برادری - صفحه 174

الفصل السادس : صفات أفضل الإخوان في اللّه

۲۳۳.الإمام عليّ عليه السلامـ عِندَ ما قامَ إلَيهِ رَجُلٌ مِن أصحابِهِ فَقالَ : نَهيتَنا عَنِ الحُكومَةِ ثُمَّ أمَرتَنا بِها ، فَلَم نَدرِ أيُّ الأَمرَينِ أرشَدُ؟ فَصَفقَ عليه السلام إحدى يَدَيهِ عَلَى الاُخرى ـ :أينَ القَومُ الَّذينَ دُعوا إلَى الإِسلامِ فَقَبِلوهُ ، وقَرَؤُوا القُرآنَ فَأَحكَموهُ ، وهيجوا إلَى الجِهاد فَوَلِهوا وَلَهَ اللِّقاحِ ۱ إلى أولادِها ، وسَلَبُوا السُّيوفَ أغمادَها ، وأخَذوا بِأَطرافِ الأَرضِ زَحفا زَحفا، وصَفّا صَفّا، بَعضٌ هَلَكَ وبَعضٌ نَجا ، لا يُبَشَّرونَ بِالأَحياءِ ، ولا يُعزَّونَ عَنِ المَوتى (القَتلى)، مُرهُ ۲ العُيونِ مِنَ البُكاءِ ، خُمصُ ۳ البُطونِ مِنَ الصِّيامِ، ذُبُلُ الشِّفاهِ مِنَ الدُّعاءِ ، صُفرُ الأَلوانِ مِن السَّهَرِ ، عَلى وُجوهِهِم غَبَرَةُ الخاشِعينَ، اُولئِكَ إخوانِيَ الذّاهِبونَ ، فَحَقَّ لَنا أن نَظمَأ إلَيهِم ونَعَضَّ الأَيدِيَ عَلى فِراقِهِم. ۴

۲۳۴.نهج البلاغة :رُوِيَ عَن نَوفٍ البِكالِيِّ قالَ : خَطَبَنا بِهذِهِ الخُطبَةِ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيٌّ عليه السلام بِالكوفَةِ وهُوَ قائِمٌ عَلى حِجارَةٍ ، نَصَبَها لَهُ جَعدَةُ بنُ هُبَيرَةَ المَخزومِي ،
وعَلَيهِ مِدرَعَةٌ مِن صوفٍ ، وحَمائِلُ سَيفِهِ ليفٌ ، وفي رِجلَيهِ نَعلانِ مِن ليفٍ ، وفي جَبينِهِ ثَفِنَةٌ ۵ مِن أثَرِ السُّجودِ ... قالَ عليه السلام :
ألا إنَّهُ قَد أدبَرَ مِنَ الدُّنيا ماكانَ مُقبِلاً ، وأقبَلَ مِنها ماكانَ مُدبِرا ، وأزمَعَ ۶ التَّرحالَ عِبادُ اللّهِ الأَخيارُ ، وباعوا قَليلاً مِنَ الدُّنيا لا يَبقى بِكَثيرٍ مِنَ الآخِرَةِ لا يَفنى .
ما ضَرَّ إخوانَنَا الَّذينَ سُفِكت دِماؤُهُم ـ وهُم بِصِفِّينَ ـ ألّا يَكونوا اليَومَ أحياءً يُسيغُون الغُصَصَ ويَشرَبونَ الرَّنقَ ۷ ؟ قَد ـ وَاللّهِ ـ لَقُوا اللّهَ فَوَفّاهُم اُجورَهُم وأحَلَّهُم دارَ الأَمنِ بَعدَ خَوفِهِم .
أينَ إخوانِيَ الَّذينَ رَكِبُوا الطَّريقَ ومَضَوا عَلَى الحَقِّ؟ أينَ عَمّار؟ وأينَ ابنُ التَّيِّهان ۸ ؟ وأينَ ذُوالشَّهادَتَين ۹ ؟ وأينَ نُظَراؤُهُم مِن إخوانِهِم ؛ الَّذينَ تَعاقَدوا عَلَى المَنِيَّةِ واُبرِدَ بِرُؤوسِهِم ۱۰ إلَى الفَجَرَةِ؟
قالَ : ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلى لِحيَتِهِ الشَّريفَةِ الكَريمَةِ فَأَطالَ البُكاءَ ، ثُمَّ قالَ عليه السلام : أوِّه عَلى إخوانِيَ الَّذينَ تَلَوُا القُرآنَ فَأَحكَموهُ ، وتَدَبَّرُوا الفَرضَ فَأَقاموهُ ، أحيَوُا السُّنَّةَ وأماتُوا البِدعَةَ ، دُعوا لِلجِهادِ فَأَجابوا ، ووَثِقوا بِالقائِدِ فَاتَّبَعوهُ .
ثُمَّ نادى بِأَعلى صَوتِهِ : الجِهادَ الجِهادَ عِبادَ اللّهِ! ألا وإنّي مُعَسكِرٌ في يَومي هذا ، فَمَن أرادَ الرَّواحَ إلَى اللّهِ فَليَخرُج! ۱۱

1.اللِّقاح : ذوات الألبان من النُّوق (لسان العرب : ج ۲ ص ۵۸۱ «لقح»).

2.المَرَه : مرضٌ في العين (النهاية : ج ۴ ص ۳۲۱ «مره») .

3.رجل خَمصان وخميص : إذا كان ضامر البطن (النهاية : ج ۲ ص ۸۰ «خمص»).

4.نهج البلاغة : الخطبة ۱۲۱ ، بحار الأنوار : ج ۳۳ ص ۳۶۲ ح ۵۹۷ .

5.الثَّفِنة ـ بكسر الفاء ـ : ما وليَ الأرض من كلّ ذات أربع إذا بركت ، كالركبتين وغيرهما ، ويحصل فيه غلظ من أثر البروك (النهاية : ج ۱ ص ۲۱۵ «ثفن») .

6.أزمَعَ الأمرَ : مضى فيه ، وثبَّت عليه عَزمَه (لسان العرب : ج ۸ ص ۱۴۴ «زمع»).

7.ماءٌ رَنْق : أي كَدِر (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۸۵ «رنق») .

8.هو أبو الهيثم مالك بن التيِّهان ، من أكابر الصحابة.

9.هو خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي عدلَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله شهادته بشهادة رجلين في قصّة مشهورة.

10.أي اُرسلت مع البريد بعدما قتلهم الفجرة البُغاة.

11.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۲ ، بحار الأنوار : ج ۴ ص ۳۱۳ ح ۴۰.

صفحه از 182