37
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

المُعَلِّمُ لا يُعَلِّمُ بِالأَجرِ ، وَيَقبَلُ الهَدِيَّةَ إذا اُهدِيَ إلَيهِ . ۱
وروى حمزة بن حمران أيضاً ، قال : سمعت الإمام الصادق عليه السلام يقول :
مَنِ استَأكَلَ بِعِلمِهِ افتَقَرَ . فَقُلتُ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ ! إنَّ في شيعَتِكَ ومَواليكَ قَوماً يَتَحَمَّلونَ عُلومَكُم ويَبُثّونَها في شيعَتِكُم ، فَلا يَعدَمونَ عَلى ذلِكَ مِنهُمُ البِرَّ والصِّلَةَ وَالإِكرامَ . فقال : لَيسَ اُولئِكَ بِمُستَأكِلينَ . ۲
الملاحظة الجديرة بالاهتمام في هذا المجال هي أنّ أخذ الأجر على التبليغ من غير طلبه وإن لم يكن فيه بأس ، ولايتعارض مع بعض مراتب الإخلاص ، بيد أنّ تركه أولى ؛ إذ أنّ الأنبياء والأولياء الكمّل كانوا يتجنّبون استلام أيّ نوع من الأجر ، ولم يكونوا يقبلون أخذ أيّ أجر ، ليس في مقابل التبليغ فحسب ، بل في مقابل أيّ عمل اُخروي آخر كانوا يؤدّونه للّه ، حتّى في أشدّ الظروف المعيشيّة قسوةً . وقد رويت في هذا المجال قصّة شائقة جدّاً عن النبيّ موسى عليه السلام ، نوردها في ما يأتي .

قصّة تعكس إخلاص موسى عليه السلام

قبل أن يُبعث موسى عليه السلام نبيّاً ، فرَّ من الفراعنة ، وبعد مصاعب جمّة وصل إلى «مدين» ، وهي مدينة النبيّ شعيب عليه السلام . وكان على مقربة من تلك المدينة بئر اجتمع عنده الرعاة ليسقوا أغنامهم من الماء . وكان بجانب هؤلاء الرعاة بنتان جاءتا تستسقيان الماء لأغنامهما ، إلّا أنّ شدّة الزحام حال دون تقرّبهما من البئر والاستسقاء منه . وعندما شاهد موسى عليه السلام ذلك شعر أنّ البنتين بحاجة إلى العون ،

1.تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۳۶۵ ح ۱۰۴۷ ، الاستبصار : ج ۳ ص ۶۶ ح ۲۱۸ كلاهما عن جرّاح المدائنى ، وسائل الشيعة : ج ۱۲ ص ۱۱۳ ح ۲۲۲۲۸ .

2.راجع : هذه الموسوعة: ج ۹ ص ۳۲۷ ح ۱۰۶۴۵.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
36

الدّينارُ داءُ الدّينِ ، وَالعالِمُ طَبيبُ الدّينِ ؛ فَإِذا رَأَيتُمُ الطَّبيبَ يَجُرُّ الدّاءَ إلى نَفسِهِ فَاتَّهِموهُ ، وَاعلَموا أنَّهُ غَيرُ ناصِحٍ لِغَيرِهِ . ۱

3 . تحريف القيم الدينيّة

إنّ أجسم الأضرار التي تنجم عن تبليغ الدين لقاء الأجر هو تحريف القيم الدينيّة . فعندما ينزَّل التبليغ على شكل سلعة ، يميل المبلّغ إلى أخذ رغبة المخاطب بنظر الاعتبار بدلاً من النظر إلى حاجته . ومن هنا يجد نفسه مضطرّا إلى عرض سلعته وفقاً لرغبة المخاطب ، وهكذا فقد يرى من الضرورة أحياناً تحريف القيم الدينيّة في سبيل نيل أغراضه الدنيويّة .
ويعزو القرآن الكريم تحريفَ الكتب السماويّة السابقة إلى هذه الظاهرة الخطيرة ؛ وذلك لأنّ جماعة من المبلّغين وقادة الأديان حرّفوا الحقائق الدينيّة نزولاً عند رغبة أصحاب السلطة والمال لقاء ثمن بخسٍ . ۲

ب ـ أخذ الأجر على التبليغ من دون طلبه

إنّ الانعكاسات السلبيّة ـ التي سبقت الإشارة إليها ـ تظهر في الوقت الذي يتصرّف المبلّغ تصرّفا يعاكس تماما ما كان يتصرّفه الأنبياء ؛ وذلك أنّ الأنبياء كانوا يقولون : إنّنا لا نريد أجراً على التبليغ ، أمّا هو فيقول : اُريد أجرا عليه ، ويتعامل بدين اللّه كسلعة . لكن في صورة ما إذا لم يطلب المبلّغ أجراً وبادر الناس إلى تقديم الأجر له من تلقاء أنفسهم لأجل تأمين شؤونه المعاشيّة ، فلا مانع عندئذٍ من قبوله . وقد روي في هذا المجال عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :

1.الخصال : ص ۱۱۳ ح ۹۱ عن الأصبغ بن نباته عن الإمام عليّ عليه السلام ، روضة الواعظين : ص ۴۶۸ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۱۰۷ ح ۵ .

2.راجع : البقرة : ۴۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 118461
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي