اهل بیت علیهم السلام 2 - صفحه 148

۶۱۳.الإمام زين العابدين عليه السلام :دَخَلتُ عَلى مَروانَ بنِ الحَكَمِ فَقالَ : ما رَأَيتُ أحَدا أكرَمَ غَلَبَةً مِن أبيكَ ، ما هُوَ إلّا أن وَلِيَنا يَومَ الجَمَلِ ، فَنادى مُناديهِ : لا يُقتَلُ مُدبِرٌ ، ولا يُذَفَّفُ ۱ عَلى جَريحٍ . ۲

۶۱۴.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديدـ في صِفَةِ عَلِيٍّ عليه السلام ـ :وأمَّا الحِلمُ وَالصَّفحُ فَكانَ أحلَمَ النّاسِ عَن ذَنبٍ ، وأصفَحَهُم عَن مُسيءٍ . وقَد ظَهَرَ صِحَّةُ ما قُلناهُ يَومَ الجَمَلِ ، حَيثُ ظَفِرَ بِمَروانَ بنِ الحَكَمِ ـ وكانَ أعدَى النّاسِ لَهُ ، وأشَدَّهُم بُغضا ـ فَصَفَحَ عَنهُ .
وكانَ عَبدُ اللّهِ بنُ الزُّبَيرِ يَشتِمُهُ عَلى رُؤوسِ الأَشهادِ ، وخَطَبَ يَومَ البَصرَةِ فَقالَ : قَد أتاكُمُ الوَغدُ اللَّئيمُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ . وكانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَقولُ : ما زالَ الزُّبَيرُ رَجُلاً مِنّا أهلَ البَيتِ حَتّى شَبَّ عَبدُاللّهِ . فَظَفِرَ بِهِ يَومَ الجَمَلِ ، فَأَخَذَهُ أسيرا ، فَصَفَحَ عَنهُ ، وقالَ : «اِذهَب فَلا أرَيَنَّكَ» ، لَم يَزِدهُ عَلى ذلِكَ .
وظَفِرَ بِسَعيدِ بنِ العاصِ بَعدَ وَقعَةِ الجَمَلِ بِمَكَّةَ ـ وكانَ لَهُ عَدُوّا ـ فَأَعرَضَ عَنهُ ، ولَم يَقُل لَهُ شَيئا .
وقَد عَلِمتُم ما كانَ مِن عائِشَةَ في أمرِهِ ، فَلَمّا ظَفِرَ بِها أكرَمَها ، وبَعَثَ مَعَها إلَى المَدينَةِ عِشرينَ امرَأَةً مِن نِساءِ عَبدِالقَيسِ عَمَّمَهُنَّ بِالعَمائِمِ وقَلَّدَهُنَّ بِالسُّيوفِ ، فَلَمّا كانَت بِبَعضِ الطَّريقِ ذَكَرَتهُ بِما لا يَجوزُ أن يُذكَرَ بِهِ ، وتَأَفَّفَت وقالَت : هَتَكَ سِتري بِرِجالِهِ وجُندِهِ الَّذينَ وَكَّلَهُم بي . فَلَمّا وَصَلَتِ المَدينَةَ ألقَى النِّساءُ عَمائِمَهُنَّ ، وقُلنَ لَها : إنَّما نَحنُ نِسوَةٌ .
وحارَبَهُ أهلُ البَصرَةِ ، وضَرَبوا وَجهَهُ ووُجوهَ أولادِهِ بِالسُّيوفِ ، وشَتَموهُ ولَعَنوهُ ، فَلَمّا ظَفِرَ بِهِم رَفَعَ السَّيفَ عَنهُم ، ونادى مُناديهِ في أقطارِ العَسكَرِ : ألا لا يُتبَعُ مُوَلٍّ ، ولا يُجهَزُ عَلى جَريحٍ ، ولا يُقتَلُ مُستَأسَرٌ ، ومَن ألقى سِلاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ ، ومَن تَحَيَّزَ إلى عَسكَرِ الإِمامِ فَهُوَ آمِنٌ . ولَم يَأخُذ أثقالَهُم ، ولا سَبى ذَرارِيَهُم ، ولا غَنِمَ شَيئا مِن أموالِهِم ، ولَو شاءَ أن يَفعَلَ كُلَّ ذلِكَ لَفَعَلَ ، ولكِنَّهُ أبى إلَا الصَّفحَ وَالعَفوَ ، وتَقَيَّلَ سُنَّةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَومَ فَتحِ مَكَّةَ ، فَإِنَّهُ عَفا وَالأَحقادُ لم تَبرُد ، وَالإِساءَةُ لَم تُنسَ . ۳

1.الذَّفُّ : الإجهاز على الجريح ، وكذلك الذفاف . وقد ذفّفت على الجريح تذفيفا : إذا أسرعتَ في قتله (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۶۲ «ذفف») .

2.السنن الكبرى : ج ۸ ص ۳۱۴ ح ۱۶۷۴۶ عن إبراهيم بن محمّد عن الإمام الصادق عن أبيه عليهماالسلام ، معرفة السنن : ج ۶ ص ۲۸۲ ح ۵۰۰۰ عن الإمام الصادق عن أبيه عنه عليهم السلام ، فتح الباري : ج ۱۳ ص ۵۷ ذيل ح ۷۱۰۵ ؛ المبسوط للطوسي : ج ۷ ص ۲۶۴ عن الإمام الصادق عن أبيه عليهماالسلام وفيه «يدنف» بدل «يذفف» .

3.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۱ ص ۲۲ ؛ بحار الأنوار : ج ۴۱ ص ۱۴۴ ذيل ح ۴۵ ، وراجع : الصراط المستقيم : ج ۱ ص ۱۶۲ .

صفحه از 533