35
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

1 . زوال الإخلاص

أوّل ركن أخلاقي لتبليغ الدين هو الإخلاص ، وهذا الركن يتزعزع بسبب طلب الأجر في مقابل التبليغ ، ويصبح المبلّغ مصداقاً لمن يصفهم الإمام عليّ عليه السلام بقوله :
يَطلُبُ الدُّنيا بِعَمَلِ الآخِرَةَ ، ولا يَطلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنيا . ۱
وهكذا ، فإنّ من كان يستطيع تحويل شؤونه الدنيويّة إلى عمل اُخروي ضمن دوافع إلهيّة خالصة ۲ ، فعندئذٍ يمكنه أن يجعل طلب الأجر على التبليغ ـ الذي يعتبر أمراً إلهيّاً ومعنويّاً ـ كوسيلة لكسب العيش وتأمين حياته المعاشيّة ، أو طلبِ الدنيا حسب تعبير الإمام عليّ عليه السلام .
وفي هذا المجال روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :
مَنِ احتاجَ النّاسُ إلَيهِ لِيُفَقِّهَهُم في دينهِم ، فَيَسأَلُهُم الاُجرَةَ ، كانَ حَقيقاً عَلَى اللّهِ أن يُدخِلَهُ نارَ جَهَنَّمَ . ۳

2 . انخفاض تأثير التبليغ

عندما يتزعزع ركن الإخلاص يتناقص تلقائيّاً تأثير التبليغ في حياة الآخرين ، حتّى يصل أحياناً إلى حدّ الصفر ، بل قد تنعكس عنه أحياناً نتائج سلبيّة ؛ وذلك لأنّ الناس يحقّ لهم عندئذٍ النظر بعين التهمة إلى كلّ من يتّخذ دين اللّه كوسيلة لضمان حياته المادّيّة ، وألّا يعتبروه ناصحاً مخلصاً لهم ، كما قال عيسى عليه السلام في هذا المعنى :

1.نهج البلاغة : الخطبة ۳۲ ، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۵ ح ۵۴ ؛ مطالب السوؤل : ص ۱۴۹ .

2.راجع : هذه الموسوعة ، عنوان (النيّة) باب (الحثّ على النيّة في كلّ شيء ) .

3.عوالي اللآلي : ج ۴ ص ۷۱ ح ۴۲ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۷۸ ح ۶۸ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
34

وأبدى مزيداً من التوضيح بهذا الصدد قائلاً :
«قُلْ مَا أَسْئلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً » . ۱
وعلى هذا الأساس ، فإنّ ما طلبه رسول الإسلام صلى الله عليه و آله كأجر على إبلاغ الرسالة إنّما هو دعوة الناس إلى السير على طريق اللّه ، الذي هو طريق القيم الدينيّة والتكامل المعنوي والمادّي للإنسان ، والذي يتجسّد في القيادة الربّانيّة ، وأهل بيت الرسول صلى الله عليه و آله الذين هم أكمل مصاديق القادة الربّانيّين . ۲
في ضوء هذه المقدّمة التي أوردناها في ما يخصّ التبليغ ، تُثار التساؤلات التالية :
1 . ما هي الحكمة الكامنة وراء تأكيد الأنبياء: على عدم قبول أجرٍ لقاء إبلاغ الرسالة ؟ وفي ضوء ما مرّ علينا من سيرة الأنبياء عليهم السلام ، هل يمكن للمبلّغين ـ الذين هم ورثتهم ـ أن يطلبوا من الناس أجراً لقاء التبليغ ؟
2 . ما حكم أخذ الأجر على التبليغ من دون طلبه ؟
3 . مع افتراض كون التبليغ مجّانياً ، فكيف يمكن توفير الحاجات الاقتصاديّة للمبلّغ ؟

أ ـ الانعكاسات السلبيّة لطلب الأجر على التبليغ

لغرض تقديم إجابة على السؤال الأوّل ، وفهم الحكمة الكامنة وراء تأكيد الأنبياء على مجّانيّة التبليغ ، يكفي أن نلقي نظرة على الانعكاسات السلبيّة لطلب الأجر في مقابل التبليغ :

1.الفرقان : ۵۷ .

2.راجع : هذه الموسوعة: ج ۶ ص ۳۸۰ (عناوين حقوقهم ) و القيادة في الإسلام: ( القسم الثاني : موقع القيادة / سبيل اللّه عز و جل ) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 118496
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي