دریا (بحر) - صفحه 14

۴.عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الّذي لا يَفِرُهُ المَنعُ ولا يُكديهِ الإعطاءُ ... لَو وَهَبَ ما تَنَفَّسَت عَنهُ مَعادِنُ الجِبالِ ، وضَحِكَت عَنهُ أصدافُ البِحارِ ، مِن فِلَذِ ۱ اللُّجَينِ ۲
وسَبائِكِ العِقيانِ ونَضائِدِ المَرجانِ لِبَعضِ عَبيدِهِ ، لَما أثَّرَ ذلِكَ في وُجودِهِ ، ولا أنفَدَ سَعَةَ ما عِندَهُ ، ولَكانَ عِندَهُ مِن ذَخائِرِ الإِفضالِ ما لا يُنفِدُهُ مَطالِبُ السُّؤّالِ ، ولا يَخطِرُ لِكَثرَتِهِ عَلى بالٍ لِأَنَّهُ الجَوادُ الَّذي لا تَنقُصُهُ المَواهِبُ ، ولا يُنحِلُهُ ۳ إلحاحُ المُلِحّينَ ، و «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ»۴ . ۵

۵.الدرّ المنثور عن عمير بن سعد :كُنّا مَعَ عَلِيٍّ عَلى شَطِّ الفُراتِ ، فَمَرَّت سَفينَةٌ فَقَرَأَ هذِهِ الآيَةَ : «وَ لَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَئاتُ فِى الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ»۶ . ۷

۶.الإمام الصادق عليه السلامـ لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ ـ :ومِن تَدبيرِ الحَكيمِ ـ جَلَّ وعَلا ـ في خَلقِهِ الأَرضَ ، أنَّ مَهَبَّ الشَّمالِ أرفَعُ مِن مَهَبِّ الجَنوبِ ، فَلَم يَجعَلِ اللّهُ عز و جل كَذلِكَ إلّا لِتَنحَدِرَ المِياهُ عَلى وَجهِ الأَرضِ فَتَسقِيَها وتَروِيَها ، ثُمَّ يُفيضَ آخِرَ ذلِكَ إلَى البَحرِ ، فَكَما يُرفَعُ أحَدُ جانِبَيِ السَّطحِ ويُخفَضُ الآخَرُ لِيَنحَدِرَ الماءُ عَنهُ ولا يَقومَ عَلَيهِ ، كَذلِكَ جُعِلَ مَهَبُّ الشَّمالِ أرفَعَ مِن مَهَبِّ الجَنوبِ لِهذِهِ العِلَّةِ بِعَينِها ، ولَولا ذلِكَ لَبَقِيَ الماءُ مُتَحَيِّرا عَلى وَجهِ الأَرضِ ، فَكانَ يَمنَعُ النّاسَ مِن أعمالِها ، ويَقطَعُ الطُّرُقَ وَالمَسالِكَ .
ثُمَّ الماءُ لَولا كَثرَتُهُ وتَدَفُّقُهُ فِي العُيونِ وَالأَودِيَةِ وَالأَنهارِ ، لَضاقَ عَمّا يَحتاجُ النّاسُ إلَيهِ ، لِشُربِهِم وشُربِ أنعامِهِم ومَواشيهِم ، وسَقيِ زُروعِهِم وأشجارِهِم وأصنافِ غَلّاتِهِم ، وشُربِ ما يَرِدُهُ مِنَ الوُحوشِ وَالطَّيرِ وَالسِّباعِ ، وتَتَقَلَّبُ فيهِ الحيتانُ ودَوابُّ الماءِ ، وفيهِ مَنافِعُ اُخَرُ أنتَ بِها عارِفٌ وعَن عِظَمِ مَوقِعِها غافِلٌ .
فَإِنَّهُ سِوَى الأَمرِ الجَليلِ المَعروفِ مِن غَنائِهِ في إحياءِ جَميعِ ما عَلَى الأَرضِ مِنَ الحَيَوانِ وَالنَّباتِ ، يَمزُجُ بِالأَشرِبَةِ فَتَلينُ وتَطيبُ لِشارِبِها ، وبِهِ تُنَظَّفُ الأَبدانُ وَالأَمتِعَةُ مِنَ الدَّرَنِ الَّذي يَغشاها ، وبِهِ يُبَلُّ التُّرابُ فَيَصلُحُ لِلاِعتِمالِ ، وبِهِ نَكُفُّ عادِيَةَ النّارِ إذَا اضطَرَمَت ، وأشرَفَ النّاسُ عَلَى المَكروهِ ، وبِهِ يَستَحِمُّ المُتعِبُ الكالُّ فَيَجِدُ الرّاحَةَ مِن أوصابِهِ ، إلى أشباهِ هذا مِنَ المَآرِبِ ۸ الَّتي تَعرِفُ عِظَمَ مَوقِعِها في وَقتِ الحاجَةِ إلَيها ، فَإِن شَكَكتَ في مَنفَعَةِ هذَا الماءِ الكَثيرِ المُتَراكِمِ فِي البِحارِ ، وقُلتَ : مَا الإِربُ فيهِ ؟ فَاعلَم أنَّهُ مُكتَنَفٌ ومُضطَرَبٌ ما لا يُحصى مِن أصنافِ السَّمَكِ ، ودَوابِّ البَحرِ ، ومَعدِنِ اللُّؤلُؤِ وَالياقوتِ وَالعَنبَرِ ، وأصنافٍ شَتّى تُستَخرَجُ مِنَ البَحرِ ، وفي سواحِلِهِ مَنابِتُ العودِ اليَلنجوجِ ۹ وضُروبٍ مِنَ الطّيبِ وَالعَقاقيرِ .
ثُمَّ هُوَ بَعدُ مَركَبُ النّاسِ ، ومَحمِلٌ لِهذِهِ التِّجاراتِ الَّتي تُجلَبُ مِنَ البُلدانِ البَعيدةِ ، كَمِثلِ ما يُجلَبُ مِنَ الصّينِ إلَى العِراقِ ، ومِنَ العِراقِ إلَى العِراقِ ۱۰ فَإِنَّ هذِهِ التِّجاراتِ لَو لَم يَكُن لَها مَحمِلٌ إلّا عَلَى الظَّهرِ لَبارَت وبَقِيَت في بُلدانِها وأيدي أهلِها . لِأَنَّ أجرَ حَملِها كانَ يُجاوِزُ أثمانَها ، فَلا يَتَعَرَّضُ أحَدٌ لِحَملِها ، وكانَ يَجتَمِعُ في ذلِكَ أمرانِ : أحَدُهُما فَقدُ أشياءَ كَثيرَةٍ تَعظُمُ الحاجَةُ إلَيها ، وَالآخَرُ انقِطاعُ مَعاشِ مَن يَحمِلُها ويَتَعَيَّشُ بِفَضلِها . ۱۱

1.فِلَذ : جمع فِلذَة وهي القطعة المقطوعة طولاً (النهاية : ج ۳ ص ۴۷۰ «فلذ») .

2.اللُّجَينُ : الفِضّة (النهاية : ج ۴ ص ۲۳۵ «لجن») .

3.ينحله من الإنحال أو التنحيل بمعنى الإعطاء أي لا يعطيه إلحاح الملحّين شيئا يؤثّر فيه ، بل يعطي مسألة السائلين أو يمنعها حسب المصلحة (هامش المصدر) . وفي بحار الأنوار : «لا يبخله» .

4.يس : ۸۲ .

5.التوحيد : ص ۴۹ ح ۱۳ ، نهج البلاغة : الخطبة ۹۱ نحوه وكلاهما عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۴ ص ۲۷۴ ح ۱۶ .

6.الرحمن : ۲۴ .

7.الدرّ المنثور : ج ۷ ص ۶۹۸ ، كنز العمّال : ج ۲ ص ۵۱۷ ح ۴۶۳۹ كلاهما نقلاً عن عبد بن حميد وابن المنذر والمحاملي في أماليه ؛ بحار الأنوار : ج ۶۰ ص ۴۶ ح ۲۳ .

8.المآرِبُ : الحوائج ، واحدها مأربة ـ مثلثة الراء (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۳۷ «أرب») .

9.اليلنجوجُ : عُودُ البُخورِ (بحار الأنوار : ج ۶۰ ص ۹۰) .

10.من العراق : أي البصرة ، إلى العراق : أي الكوفة أو بالعكس (المصدر) .

11.بحار الأنوار : ج ۶۰ ص ۸۷ ح ۱۱ نقلاً عن توحيد المفضّل .

صفحه از 64