309
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلام أمامَهُ ، وفاطِمَةُ عليهاالسلام مِن خَلفِهِم ، فَأَقبَلَ بِهِم حَتّى أتَى الشَّجَرَتَينِ فَوَقَفَ مِن بَينِهِما مِن تَحتِ الكِساءِ عَلى مِثلِ الهَيئَةِ الَّتي خَرَجَ بِها مِن حُجرَتِهِ ، فَأَرسَلَ إلَيهِما يَدعوهُما إلى ما دَعَواهُ إلَيهِ مِنَ المُباهَلَةِ .
فَأَقبَلا إلَيهِ فَقالا : بِمَن تُباهِلُنا يا أبَا القاسِمِ ؟
قالَ : بِخَيرِ أهلِ الأَرضِ وأَكرَمِهِم عَلَى اللّهِ عز و جل ، بِهؤُلاءِ . وأشارَ لَهُما إلى عَلِيٍّ و فاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم .
قالا : فَما نَراكَ جِئتَ لِمُباهَلَتِنا بِالكُبرِ ، ولا مِنَ الكُثرِ ، ولا أهلِ الشّارَةِ مِمَّن نَرى مِمَّن آمَنَ بِكَ وَاتَّبَعَكَ ، وما نَرى هاهُنا مَعَكَ إلّا هذَا الشّابَّ وَالمَرأَةَ وَالصَّبِيَّينِ ، أ فَبِهؤُلاءِ تُباهِلُنا ؟ !
قالَ صلى الله عليه و آله : نَعَم ، أوَلَم اُخبِركُم بِذلِكَ آنِفا ؟ ! نَعَم بِهؤُلاءِ اُمِرتُ ـ وَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ ـ أن اُباهِلَكُم .
فَاصفارَّت حينَئِذٍ ألوانُهُما ، وكَرّا وعادا إلى أصحابِهِما ومَوقِفِهِما . فَلَمّا رَأى أصحابُهُما ما بِهِما وما دَخَلَهُما ، قالوا : ما خَطبُكُما ؟ فَتَماسَكا وقالا : ما كانَ ثَمَّةَ مِن خَطبٍ فَنُخبِرَكُم .
وأَقبَلَ عَلَيهِم شابٌّ كانَ مِن خِيارِهِم قَد اُوتِيَ فيهِم عِلما ، فَقالَ : وَيحَكُم ! لا تَفعَلوا وَاذكُروا ما عَثَرتُم عَلَيهِ فِي الجامِعَةِ مِن صِفَتِهِ ، فَوَ اللّهِ إنَّكُم لَتَعلَمونَ حَقَّ العِلمِ أنَّهُ لَصادِقٌ ، وإنَّما عَهدُكُم بِإِخوانِكُم حَديثٌ ؛ قَد مُسِخوا قِرَدَةً وخَنازيرَ !
فَعَلِموا أنَّهُ قَد نَصَحَ لَهُم ، فَأَمسَكوا .
قالَ : وكانَ لِلمُنذِرِ بنِ عَلقَمَةَ ـ أخي أسقُفِّهِم أبي حارِثَةَ ـ حَظٌّ مِنَ العِلمِ فيهِم


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
308

ثُمَّ قاما ، وأَصحابُهُما مِنَ النَّصارى مَعَهُما ، فَلَمّا أبعَدا وقَد كانوا أنزَلوا ۱ بِالحَرَّةِ ، أقبَلَ بَعضُهُم عَلى بَعضٍ فَقالوا : قَد جاءَكُم هذا بِالفَصلِ مِن أمرِهِ وأَمرِكُم ، فَانظُروا أوَّلاً بِمَن يُباهِلُكُم ؛ أ بِكافَّةِ أتباعِهِ ، أم بِأَهلِ الكِتابِ مِن أصحابِهِ ، أو بِذَوِي التَّخَشُّعِ وَالتَّمَسُّكِ ۲ وَالصَّفوَةِ دينا ، وهُمُ القَليلُ مِنهُم عَددا ؟ فَإِن جاءَكُم بِالكَثرَةِ وذَوِي الشِّدَّةِ مِنهُم ، فَإِنَّما جاءَكُم مُباهِيا كَما يَصنَعُ المُلوكُ ، فَالفَلجُ ۳ إذا لَكُم دونَهُ ، وإن أتاكُم بنَفَرٍ قَليلٍ ذَوي تَخَشُّعٍ فَهؤُلاءِ سَجِيَّةُ ۴ الأَنبِياءِ وصَفوَتُهُم ومَوضِعُ بَهلَتِهِم ، فَإِيّاكُم وَالإِقدامَ إذا عَلى مُباهَلَتِهِم ، فَهذِهِ لَكُم أمارَةٌ ، وَانظُروا حينَئِذٍ ما تَصنَعونَ ما بَينَكُم وبَينَهُ ، فَقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ .
فَأَمَرَ صلى الله عليه و آله بِشَجَرَتَينِ فَقُصِدَتا وكُسِحَ ما بَينَهُما ، وأَمهَلَ حَتّى إذا كانَ مِنَ الغَدِ أمَرَ بِكِساءٍ أسوَدَ رَقيقٍ فَنُشِرَ عَلَى الشَّجَرَتَينِ ، فَلَمّا أبصَرَ السَّيِّدُ وَالعاقِبُ ذلِكَ خَرَجا بِوَلَدَيهِما : صِبغَةِ المُحسِنِ ، وعَبدِ المُنعِمِ ، وسارَةَ ، ومَريَمَ ، وخَرَجَ مَعَهُما نَصارى نَجرانَ ، ورَكِبَ فُرسانُ بَنِي الحارِثِ بنِ الكَعبِ في أحسَنِ هَيئَةٍ .
وأَقبَلَ النّاسُ مِن أهلِ المَدينَةِ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وغَيرِهِم مِنَ النّاسِ في قَبائِلِهِم وشِعارِهِم مِن راياتِهِم وأَلوِيَتِهِم وأَحسَنِ شارَتِهِم وهَيئَتِهِم ، لِيَنظُروا ما يَكونُ مِنَ الأَمرِ .
ولَبِثَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله في حُجرَتِهِ حَتّى مَتَعَ ۵ النَّهارُ ، ثُمَّ خَرَجَ آخِذا بِيَدِ عَلِيٍّ عليه السلام ،

1.في بحار الأنوار : «نزلوا» .

2.في بحار الأنوار : «والتمسكن» بدل «والتمسّك» .

3.فَلَجَ : ظَفَرَ بِما طَلَبَ (المصباح المنير : ص ۴۸۰ «فلج») .

4.قال العلّامة المجلسي قدس سره : والأظهر «شجنة» بالشين المعجمة والنون ، كما في بعض النسخ . قال في النهاية : «الرحم شجنة من الرحمن» ؛ أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، شبّهه بذلك مجازا واتّساعا . وأصل الشجنة ـ بالكسر والضمّ ـ : شعبة من غصن من غصون الشجرة (بحار الأنوار : ج ۲۱ ص ۳۳۵) .

5.مَتَعَ النهارُ : ارتَفَعَ (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۸۲ «متع») .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 138637
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي