۶۳۴.حلية الأولياء عن أبي صالح :دَخَلَ ضِرارُ بنُ ضَمرَةَ الكِنانِيُّ عَلى مُعاوِيَةَ ، فَقالَ لَهُ : صِف لي عَلِيّا ، فَقالَ : أوَ تُعفيني يا أميرَ المُؤمِنينَ ؟ قالَ : لا اُعفيكَ . قالَ : أمّا إذ لابُدَّ ... فَأَشهَدُ بِاللّهِ لَقَد رَأَيتُهُ في بَعضِ مَواقِفِهِ وقَد أرخَى اللَّيلُ سُدولَهُ ، وغارَت نُجومُهُ ، يَميلُ في مِحرابِهِ قابِضاً عَلى لِحيَتِهِ ، يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السَّليمِ ، ويَبكي بُكاءَ الحَزينِ ، فَكَأَنّي أسمَعُهُ الآنَ وهُوَ يَقولُ :
يا رَبَّنا يا رَبَّنا ـ يَتَضَرَّعُ إلَيهِ ـ ثُمَّ يَقولُ لِلدُّنيا : إلَيَّ تَغَرَّرتِ ؟ ! إلَيَّ تَشَوَّفتِ ؟ ! هَيهاتَ هَيهاتَ ، غُرّي غَيري ، قَد بَتَتُّكِ ثَلاثا ، فَعُمُرُكِ قَصيرٌ ، ومَجلِسُكِ حَقيرٌ ، وخَطَرُكِ يَسيرٌ ، آهِ آهِ مِن قِلَّةِ الزّادِ ، وبُعدِ السَّفَرِ ، ووَحشَةِ الطَّريقِ .
فَوَكَفَت دُموعُ مُعاوِيَةَ عَلى لِحيَتِهِ ما يَملِكُها ، وجَعَلَ يُنَشِّفُها بِكُمِّهِ وقَدِ اختَنَقَ القَومُ بِالبُكاءِ ، فَقالَ : كَذا كانَ أبُو الحَسَنِ ؛ كَيفَ وَجدُكَ عَلَيهِ يا ضِرارُ ؟ قالَ : وَجدُ مَن ذُبِحَ واحِدُها في حِجرِها ، لا ترَقَأُ دَمعَتُها ولا يَسكُنُ حُزنُها . ثُمَّ قامَ فَخَرَجَ . ۱
1.حلية الأولياء : ج ۱ ص ۸۴ و ۸۵ الرقم ۴ ، الاستيعاب : ج ۳ ص ۲۰۹ الرقم ۱۸۷۵ ، مروج الذهب : ج ۲ ص ۴۳۳ كلاهما نحوه ؛ نهج البلاغة : الحكمة ۷۷ ، الأمالي للصدوق : ص ۷۲۴ ح ۹۹۰ عن الأصبغ بن نباتة وكلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۳۳ ص ۲۵۰ ح ۵۲۴ .