99
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10

أصعب بمرات من النجاح في البلاء بسبب المصيبة ، فما أكثر الأشخاص الذين قاوموا في الابتلاء بالمصاعب وخرجوا مرفوعي الرؤوس وانتصروا ، لكنّهم فشلوا في الابتلاء بالنعمة والسلطة والرئاسة . وقد كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يتوقّع أن يفشل المسلمون في صدر الإسلام في اختبار النعمة والسلطة بعد ما قاوموا ونجحوا في اختبار المصاعب ، ولذلك فقد جاء في رواية يخاطبهم فيها :
فَوَاللّهِ لَا الفَقرَ أخشى عَلَيكُم ، ولكِن أخشى عَلَيكُم أن تُبسَطَ عَلَيكُمُ الدُّنيا ، كَما بُسِطَت عَلى مَن كانَ قَبلَكُم ، فَتَنافَسوها كَما تَنافَسوها ، وتُهلِكُكُم كَما أهلَكَتهُم . ۱
وقد تحقق تنبّؤ النبيّ صلى الله عليه و آله هذا بعد رحيله ، حيث نجد الخليفة الثاني للمجتمع الإسلامي بعد النبيّ صلى الله عليه و آله يعترف بذلك صراحة فيقول :
بُلينا بِالضَّرّاءِ فَصَبَرنا ، وبُلينا بِالسَّرّاءِ فَلَم نَصبِر . ۲
وأحداث صدر الإسلام بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، تشهد بصحة هذا الكلام ، ومن البديهي أن هذا الموضوع لا يقتصر على مسلمي صدر الإسلام ، بل يمكننا أن نقدم أمثلة عليه في جميع عصور التاريخ ومن جملتها تاريخ الثورة الإسلامية في إيران .
ونقدم الآن نصوص الآيات والروايات التي استخدمت كلمة «البلاء» أو الكلمات المرادفة لها بمعنى الاختبار في خمسة فصول . وممّا يجدر ذكره أنّ المواضع التي استخدمت فيها هذه الكلمات بمعنى المصيبة والشرور سوف تأتي بالتفصيل في العناوين الخاصة بها إن شاء اللّه .

1.صحيح البخاري : ج ۳ ص ۱۱۵۲ ح ۲۹۸۸ وج ۴ ص ۱۴۷۳ ح ۳۷۹۱ ، صحيح مسلم : ج ۴ ص ۲۲۷۴ ح ۶ ، سنن ابن ماجة : ج ۲ ص ۱۳۲۴ ح ۳۹۹۷ ، مسند ابن حنبل : ج ۶ ص ۱۰۵ ح ۱۷۲۳۴ ، السنن الكبرى : ج ۹ ص ۳۲۰ ح ۱۸۶۵۸ وفيهما «تلهيكم كما ألهتهم» بدل «تهلككم كما أهلكتهم» .

2.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۱۴۵ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
98

هذا الأساس ، فإن «البلاء» قد يكون جميلاً وقد يكون قبيحاً ولكن «النقمة» قبيحة دائماً .

بيان جمال البلاء وقبحه

ومما يلفت النظر أن جمال «البلاء» وقبحه ، أو خير البلاء وشرّه ، ظاهريّان ومؤقتان ، ولا يكونان واقعيين ودائميين إلّا عندما ينجح الإنسان في الاختبار الإلهي ، أو يفشل . وبعبارة اُخرى : فإنّ الصحة والثروة والنعم الإلهية الاُخرى لا تكون خيراً للإنسان إلّا إذا استغلّها لسعادته وراحته الدائمتين ، كما أنّ المرض والمسكنة والشدائد والمصائب الاُخرى في الحياة لا تكون شرّاً حقيقيّاً ودائميّاً للإنسان ، إلا إذا أدّت إلى الانحراف العقائدي والأرجاس الأخلاقية والعملية . وأمّا إذا أدت الصحة والثروة إلى الانحراف والتلوّث ، فإنّهما تكونان شراً حقيقياً ودائمياً ، ولو أدّى البؤس والمرض إلى الوقاية من الانحراف والتلوث ، أو الإقلاع عنهما ، فإنّهما يكونان خيراً حقيقيّاً ، ولذلك فقد جاء في رواية عن الإمام العسكري عليه السلام :
ما مِن بَلِيَّةٍ إلّا وللّهِِ فيها نِعمَةٌ تُحيطُ بِها . ۱
وجاء في رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام :
إنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ أنعَمَ عَلى قَومٍ بِالمَواهِبِ فَلَم يَشكُروا ، فَصارَت عَلَيهِم وَبالاً ، وَابتَلى قَوما بِالمَصائِبِ فَصَبَروا ، فَصارَت عَلَيهِم نِعمَةً . ۲
وعلى هذا الأساس ، فإن الابتلاءُ بمشاكل الحياة الصعبة وتحقيق النجاح فيها ليس وحده أمرا عسيرا ، بل قد يكون النجاح في الابتلاء بواسطة النعمة والرفاهية

1.تحف العقول : ص ۴۸۹ ، بحارالأنوار : ج ۷۸ ص ۳۷۴ ح ۳۴ . وراجع : هذه الموسوعة : البلاء / نعمة البلاء .

2.تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۳۷۷ ح ۲۲۲ ، الأمالي للصدوق : ص ۳۷۹ ح ۴۷۹ ، تحف العقول : ص ۳۵۹ ، بحار الأنوار : ج ۷۱ ص ۴۱ ح ۳۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج10
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 118491
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي