زمین - صفحه 84

الحديث

۵۱.الإمام زين العابدين عليه السلامـ في قَولِ اللّهِ عز و جل :« الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا »۱ـ :جَعَلَها مُلائِمَةً لِطَبائِعِكُم ، مُوافِقَةً لِأَجسادِكُم ، لَم يَجعَلها شَديدَةَ الحُمّى وَالحَرارَةِ فَتُحرِقَكُم ، ولا شَديدَةَ البَردِ فَتُجمِدَكُم ، ولا شَديدَةَ طيبِ الرّيحِ فَتَصدَعَ ۲ هاماتِكُم ، ولا شَديدَةَ النَّتنِ فَتُعطِبَكُم ۳ ، ولا شَديدَةَ اللّينِ كَالماءِ فَتُغرِقَكُم ، ولا شَديدَةَ الصَّلابَةِ فَتَمتَنِعَ عَلَيكُم في دورِكُم وأبنِيَتِكُم وقُبورِ مَوتاكُم ، ولكِنَّهُ عز و جلجَعَلَ فيها مِنَ المَتانَةِ ما تَنتَفِعونَ بِهِ وتَتَماسَكونَ وتَتَماسَكُ عَلَيها أبدانُكُم وبُنيانُكُم ، وجَعَلَ فيها ما تَنقادُ بِهِ لِدورِكُم وقُبورِكُم وكَثيرٍ مِن مَنافِعِكُم ، فَلِذلِكَ جَعَلَ الأَرضَ فِراشاً لَكُم . ۴

۵۲.الإمام عليّ عليه السلام :ألا وإنَّ الأَرضَ الَّتي تُقِلُّكُم وَالسَّماءَ الَّتي تُظِلُّكُم مُطيعَتانِ لِربِّكُم ، وما أصبَحَتا تَجودانِ لَكُم بِبَرَكَتِهِما تَوَجُّعاً لَكُم ، ولا زُلفَةً إلَيكُم ، ولا لِخَيرٍ تَرجُوانِهِ مِنكُم ؛ ولكِن اُمِرَتا بِمَنافِعِكُم فَأَطاعَتا ، واُقيمَتا عَلى حُدودِ مَصالِحِكُم فَقامَتا . ۵

۵۳.عنه عليه السلامـ حَولَ الأَرضِ وتَأهيلِها لِلمَعيشَةِ ـ :فَسَحَ بَينَ الجَوِّ وَبينَها ، وأعَدَّ الهَواءَ مُتَنَسَّماً لِساكِنِها ، وأخَرجَ إلَيها أهلَها عَلى تَمامِ مَرافِقِها ؛ ثُمَّ لَم يَدَع جُرُزَ ۶ الأَرضِ
الّتي تَقصُرُ مِياهُ العُيونِ عَن رَوابيها ۷ ، ولا تَجِدُ جَداوِلُ الأَنهارِ ذَريعَةً ۸ إلى بُلوغِها، حَتّى أنشَأَ لَها ناشِئَةَ سَحابٍ تُحيي مَواتَها، وتَستَخرِجُ نَباتَها؛ ألَّفَ غَمامَها بَعدَ افتِراقِ لُمَعِهِ ۹ ، وتَبايُنِ قَزَعِهِ ۱۰ ، حَتّى إذا تَمَخَّضَت ۱۱ لُجَّةُ ۱۲ المُزنِ ۱۳ فيهِ، وَالتَمَعَ بَرقُهُ في كُفَفِهِ ۱۴ ، ولَم يَنَم ۱۵ وَميضُهُ في كَنَهوَرِ رَبابهِ ۱۶ ، ومُتَراكِمِ سَحابِهِ، أرسَلَهُ سَحّاً ۱۷ مُتَدارِكاً، قَد أسَفَّ ۱۸ هَيدَبُهُ ۱۹ ، تَمريهِ ۲۰ الجَنُوبُ دِرَرَ ۲۱
أهاضيبِهِ ۲۲ ودُفَعَ شَآبيبِهِ ۲۳ .
فَـلَمّا ألقَتِ السَّحـابُ بَركَ ۲۴ بَوانيها ۲۵ ، وبَـعاعَ ۲۶ مَا اسـتَقَلَّت بِهِ مِـنَ العِب ءِ ۲۷ المَحمولِ عَلَيها ، أخرَجَ بِهِ مِن هَوامدِ ۲۸ الأَرضِ النَّباتَ ، ومِن زُعرِ ۲۹ الجِبالِ الأَعشابَ ، فَهِيَ تَبهَجُ بِزينَةِ رِياضِها ، وتَزدَهي بِما اُلبِسَتهُ مِن رَيطِ ۳۰ أزاهيرِها ، وحِليَةِ ما سُمِطَت ۳۱ بِهِ مِن ناضِرِ أنوارِها ، وجَعَلَ ذلِكَ بَلاغاً لِلأَنامِ ، ورِزقاً لِلأَنعامِ ، وخَرَقَ الفِجاجَ في آفاقِها ، وأقامَ المَنارَ لِلسّالِكينَ عَلى جَوادِّ طُرُقِها ۳۲ . ۳۳

1.البقرة: ۲۲.

2.لعلّها من الصُّداع: وَجَع الرأس. أو من الصَّدْع: الشَّقّ، يقال: صَدَعتُه فانصدع؛ أي انشقّ (اُنظر : مجمع البحرين: ج ۲ ص ۱۰۱۶ و ۱۰۱۷ «صدع») .

3.العَطَب: الهلاك (الصحاح : ج ۱ ص ۱۸۴ «عطب»).

4.التوحيد: ص ۴۰۴ ح ۱۱، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۱۳۷ ح ۳۶ كلاهما عن محمّد بن زياد ومحمّد بن سيّار عن الإمام العسكري عن آبائه عليهم السلام ، الاحتجاج: ج ۲ ص ۵۰۶ ح ۳۳۶، التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۱۴۲ ح ۷۲ كلاهما عن الإمام العسكري عليه السلام نحوه، بحار الأنوار: ج ۶۰ ص ۸۲ ح ۹.

5.نهج البلاغة: الخطبة ۱۴۳، بحار الأنوار: ج ۹۱ ص ۳۱۲ ح ۳.

6.الجُرُز : الأرض الَّتي لا نبات بها ولا ماء (النهاية : ج ۱ ص ۲۶۰ «جرز»).

7.الرّابيَة : هو ما ارتفَعَ من الأرض (الصحاح : ج ۶ ص ۲۳۴۹ «ربا»).

8.الذريعة: الوسيلة (المصباح المنير : ص ۲۰۸ «ذرع»).

9.لُمَع: جمع لُمعَة ؛ وهي في الأصل قطعة من النبات مالت لليبس، استعارها لقطع السحاب للمشابهة في لونها وذهابها إلى الاضمحلال لولا تأليف اللّه لها مع غيرها (تعليقة صبحي الصالح على نهج البلاغة).

10.القَزع: جمع قَزعةَ ؛ وهي القطعة من السحاب المتفرّقة (المصباح المنير : ص ۵۰۲ «قزع»).

11.تمخَّضت : تحرّكت بقوّة ، يقال : تمخّض اللبن ؛ إذا تحرّك في الممخضة ، وتمخّض الولد : تحرّك في بطن الحامل . والهاء في «فيه» ترجع إلى المُزن (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۶ ص ۴۴۳) .

12.لجّة البحر : معظمه ، والتجّ : أي تلاطمت أمواجه (النهاية : ج ۴ ص ۲۳۳ «لجج»).

13.المُزن: السحاب ذو الماء (لسان العرب: ج ۱۳ ص ۴۰۶ «مزن»).

14.الكُفَف: جمع كُفّة وهي الحاشية والطرف لكلّ شيء (الصحاح: ج ۴ ص ۱۴۲۲ «كفف»).

15.لم يَنَم : أي لم يفتر ولم ينقطع ، فاستعار له لفظة النوم (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۶ ص ۴۴۳).

16.الكَنَهْوَر : العظيم من السَّحاب . والرَّباب: الأبيض منه (النهاية : ج ۴ ص ۲۰۶ «كنهور») .

17.سحَّ الدمعُ والمطرُ والماءُ يَسُحُّ سَحّا : أي سالَ من فوق واشتدّ انصبابُه (لسان العرب : ج ۲ ص ۴۷۶ «سحح»).

18.أسَفَّ الطائرُ : إذا دنا من الأرض (النهاية : ج ۲ ص ۳۷۵ «سفف»).

19.هَيدَبُ السَّحاب: هو ما تدَلّى من أسافِلِه إلى الأرض (لسان العرب: ج ۱ ص ۷۸۱ «هدب»).

20.تَمريه: من مَرى الناقَةَ ؛ أي مسَحَ على ضَرعها ليحلبَ لبَنَها (تعليقة صبحي الصالح على نهج البلاغة) .

21.دِرَر : جمع دِرَّة ، يقال : للسحاب دِرّة ؛ أي صَبٌّ واندفاق (النهاية : ج ۲ ص ۱۱۲ «درر»).

22.الأهاضيب: جمع هِضاب ، والهضاب : جمع هَضب ؛ وهي خلبات القَطْر بعد القَطْر (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۶ ص ۴۴۴) .

23.الشآبيب: جمع شؤبوب وهو الدُفعَة من المطر (الصحاح: ج ۱ ص ۱۵۰ «شأب») .

24.البَرك: الصدر (المصباح المنير : ص ۴۵ «برك»).

25.البَواني: عظام الصدر. وألقت السماء بوانيها : يريد ما فيها من المطر (تاج العروس : ج ۱۹ ص ۲۲۳ «بنى»).

26.البَعاع: ثقل السحاب من المطر (الصحاح: ج ۳ ص ۱۱۸۷ «بعع»).

27.العِب ء: الحِمل (الصحاح: ج ۱ ص ۶۱ «عبأ»).

28.أرض هامدة : لانبات بها (النهاية : ج ۵ ص ۲۷۳ «همد»).

29.زعِرَ الشَّعرُ : قلَّ وتفرّق ؛ يريد القليلة النبات تشبيها بقلّة الشَّعر (لسان العرب : ج ۴ ص ۳۲۳ «زعر»).

30.الرَّيط: جمع رَيطة وهي كلّ ثوب رقيق ليّن (المصباح المنير : ص ۲۴۸ «ريط»).

31.سُمِطت: زُيِّنَت بالسمط وهو القلادة (المصباح المنير : ص ۲۸۹ «سمط»).

32.يبيّن الإمام عليّ عليه السلام في هذه الخطبة نعمة من نِعَم اللّه على عباده، تتّصل بتحريك الجوّ وما فيه من هواء ورياح وغيوم. ففي تقدير اللّه تعالى أنّه أجرى في السهول أنهاراً ليشرب منها الناس والدوابّ والنبات، أمّا المناطق العالية في الجبال فلم يتركها بدون ماء وحياة، بل سيّر لها نصيبها من الماء عن طريق حركة الرياح الَّتي تنشأ عن اختلاف الحرارة بين سطح البحر وسطح الجبل، فإذا تبخّر ماء البحر علا في الجوّ لخفّته، وانحدر من الجبل هواء بارد يملأ فراغه، فتحدث بذلك دورة للرياح، تحمل بموجبها سحب الأمطار إلى أعالي الجبال، فإذا وصلت إلى هنالك فوجئت ببرودة جوّ الجبال، فتكاثفت وانعقدت أمطاراً، تجري على رؤوس الجبال، مشيعة الحياة والخصب والنضارة والرزق للنبات والأنعام والأنام (تصنيف نهج البلاغة: ص ۷۸۵).

33.نهج البلاغة: الخطبة ۹۱ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۵۷ ص ۱۱۱ ح ۹۰ .

صفحه از 106