النّاسِ إلَيكَ ، فَنَحنُ قَد قَطَعنَا القَريبَ وَالبَعيدَ وذَا الرَّحِمِ ، ونَشهَدُ أنَّهُ رَسولُ اللّهِ أرسَلَهُ مِن عِندِهِ لَيسَ بِكَذّابٍ ، وإنَّ ما جاءَ بِهِ لا يُشبِهُ كَلامَ البَشَرِ . وأَمّا ما ذَكَرتَ أنَّكَ لا تَطمَئِنُّ إلَينا في أمرِهِ حَتّى تَأخُذَ مَواثيقَنا ، فَهذِهِ خَصلَةٌ لا نَرُدُّها عَلى أحَدٍ أرادَها لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَخُذ ما شِئتَ .
ثُمَّ التَفَتَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ : يا رَسولَ اللّهِ ، خُذ لِنَفسِكَ ما شِئتَ وَاشتَرِط لِرَبِّكَ ما شِئتَ .
فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : أشتَرِطُ لِرَبّي عز و جل أن تَعبُدوهُ ولا تُشرِكوا بِهِ شَيئا ، ولِنَفسي أن تَمنَعوني مِمّا تَمنَعونَ مِنهُ أنفُسَكُم وأَبناءَكُم ونِساءَكُم .
قالوا : فَذلِكَ لَكَ يا رَسولَ اللّهِ . ۱
۱۱۳۷۶.السيرة النبويّة لابن هشام عن كعب بن مالكـ وكانَ مِمَّن شَهِدَ العَقَبَةَ وبايَعَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِها ـ :خَرَجنا إلَى الحَجِّ ، وواعَدَنا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله العَقَبَةَ مِن أوسَطِ أيّامِ التَّشريقِ ، فَلَمّا فَرَغنا مِنَ الحَجِّ ، وكانَتِ اللَّيلَةُ الَّتي واعَدَنا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَها ، ومَعَنا عَبدُ اللّهِ بنُ عَمرِو بنِ حَرامٍ أبو جابِرٍ ؛ سَيِّدٌ مِن ساداتِنا ، وشَريفٌ مِن أشرافِنا أخَذناهُ
مَعَنا ، وكُنّا نَكتُمُ مَن مَعَنا مِن قَومِنا مِنَ المُشرِكينَ أمرَنا ، فَكَلَّمناهُ وقُلنا لَهُ : يا أبا جابِرٍ ، إنَّكَ سَيِّدٌ مِن ساداتِنا وشَريفٌ مِن أشرافِنا ، وإنّا نَرغَبُ بِكَ عَمّا أنتَ فيهِ أن تَكونَ حَطَبا لِلنّارِ غَدا . ثُمَّ دَعَوناهُ إلَى الإِسلامِ ، وأَخبَرناهُ بِميعادِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله إيّانَا العَقَبَةَ . قالَ : فَأَسلَمَ وشَهِدَ مَعَنَا العَقَبَةَ ، وكانَ نَقيبا .
قالَ : فَنِمنا تِلكَ اللَّيلَةَ مَعَ قَومِنا في رِحالِنا ، حَتّى إذا مَضى ثُلُثُ اللَّيلِ خَرَجنا مِن رِحالِنا لِميعادِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، نَتَسَلَّلُ تَسَلُّلَ القَطا مُستخَفينَ ، حَتَّى اجتَمَعنا فِي الشِّعبِ عِندَ العَقَبَةِ ، ونَحنُ ثَلاثَةٌ وسَبعونَ رَجُلاً ، ومَعَنَا امرَأَتانِ مِن نِسائِنا : نُسَيبَةُ