آزمايش الهى - صفحه 98

1 / 17

اِبتِلاءُ أصحابِ السَّبتِ

الكتاب

«وَسْئلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ» . ۱

الحديث

۳۶.الإمام زين العابدين عليه السلامـ في أصحابِ السَّبتِ ـ :كانَ هؤُلاءِ قَوماً يَسكُنونَ عَلى شاطِئِ بَحرٍ ، نَهاهُمُ اللّهُ وأَنبِياؤُهُ عَنِ اصطِيادِ السَّمَكِ في يَومِ السَّبتِ ، فَتَوَصَّلوا إلى حيلَةٍ لِيُحِلُّوا بِها لِأَنفُسِهِم ما حَرَّمَ اللّهُ ، فَخَدُّوا أخادِيدَ وعَمِلوا طُرُقاً تُؤَدّي إلى حِياضٍ يَتَهَيَّأُ لِلحِيتانِ الدُّخولُ فيها مِن تِلكَ الطُّرُقِ ، ولا يَتَهَيَّأُ لَهَا الخُروجُ إذا هَمَّت بِالرُّجوعِ مِنها إلَى اللُّجَجِ ۲ ، فَجاءَتِ الحِيتانُ يَومَ السَّبتِ جارِيَةً عَلى أمانِ اللّهِ لَها ، فَدَخَلَتِ الأَخاديدَ وحَصَلَت فِي الحِياضِ وَالغُدرانِ .
فَلَمَّا كانَت عَشِيَّةَ اليَومِ هَمَّت بِالرُّجوعِ مِنها إلَى اللُّجَجِ لِتَأمَنَ صائِدَها ، فَرامَتِ الرُّجوعَ فَلَم تَقدِر ، واُبقِيَت لَيلَتَها في مَكانٍ يَتَهَيَّأُ أخذُها يَومَ الأَحَدِ بِلَا اصطِيادٍ ؛ لِاستِرسالِها فيهِ وعَجزِها عَنِ الاِمتِناعِ لِمَنعِ المَكانِ لَها ، فَكانوا يَأخُذُونَها يَومَ الأَحَدِ ويَقولونَ : مَا اصطَدنا يَومَ السَّبتِ ، إنَّمَا اصطَدنا فِي الأَحَدِ ! وكَذَبَ أعداءُ اللّهِ ، بَل كانوا آخِذينَ لَها بِأَخاديدِهِمُ الَّتي عَمِلوها يَومَ السَّبتِ ، حَتّى كَثُرَ مِن ذلِكَ مالُهُم وثَراؤُهُم ، وتَنَعَّموا بِالنِّساءِ وغَيرِهِنَّ؛ لِاتِّساعِ أيديهِم بِهِ .
وكانوا فِي المَدينَةِ نَيِّفاً وثَمانينَ ألفاً ، فَعَلَ هذا مِنهُم سَبعونَ ألفاً وأَنكَرَ عَلَيهِمُ الباقونَ ، كَما قَصَّ اللّهُ تَعالى : «وَسْئلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ» الآيَةَ .
وذلِكَ أنَّ طائِفَةً مِنهُم وَعَظوهُم وزَجَرُوهُم ، ومِن عَذابِ اللّهِ خَوَّفوهُم ، ومِنِ انتِقامِهِ وشَديدِ بَأسِهِ حَذَّرُوهُم ، فَأَجابوهُم عَن وَعظِهِم : «لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ» بِذُنوبِهِم هَلاكَ الاِصطِلامِ ۳«أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا» .
فَأَجابُوا القائِلينَ لَهُم هذا : «مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ» ؛ هذَا القَولُ مِنّا لَهُم مَعذِرَةٌ إلى رَبِّكُم ، إذ كَلَّفَنَا الأَمرَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيَ عَنِ المُنكَرِ ، فَنَحنُ نَنهى عَنِ المُنكَرِ لِيَعلَمَ رَبُّنا مُخالَفَتَنا لَهُم وكَراهَتَنا لِفِعلِهِم ، قالوا : «وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ»۴ ، ونَعِظُهُم أيضاً لَعَلَّهُم تَنجَعُ فيهِمُ المَواعِظُ فَيَتَّقوا هذِهِ الموبِقَةَ ويَحذَروا عُقوبَتَها .
قالَ اللّهُ تَعالى : «فَلَمَّا عَتَوْاْ» ؛ حادُّوا وأَعرَضوا وتَكَبَّرُوا عَن قَبولِهِمُ الزَّجرَ «عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئينَ»۵ مُبعَدينَ عَنِ الخَيرِ مُقصَينَ .
قالَ : فَلَمّا نَظَرَ العَشَرَةُ الآلافِ وَالنَّيِّفُ أنَّ السَّبعينَ ألفاً لا يَقبَلونَ مَواعِظَهُم ولا يَحفِلونَ بِتَخويفِهِم إيّاهُم وتَحذيرِهِم لَهُم ، اعتَزَلوهُم إلى قَريَةٍ اُخرى قَريبَةٍ مِن قَريَتِهِم ، وقالوا : نَكرَهُ أن يَنزِلَ بِهِم عَذابُ اللّهِ ونَحنُ في خِلالِهِم .
فَأَمسَوا لَيلَةً فَمَسَخَهُمُ اللّهُ كُلَّهُم قِرَدَةً خاسِئينَ ۶ ، وبَقِيَ بابُ المَدينَةِ مُغلَقاً لا يَخرُجُ مِنهُ أحَدٌ ولا يَدخُلُهُ أحَدٌ .
وتَسامَعَ بِذلِكَ أهلُ القُرى فَقَصَدُوهُم وتَسَنَّموا ۷
حِيطانَ البَلَدِ فَاطَّلَعوا عَلَيهِم ، فَإِذا هم كُلُّهُم ـ رِجالُهُم ونِساؤُهُم ـ قِرَدَةٌ يَموجُ بَعضُهُم في بَعضٍ ، يَعرِفُ هؤُلاءِ النّاظِرُونَ مَعارِفَهُم وقَراباتِهِم وخُلَطاءَهُم ، يَقولُ المُطَّلِعُ لِبَعضِهِم : أنتَ فُلانٌ ؟ أنتِ فُلانَةُ؟ فَتَدمَعُ عَينُهُ ويومِئُ بِرَأسِهِ بِلا أو نَعَم .
فَما زَالوا كَذلِكَ ثَلاثَةَ أيّامٍ ، ثُمَّ بَعَثَ اللّهُ عز و جل عَلَيهِم مَطَراً ورِيحاً فَجَرَفَهُم إلَى البَحرِ ، وما بَقِيَ مَسخٌ بَعدَ ثَلاثَةِ أيّامٍ ، وأَمَّا ۸ الَّذينَ تَرَونَ مِن هذِهِ المُصَوَّراتِ بِصُوَرِها فَإِنَّما هِيَ أشباهُها لا هِيَ بِأَعيَانِها ولا مِن نَسلِها . ۹

1.الأعراف : ۱۶۳ .

2.اللُّجّة: الماء الكثير الذي لايُرى طرفاه (تاج العروس: ج ۳ ص ۴۷۰ «لجج»).

3.الاصطِلامُ : الاستِئصالُ (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۰۴۶ «صلم») .

4.الأعراف : ۱۶۴ .

5.الأعراف: ۱۶۶.

6.الخاسِئ : المطرود (لسان العرب : ج ۱ ص ۶۵ «خسأ») .

7.تسنّمه: أي علاه (الصحاح: ج ۵ ص ۱۹۵۴ «سنم»).

8.في المصدر: «وإنّما» ، والتصويب من بحار الأنوار.

9.التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام : ص ۲۶۸ ، بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۵۶ ح ۱۳ .

صفحه از 123