الفصل الثامن : ما نصّ على أنّه بدعة
8 / 1
الجِدالُ فِي القُرآنِ
۱۲۸.التوحيد عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني :كَتَبَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ موسَى الرِّضا عليهم السلام إلى بَعضِ شيعَتِهِ بِبَغدادَ : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، عَصَمَنَا اللّهُ وإيّاكَ مِنَ الفِتنَةِ فَإِن يَفعَل فَقَد أعظَمَ بِها نِعمَةً ، وإن لا يَفعَل فَهِيَ الهَلَكَةُ .
نَحنُ نَرى أنَّ الجِدالَ فِي القُرآنِ بِدعَةٌ ، اشتَرَكَ فيهَا السّائِلُ وَالمُجيبُ ، فَيَتَعاطَى السّائِلُ ما لَيسَ لَهُ ، ويَتَكَلَّفُ المُجيبُ ما لَيسَ عَلَيهِ ، ولَيسَ الخالِقُ إلَا اللّهُ عَزَّ وجَلَّ ، وما سِواهُ مَخلوقٌ، وَالقُرآنُ كَلامُ اللّهِ، لاتَجعَل لَهُ اسما مِن عِندِكَ فَتَكونَ مِنَ الضّالّينَ، جَعَلَنَا اللّهُ وإيّاكَ مِنَ الَّذينَ يَخشَونَ رَبَّهُم بِالغَيبِ وهُم مِنَ السّاعَةِ مُشفِقونَ . ۱
8 / 2
الإِكراهُ فِي الدّينِ
۱۲۹.التوحيد عن أبي الصلت الهروي :سَأَلَ المَأمونُ يَوماً عَلِيَّ بنَ موسَى الرِّضا عليه السلام فَقالَ لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ما مَعنى قَولِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ «وَ لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَامَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ»۲ ؟
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : حَدَّثَني أبي موسَى بنُ جَعفَرٍ عَن أبيهِ جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عَن أبيهِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ عَن أبيهِ عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عَن أبيهِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عَن أبيهِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليهم السلام أنَّ المُسلِمينَ قالوا لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَو أكرَهتَ يا رَسولَ اللّهِ مَن قَدَرتَ عَلَيهِ مِنَ النّاسِ عَلَى الإِسلامِ لَكَثُرَ عَدَدُنا وقَوينا عَلى عَدُوِّنا .
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : ما كُنتُ لِأَلقَى اللّهَ عَزَّ وجَلَّ بِبِدعَةٍ لَم يُحدِث إلَيَّ فيها شَيئا «وَ مَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ»۳ فَأَنزَلَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : يا مُحَمَّدُ «وَ لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَامَنَ مَن فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا» عَلى سَبيلِ الإِلجاءِ وَالاِضطِرارِ فِي الدُّنيا كَما يُؤمِنونَ عِندَ المُعايَنَةِ ورُؤيَةِ البَأسِ فِي الآخِرَةِ ولَو فَعَلتُ ذلِكَ بِهِم لَم يَستَحِقُّوا مِنّي ثَوابا ولا مَدحا لكِنّي اُريدُ مِنهُم أن يُؤمِنوا مُختارينَ غَيرَ مُضطَرّينَ لِيَستَحِقّوا مِنِّي الزُّلفى وَالكَرامَةَ ودَوامَ الخُلودِ في جَنَّةِ الخُلدِ «أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ» .
وأمّا قَولُهُ عَزَّ وجَلَّ : «وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» فَلَيسَ ذلِكَ عَلى سَبيلِ تَحريمِ الإِيمانِ عَلَيها ولكِن عَلى مَعنى أنَّها ما كانَت لِتُؤمِنَ إلّا بِإِذنِ اللّهِ وإذنُهُ أمرُهُ لَها بِالإِيمانِ ما كانَت مُكَلَّفَةً مُتَعَبِّدَةً وإلجاؤُهُ إيّاها إلَى الإِيمانِ عِندَ زَوالِ التَّكليفِ وَالتَّعَبُّدِ عَنها .
فَقالَ المَأمونُ : فَرَّجتَ عَنّي يا أبَا الحَسَنِ فَرَّجَ اللّهُ عَنكَ . ۴
1.التوحيد : ص ۲۲۴ ح ۴ ، الأمالي للصدوق : ص ۶۳۹ ح ۸۶۴ ، روضة الواعظين : ص ۴۷ ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۱۱۸ ح ۴ .
2.يونس : ۹۹ و ۱۰۰ .
3.ص : ۸۶ .
4.التوحيد : ص ۳۴۲ ح ۱۱ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۱۳۵ ح ۳۳ ، الإحتجاج : ج ۲ ص ۳۹۴ ح ۳۰۲ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۴۹ ح ۸۰ .