317
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

آل عمران كلّها دفعة واحدة أو النزول التدريجي للآيات الثمانين والنيّف الاُولى ، على أساس ما ذكره بعض المفسّرين ، وأن نعتبر هذا التزامن قطعيّاً إلى درجة أنّه يلغي الوثائق التاريخية المعارضة؛ في حين أنّ الأمر ليس كذلك .
جدير ذكره أنّ بالإمكان أن نقول بتعدّد نزول الآية «تعالوا» مرة في السنة السادسة واُخرى خلال حادثة النجرانيّين ، أو اعتبار الآية «قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا . . .» نازلة في بداية الهجرة وأنّ المراد منها اليهود . ۱
كما يمكننا أن نجيب على استبعاد العلّامة بالقول إنّ رسائل النبي كانت موجّهة إلى ملوك البلدان القويّة والمؤثّرة في العالم آنذاك ، حيث كانت هذه المبادرة نوعاً من السلوك السياسي وفتح الساحة العالمية والعامّة لعرض رسالة الإسلام . ولذلك لم تكن هناك حاجة إلى بعث الرسائل إلى أقلية دينية داخل الجزيرة العربية باسم نصارى نجران ، وفضلاً عن ذلك ، فإنّ إرسال رسائل ذات لهجة حادّة وصارمة إلى ملوك بلاد الروم ومصر والحبشة والذين كانوا يدعمون النجرانيّين بشكل ما ، كان نذيراً لهم بما يكفي .

ب ـ السنة التاسعة للهجرة

يرى المؤرّخ والمفسر الشهير ابن كثير أنّ دخول النجرانيّين المدينة كان في السنة التاسعة من الهجرة ، وهذا ما ينسجم مع شهرة هذه السنة باسم «عام الوفود» ۲ . ويتّفق الحلبيّ والشنقيطيّ مع ابن كثير في هذه النقطة ۳ ، رغم أنّ وصول الوفود كان مستمرّاً حتى محرم من السنة الحادية عشرة أيضاً . ومما يجدر ذكره أنّنا لا نمتلك

1.السيرة الحلبية : ج ۳ ص ۲۴۴ .

2.البداية والنهاية : ج ۴ ص ۲۲۰ .

3.السيرة الحلبية : ج ۳ ص ۲۴۴ ، أضواء البيان : ج ۴ ص ۳۴۱ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
316

وتتمثّل قرائن العلّامة الطباطبائي ، في وقوع آية المباهلة في سورة آل عمران ، حيث يرى أنّها نزلت مرّة واحدة في أواسط سنوات الهجرة ، أي بعد غزوة اُحد وقبل الاستقرار التامّ للحكم في المدينة . ۱
كما يرى العلّامة الطباطبائي استناداً إلى قول بعض المفسّرين ، أنّ الآية «قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا . . .»۲ نزلت في نصارى نجران ، وبما أنّ هذه الآية تطالعنا في بعض الرسائل التي أرسلها النبي صلى الله عليه و آله إلى زعماء البلدان ، فلا بدّ أن تكون هذه الآية قد نزلت في السنة السادسة ، أو قبلها .
وقد استبعد العلّامة في الختام ، أن يكون النبيّ صلى الله عليه و آله قد بعث الكتب إلى زعماء بلدان بعيدة مثل بلاد الروم ومصر وإيران ، ثم يغضّ الطرف عن النجرانيّين الذين هم في جواره . ۳

نقد رأي العلّامة الطباطبائي

إنّ دليل العلّامة على نزول سورة آل عمران في السنوات الوسطى من الهجرة ، هو تحليل واستنباط وليس وثيقة تاريخية ، فقد استنتج من الدعوة إلى الصبر والثبات في الحرب ، وعدم الاستقرار الكامل للحكم في المدينة ، في حين أنّنا نشهد في السنتين الثامنة والتاسعة أيضاً معركة مؤتة وغزوة تبوك بسب التهديدات الخارجية ، حيث كان المسلمون بحاجة إلى الثبات .
كما أنّ القرينة الثانية تقوم على أن نؤيّد نزول الآية : «قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا...» كان بشكل متزامن مع آية المباهلة سواء على أساس نزول سورة

1.الميزان في تفسير القرآن : ج ۳ ص ۲ .

2.آل عمران : ۶۴ .

3.الميزان في تفسير القرآن : ج ۳ ص ۲۹۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 118471
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي