۱۲۹.عنه صلى الله عليه و آله :لَو شاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُم أغنِياءَ كُلَّكُم لا فَقيرَ فيكُم ، ولَو شاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُم فُقَراءَ كُلَّكُم لا غَنِيَّ فيكُم ، ولكِنِ ابتَلى بَعضَكُم بِبَعضٍ . ۱
۱۳۰.عنه صلى الله عليه و آله :إخوانُكُم جَعَلَهُمُ اللّهُ فِتنَةً تَحتَ أيديكُم ؛ فَمَن كانَ أخوهُ تَحتَ يَدَيهِ فَليُطعِمهُ مِن طَعامِهِ ، وَليُكسِهِ مِن لِباسِهِ ، ولا يُكَلِّفهُ ما يَغلِبُهُ ، فَإِن كَلَّفَهُ ما يَغلِبُهُ فَليُعِنهُ عَلَيهِ . ۲
۱۳۱.الإمام عليّ عليه السلامـ في كِتابِهِ إلى مُعاوِيَةَ ـ :لَسنا لِلدُّنيا خُلِقنا ، ولا بِالسَّعيِ فيها اُمِرنا ، وإنَّما وُضِعنا فيها لِنُبتَلى بِها ، وقَدِ ابتَلانِيَ اللّهُ بِكَ وَابتَلاكَ بي ، فَجَعَلَ أحَدَنا حُجَّةً عَلَى الآخَرِ . ۳
۱۳۲.عنه عليه السلامـ في بابِ العِبرَةٍ بِالماضينَ ـ :وكانوا قَوما مُستَضعَفينَ ، قَدِ اختَبَرَهُمُ اللّهُ بِالمَخمَصَةِ ۴ ، وَابتَلاهُم بِالمَجهَدَةِ ، وَامتَحَنَهُم بِالمَخاوِفِ ، ومَخَضَهُم بِالمَكارِهِ . فَلا تَعتَبِرُوا الرِّضا وَالسُّخطَ بِالمالِ وَالوَلَدِ جَهلاً بِمَواقِعِ الفِتنَةِ وَالاِختِبارِ في مَوضعِ الغِنى وَالإِقتارِ ۵ ، فَقَد قالَ سُبحانَهُ وتَعالى : «أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَ بَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِى الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ» ، فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ يَختَبِرُ عِبادَهُ المُستَكبِرينَ في أنفُسِهِم بِأَولِيائِهِ المُستَضعَفينَ في أعيُنِهِم .
ولَقَد دَخَلَ موسَى بنُ عِمرانَ ومَعَهُ أخوهُ هارونُ عليهماالسلام عَلى فِرعَونَ ، وعَلَيهِما مَدارِعُ ۶ الصّوفِ ، وبِأَيدِيهِمَا العِصِيُّ ، فَشَرَطا لَهُ ـ إن أسلَمَ ـ بَقاءَ مُلكِهِ ، ودَوامَ عِزِّهِ ، فَقالَ : «ألا تَعجَبونَ مِن هذَينِ يَشرِطانِ لي دَوامَ العِزِّ ، وبَقاءَ المُلكِ ، وهُما بِما تَرَونَ مِن حالِ الفَقرِ وَالذُّلِّ ! فَهَلّا اُلقِيَ عَلَيهِما أساوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ» ؟ إعظاما لِلذَّهَبِ وجَمعِهِ ، وَاحتِقارا لِلصّوفِ ولُبسِهِ ! ولَو أرادَ اللّهُ سُبحانَهُ لِأَنبِيائِهِ حَيثُ بَعَثَهُم أن يَفتَحَ لَهُم كُنوزَ الذِّهبانِ ، ومَعادِنَ العِقيانِ ، ومَغارِسَ الجِنانِ ، وأَن يَحشُرَ مَعَهُم طُيورَ السَّماءِ ووُحوشَ الأَرَضينَ لَفَعَلَ ، ولَو فَعَلَ لَسَقَطَ البَلاءُ ، وبَطَلَ الجَزاءُ ، وَاضمَحَلَّتِ الأَنباءُ ، ولَما وَجَبَ لِلقابِلينَ اُجورُ المُبتَلَينَ ، ولَا استَحَقَّ المُؤمِنونَ ثَوابَ المُحسِنينَ ، ولا لَزِمَتِ الأَسماءُ مَعانِيَها ؛ ولكِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ اُولي قُوَّةٍ في عَزائِمِهِم ، وضَعَفَةً فيما تَرَى الأَعيُنُ مِن حالاتِهِم ، مَعَ قَناعَةٍ تَملَأُ القُلوبَ وَالعُيونَ غِنىً ، وخَصاصَةٍ ۷ تَملَأُ الأَبصارَ وَالأَسماعَ أذىً .
ولَو كانَتِ الأَنبِياءُ أهلَ قُوَّةٍ لا تُرامُ ، وعِزَّةٍ لا تُضامُ ، ومُلكٍ تُمَدُّ نَحوَهُ أعناقُ الرِّجالِ ، وتُشَدُّ إلَيهِ عُقَدُ الرِّحالِ ، لَكانَ ذلِكَ أهوَنَ عَلَى الخَلقِ فِي الاِعتِبارِ ، وأَبعَدَ لَهُم فِي الاِستِكبارِ ، ولَامَنوا عَن رَهبَةٍ قاهِرَةٍ لَهُم ، أو رَغبَةٍ مائِلَةٍ بِهِم ، فَكانَتِ النِّيّاتُ مُشتَرِكَةً ، وَالحَسَناتُ مُقتَسَمَةً ؛ ولكِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ أرادَ أن يَكونَ الاِتِّباعُ لِرُسُلِهِ ، وَالتَّصديقُ بِكُتُبِهِ ، وَالخُشوعُ لِوَجهِهِ ، وَالاِستِكانَةُ لِأَمرِهِ ، وَالاِستِسلامُ لِطاعَتِهِ ، اُمورا لَهُ خاصَّةً ، لا تَشوبُها مِن غَيرِها شائِبَةٌ . وكُلَّما كانَتِ البَلوى وَالاِختِبارُ أعظَمَ كانَتِ المَثوبَةُ وَالجَزاءُ أجزَلَ . ۸
1.الدرّ المنثور : ج ۶ ص ۲۴۴ نقلاً عن ابن أبي شيبة عن الحسن ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج ۸ ص ۱۲۹ ح ۲۹ وليس فيه صدره ، إحياء العلوم : ج ۱ ص ۳۳۷ عن الحسن من دون إسنادٍ إلى أحدٍ من أهل البيت عليهم السلام وليس فيه وسطه .
2.مسند ابن حنبل : ج ۸ ص ۹۳ ح ۲۱۴۶۶ ، صحيح البخاري : ج ۵ ص ۲۲۴۸ ح ۵۷۰۳ ، صحيح مسلم : ج ۳ ص ۱۲۸۳ ح ۳۸ و ۴۰ كلاهما نحوه وكلّها عن أبي ذرّ ، كنز العمّال : ج ۹ ص ۷۲ ح ۲۵۰۰۹ .
3.نهج البلاغة : الكتاب ۵۵ ، بحار الأنوار : ج ۳۳ ص ۱۱۶ ح ۴۰۹ .
4.المَخمَصَةُ : المَجاعَةُ (المصباح المنير : ص ۱۸۲ «خمص») .
5.في الطبعة المعتمدة : «الاقتدار» بدل «الإقتار» ، والتصويب من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۱۳ ص ۱۵۱ .
6.المدَرَعَةُ : ثوب من صوف (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۵۸۸ «درع») .
7.الخَصاصَةُ : الجوعُ والضعف ، وأصلها الفقر والحاجة (النهاية : ج ۲ ص ۳۷ «خصص») .
8.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ ، بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۶۸ ح ۳۷ .