305
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

قالَ : ولَمَّا استَراثَ ۱ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله خَبَرَ أصحابِهِ ، أنفَذَ إلَيهِم خالِدَ بنَ الوَليدِ في خَيلٍ سَرَّحَها ۲ مَعَهُ لِمُشارَفَةِ أمرِهِم ، فَأَلفَوهُم وهُم عامِدونَ ۳ إلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
قالَ : ولَمّا دَنَوا مِنَ المَدينَةِ أحَبَّ السَّيِّدُ وَالعاقِبُ أن يُباهِيَا المُسلِمينَ وأَهلَ المَدينَةِ بِأَصحابِهِما وبِمَن حَفَّ مِن بَنِي الحارِثِ مَعَهُما ، فَاعتَرَضاهُم فَقالا : لَو كَفَفتُم صُدورَ رِكابِكُم ومَسَستُمُ الأَرضَ فَأَلقَيتُم عَنكُم تَفَثَكُم ۴ وثِيابَ سَفَرِكُم ، وشَنَنتُم ۵ عَلَيكُم مِن باقي مِياهِكُم ، كانَ ذلِكَ أمثَلَ . فَانحَدَرَ القَومُ عَنِ الرِّكابِ فَأَماطوا مِن شَعَثِهِم ، وأَلقَوا عَنهُم ثِيابَ بِذلَتِهِم ، ولَبِسوا ثِيابَ صَونِهِم مِنَ الأَتحَمِيّاتِ ۶ وَالحَريرِ ، وذَرُّوا المِسكَ في لِمَمِهِم ومَفارِقِهِم ، ثُمَّ رَكِبُوا الخَيلَ وَاعتَرَضوا بِالرِّماحِ عَلى مَناسِجِ ۷ خَيلِهِم ، وأَقبَلوا يَسيرونَ رَزدَقا ۸ واحِدا ، وكانوا مِن أجمَلِ العَرَبِ أجساما وخَلقا .
فَلَمّا تَشَرَّفَهُمُ ۹ النّاسُ أقبَلوا نَحوَهُم ، فَقالوا : ما رَأَينا وَفدا أجمَلَ مِن هؤُلاءِ !
فَأَقبَلَ القَومُ حَتّى دَخَلوا عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله في مَسجِدِهِ ، وحانَت وَقتُ صَلاتِهِم

1.في المصدر «استرات» والتصويب من بحار الأنوار . والاستراثة : الاستبطاء ، استفعل من الريث ، يقال : راث علينا خبر فلان ؛ إذا أبطأ ( راجع : النهاية : ج ۲ ص ۲۸۷ «ريث») .

2.في المصدر «سَرَجَها» وما في المتن أثبتناه من بحار الأنوار .

3.عمدت للشيء أعمدت عمدا : قصدت له (الصحاح : ج ۲ ص ۵۱۱ «عمد») .

4.التفثُ : التنظيف من الوسخ (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۲۲۶ «تفث») .

5.الشَنُّ : صبُّ الماء المنقطع (النهاية : ج ۲ ص ۵۰۷ «شنن») .

6.الأتحمّي : ضرب من البرود (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۷۷ «تحم») .

7.المنسج من الفرس : أسفل من حاركه ... وقيل : هو ما بين العرف وموضع اللبد (تاج العروس : ج ۳ ص ۴۹۸ «نسج») .

8.الرزداق : لغة في تعريب الرستاق . والرزداق السطر من النخيل ، والصفّ من الناس (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۸۱ «رزدق») .

9.في بحار الأنوار : «تَشوَّفَهم» بدل «تشرّفهم» .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
304

إلّا وظِلالُهُ فَنَنٌ ۱ مِن تِلكَ الشَّجَرَةِ» .
قالَ : فَلَمّا أتَى القَومُ عَلى دِراسَةِ ما أوحَى اللّهُ عز و جل إلَى المَسيحِ عليه السلام ، مِن نَعتِ مُحَمَّدٍ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وصِفَتِهِ ، ومُلكِ اُمَّتِهِ ، وذِكرِ ذُرِّيَّتِهِ وأَهلِ بَيتِهِ ، أمسَكَ الرَّجُلانِ مَخصومينَ ، وَانقَطَعَ التَّحاوُرُ بَينَهُم في ذلِكَ .
قالَ : فَلَمّا فَلَجَ حارِثَةُ عَلَى السَّيِّدِ وَالعاقِبِ بِالجامِعَةِ وما تَبَيَّنوهُ فِي الصُّحُفِ القَديمَةِ ، ولَم يَتِمَّ لَهُما ما قَدَّروا مِن تَحريفِها ، ولَم يُمكِنُهما أن يُلَبِّسا عَلَى النّاسِ في تَأويلِهِما ، أمسَكا عَنِ المُنازَعَةِ مِن هذَا الوَجهِ ، وعَلِما أنَّهُما قَد أخطَآ سَبيلَ الصَّوابِ ، فَصارا إلى مَعبَدِهِم آسِفينَ ، لِيَنظُرا ويَرتَئِيا . وفَزِعَ إلَيهِما نَصارى نَجرانَ ، فَسَأَلوهُما عَن رَأيهِمِا وما يَعمَلانِ في دينِهِما ، فَقالا ما مَعناهُ : تَمَسَّكوا بِدينِكُم حَتّى يُكشَفَ دينُ مُحَمَّدٍ ، وسَنَسيرُ إلى بَني قُرَيشٍ ـ إلى يَثرِبَ ـ ونَنظُرُ إلى ما جاءَ بِهِ وإلى ما يَدعو إلَيهِ .
قالَ : فَلَمّا تَجَهَّزَ السَّيِّدُ وَالعاقِبُ لِلمَسيرِ إلى رَسولِ اللّهِ بِالمَدينَةِ ، انتَدَبَ مَعَهُما أربَعَةَ عَشَرَ راكِبا مِن نَصارى نَجرانَ ، هُم مِن أكابِرِهِم فَضلاً وعِلما في أنفُسِهِم ، وسَبعونَ رَجُلاً مِن أشرافِ بَنِي الحارِثِ بنِ كَعبٍ وسادَتِهِم . قالَ : وكانَ قَيسُ بنُ الحُصينِ ذُو الغُصَّةِ ويَزيدُ بنُ عَبدِ المَدانِ بِبِلادِ حَضرَموتَ ، فَقَدِما نَجرانَ عَلى بَقِيَّةِ مَسيرِ قَومِهِم ، فَشَخَصا مَعَهُم .
فَاغتَرَزَ القَومُ في ظُهورِ مَطاياهُم ، وجَنَبوا خَيلَهُم ، وأَقبَلوا لِوُجوهِهِم حَتّى وَرَدُوا المَدينَةَ .

1.الفَنَن : الغُصنُ وما تَشَعَّبَ منه ( راجع : لسان العرب : ج ۱۳ ص ۳۲۷ «فنن») .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 138892
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي