331
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

ثُمَّ رَدَّ المُخاطَبَةَ في أثَرِ هذِهِ إلى سائِرِ المُؤمِنينَ ، فَقالَ : «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ » 1 ؛ يَعنِي الَّذينَ قَرَنَهُم بِالكِتابِ وَالحِكمَةِ وحُسِدوا عَلَيهِما ، فَقَولُهُ عز و جل : «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَ هِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا » ؛ يَعنِي الطّاعَةَ لِلمُصطَفَينِ الطّاهِرينَ ، فَالمُلكُ هاهُنا هُوَ الطّاعَةُ لَهُم .
فَقالَتِ العُلَماءُ : فَأَخبِرنا هَل فَسَّرَ اللّهُ عز و جل الاِصطِفاءَ فِي الكِتابِ ؟
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : فَسَّرَ الاِصطِفاءَ فِي الظّاهِرِ سِوَى الباطِنِ فِي اثنَي عَشَرَ مَوطِنا ومَوضِعا ، فَأَوَّلُ ذلِكَ قَولُهُ عز و جل : «وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » 2 ورَهطَكَ 3 المُخلِصينَ ، هكَذا في قِراءَةِ اُبَيِّ بنِ كَعبٍ ، وهِيَ ثابِتَةٌ في مُصحَفِ عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعودٍ ، وهذِهِ مَنزِلَةٌ رَفيعَةٌ وفَضلٌ عَظيمٌ وشَرَفٌ عالٍ ، حينَ عَنَى اللّهُ عز و جلبِذلِكَ الآلَ ، فَذَكَرَهُ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَهذِهِ واحِدَةٌ .
وَالآيَةُ الثّانِيَةُ فِي الاصطِفاءِ قَولُهُ عز و جل : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » 4 ، وهذَا الفَضلُ الَّذي لا يَجهَلُهُ أحَدٌ إلّا مُعانِدٌ ضالٌّ ؛ لِأَنَّهُ فَضَّلَ بَعدَ طَهارَةٍ تُنتَظَرُ ، فَهذِهِ الثّانِيَةُ .
وأمَّا الثّالِثَةُ فَحينَ مَيَّزَ اللّهُ الطّاهِرينَ مِن خَلقِهِ ، فَأَمَرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله بِالمُباهَلَةِ بِهِم في آيَةِ الاِبتهِالِ ، فَقالَ عز و جل : يا مُحَمَّدُ «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى

1.الأحزاب : ۳۳ .

2.النساء : ۵۹ .

3.الشعراء : ۲۱۴ .

4.رَهطُ الرجلِ : قومه وقبيلته (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۲۸ «رهط») .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
330

بِكُم ، أضَرَبتُم عَنِ الذِّكرِ صَفحا أم أنتُم قَومٌ مُسرِفونَ ۱ ؟! أما عَلِمتُم أنَّهُ وَقَعَتِ الوِراثَةُ وَالطَّهارَةُ عَلَى المُصطَفَينِ المُهتَدينَ دونَ سائِرِهِم ؟
قالوا : ومِن أينَ يا أبَا الحَسَنِ ؟
فَقالَ : مِن قَولِ اللّهِ جَلَّ وعَزَّ : « وَ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَ إِبْرَ هِيمَ وَ جَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ »۲ ، فَصارَت وِراثَةُ النُّبُوَّةِ وَالكِتابِ لِلمُهتَدينَ دونَ الفاسِقينَ ، أما عَلِمتُم أنَّ نوحا حينَ سَأَلَ رَبَّهُ عز و جل « فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِى مِنْ أَهْلِى وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ »۳ وذلِكَ أنَّ اللّهَ عز و جل وَعَدَهُ أن يُنجِيَهُ وأَهلَهُ ، فَقالَ رَبُّهُ عز و جل : «يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْـ?لْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ »۴ ؟
فَقالَ المَأمونُ : هَل فَضَّلَ اللّهُ العِترَةَ عَلى سائِرِ النّاسِ ؟
فَقالَ أبُو الحَسَنِ عليه السلام : إنَّ اللّهَ عز و جل أبانَ فَضلَ العِترَةِ عَلى سائِرِ النّاسِ في مُحكَمِ كِتابِهِ.
فَقالَ لَهُ المَأمونُ : أينَ ذلِكَ مِن كِتابِ اللّهِ ؟
فَقالَ لَهُ الرِّضا عليه السلام : في قَولِ اللّهِ عز و جل : «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَ هِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ »۵ ، وقالَ عز و جل في مَوضِعٍ آخَرَ : «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَا ءَالَ إِبْرَ هِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا »۶ .

1.اقتباس من قوله تعالى في سورة الزخرف الآية ۵ .

2.الحديد : ۲۶ .

3.هود : ۴۵ .

4.هود : ۴۶ .

5.آل عمران : ۳۳ و ۳۴ .

6.النساء : ۵۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 118647
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي