلَ أحمَدَ مِنهُما ، فَطوباهُما ولِمَن أحَبَّهُما ، وشَهِدَ أيّامَهُما فَنَصَرَهُما .
قالَ عيسى عليه السلام : إلهي ! وما طوبى ؟
قالَ: شَجَرَةٌ فِي الجَنَّةِ، ساقُها وأَغصانُها مِن ذَهَبٍ، ووَرَقُها حُلَلٌ ، وحَملُها كَثَديِ الأَبكارِ ، أحلى مِنَ العَسَلِ وأَليَنُ مِنَ الزَّبَدِ ، وماؤُها مِن تَسنيمٍ ۱ ، لَو أنَّ غُرابا طارَ وهُوَ فَرخٌ لَأَدرَكَهُ الهَرَمُ مِن قَبلِ أن يَقطَعهَا ، ولَيسَ مَنزِلٌ مِن مَنازِلِ أهلِ الجَنَّةِ