311
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

حَواصِلِها ، وما عَلَيها للّهِِ عز و جل مِن تَبِعَةٍ ، لَيسَ ذلِكَ إلّا ما قَد أظَلَّ مِنَ العَذابِ ! وَانظُرا إلَى اقشِعرارِ الجِبالِ ، وإلَى الدُّخانِ المُنتَشِرِ ، وقَزَعِ السَّحابِ ، هذا ونَحنُ في حَمارَّةِ القَيظِ ۱ وإبّانِ الهَجيرِ ! وَانظُروا إلى مُحَمَّدٍ رافِعا يَدَهُ وَالأَربَعَةُ مِن أهلِهِ ۲ مَعَهُ ، إنَّما يَنتَظِرُ ما تُجيبانِ بِهِ ، ثُمَّ اعلَموا أنَّهُ إن نَطَقَ فوهُ بِكَلِمَةٍ مِن بَهلَةٍ ، لَم نَتَدارَكَ هَلاكا ، ولَم نَرجِع إلى أهلٍ ولا مالٍ .
فَنَظَرا فَأَبصَرا أمرا عَظيما ، فَأَيقَنا أنَّهُ الحَقُّ مِنَ اللّهِ تَعالى ، فَزَلزَلَت أقدامُهُما ، وكادَت أن تَطيشَ عُقولُهُما ، وَاستَشعرا أنَّ العَذابَ واقِعٌ بِهِما .
فَلَمّا أبصَرَ المُنذِرُ بنُ عَلقَمَةَ ما قَد لَقِيا مِنَ الخيفَةِ وَالرَّهبَةِ ، قالَ لَهُما : إنَّكُما إن أسلَمتُما لَهُ سَلِمتُما في عاجِلِهِ وآجِلِهِ ۳ ، وإن آثَرتُما دينَكُما وغَضارَةَ مِلَّتِكُما ۴ وشَحَحتُما بِمَنزِلَتِكُم مِنَ الشَّرَفِ في قَومِكُما ، فَلَستُ أحجُرُ عَلَيكُمَا الضَّنينَ بِما نِلتُما مِن ذلِكَ ، ولكِنَّكُما بَدَهتُما مُحَمَّدا بِتَطَلُّبِ المُباهَلَةِ ، وجَعَلتُماها حِجازا وآيَةً بَينَكُما وبَينَهُ ، وشَخَصتُما مِن نَجرانَ وذلِكَ مِن تَأَلّيكُما ، فَأَسرَعَ مُحَمَّدٌ إلى ما بَغَيتُما مِنهُ ، وَالأَنبِياءُ إذا أظهَرَت بِأَمرٍ لَم تَرجِع إلّا بِقَضائِهِ وفِعلِهِ ، فَإِذا نَكَلتُما عَن ذلِكَ ، وأَذهَلَتكُما مَخافَةُ ما تَرَيانِ ، فَالحَظُّ فِي النُّكولِ لَكُما ، فَالوَحا ۵ ـ يا إخوَتي ـ الوَحا ، صالِحا مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله وأَرضِياهُ ، ولا تُرجِئا ذلِكَ ؛ فَإِنَّكُما ـ وأَنَا مَعَكُما ـ بِمَنزِلَةِ قَومِ يونُسَ لَمّا غَشِيَهُمُ العَذابُ !
قالا : فَكُن أنتَ ـ يا أبَا المُثَنَّى ـ أنتَ الَّذي تَلقى مُحَمَّدا بِكِفالَةِ ما يَبتَغيهِ لَدَينا ،

1.حمارَّة القَيظ : أي شدّة الحَرّ (النهاية : ج ۱ ص ۴۳۹ «حمر») .

2.في المصدر «أهل» ، والتصويب من بحارالأنوار .

3.في بحار الأنوار : «في عاجلةٍ وآجلةٍ» .

4.في طبعة دار الكتب الإسلامية و بحار الأنوار : «أيكتكما» بدل «ملّتكما» .

5.الوَحا الوَحا : أي السرعة السرعة (النهاية : ج ۵ ص ۱۶۳ «وحا») .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
310

يَعرِفونَهُ لَهُ ، وكانَ نازِحا عَن نَجرانَ في وَقتِ تَنازُعِهِم ، فَقَدِمَ وقَدِ اجتَمَعَ القَومُ عَلَى الرِّحلَةِ إلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَشَخَصَ مَعَهُم ، فَلَمّا رَأَى المُنذِرُ انتِشارَ أمرِ القَومِ يَومَئِذٍ وتَرَدُّدَهُم في رَأيِهِم ، أخَذَ بِيَدِ السَّيِّدِ وَالعاقِبِ وأَقبَلَ عَلى أصحابِهِ ، فَقالَ : «أخلوني وهذَينِ» ، فَاعتَزَلَ بِهِما ثُمَّ أقبَلَ عَلَيهِما فَقالَ : إنَّ الرّائِدَ لا يَكذِبُ أهلَهُ ، [وأنَا لَكُما حَقُّ نَصيحٍ] ۱ وأَنَا لَكُما جِدُّ شَفيقٍ ، فَإِن نَظَرتُما لِأَنفُسِكُما نَجَوتُما ، وإن تَرَكتُما ذلِكَ هَلَكتُما وأَهلَكتُما .
قالا : أنتَ النّاصِحُ جَيبا ۲ ، المَأمونُ عَيبا ، فَهاتِ .
قالَ : أتَعلَمانِ أنَّهُ ما باهَلَ قَومٌ ۳ نَبِيّا قَطُّ إلّا كانَ مَهلِكُهُم كَلَمحِ البَصَرِ ، وقَد عَلِمتُما ـ وكُلُّ ذي أرِبٍ مِن وَرَثَةِ الكُتُبِ مَعَكُما ـ أنَّ مُحَمَّدا أبَا القاسِم هذا هُوَ الرَّسولُ الَّذي بَشَّرَت بِهِ الأَنبِياءُ عليهم السلام ، وأَفصَحَت بِنَعتِهِ وأَهلِ بَيتِهِ الاُمَناءُ ۴ ، واُخرى اُنذِرُكُما بِها فَلا تَعشوا عَنها .
قالا : وما هِيَ يا أبَا المُثَنّى ؟
قالَ : اُنظُرا إلَى النَّجمِ قَدِ استَطلَعَ إلَى الأَرضِ ، وإلى خُشوعِ الشَّجَرِ ، وتَساقُطِ الطَّيرِ بِإِزائِكُما لِوُجوهِها ۵ ، قَد نَشَرَت عَلَى الأَرضِ أجنِحَتَها ، وقاءَت ۶ ما في

1.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .

2.في المصدر : «الناصح حبيبا» ، والتصويب من بحار الأنوار . يقال : رجلٌ ناصحُ الجَيب : أي نقيّ الصدر ، ناصح القلب ، لا غشّ فيه (لسان العرب : ج ۲ ص ۶۱۶ «نصح») .

3.في المصدر : «يوم» بدل «قوم» ، والتصويب من بحار الأنوار .

4.في المصدر : «وأفصحت ببيعتهم وأهل بيتهم الاُمناء» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.في المصدر : «لوجوههما» ، والتصويب من بحار الأنوار .

6.في المصدر : «وفات» ، والتصويب من بحار الأنوار .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 136586
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي