بیعت - صفحه 144

۱۱۳.الأمالي للصدوق عن أبي الصلت الهَرَويّ :إنَّ المَأمونَ قالَ لِلرِّضا عليه السلام : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، قَد عَرَفتُ فَضلَكَ وعِلمَكَ وزُهدَكَ ووَرَعَكَ وعِبادَتَكَ ، وأَراكَ أحَقَّ بِالخِلافَةِ مِنّي .
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : بِالعُبودِيَّةِ للّهِِ عز و جل أفتَخِرُ ، وبِالزُّهدِ فِي الدُّنيا أرجُو النَّجاةَ مِن شَرِّ الدُّنيا ، وبِالوَرَعِ عَنِ المَحارِمِ أرجُو الفَوزَ بِالمَغانِمِ ، وبِالتَّواضُعِ فِي الدُّنيا أرجُو الرِّفعَةَ عِندَ اللّهِ عز و جل .
فَقالَ لَهُ المَأمونُ : إنّي قَد رَأَيتُ أن أعزِلَ نَفسي عَنِ الخِلافَةِ وأَجعَلَها لَكَ واُبايِعَكَ .
فَقالَ لَهُ الرِّضا عليه السلام : إن كانَت هذِهِ الخِلافَةُ لَكَ وجَعَلَها اللّهُ لَكَ ، فَلا يَجوزُ أن تَخلَعَ لِباسا ألبَسَكَهُ اللّهُ وتَجعَلَهُ لِغَيرِكَ ، وإن كانَتِ الخِلافَةُ لَيسَت لَكَ ، فَلا يَجوزُ لَكَ أن تَجعَلَ لِيَ ما لَيسَ لَكَ !
فَقالَ لَهُ المَأمونُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، لا بُدَّ لَكَ مِن قَبولِ هذا الأَمرِ .
فَقالَ : لَستُ أفعَلُ ذلِكَ طائِعا أبَدا .
فَما زالَ يَجهَدُ بِهِ أيّاما حَتّى يَئِسَ مِن قَبولِهِ ، فَقالَ لَهُ : فَإِن لَم تَقبَلِ الخِلافَةَ ولَم تُحِب مُبَايَعَتي لَكَ ، فَكُن وَلِيَّ عَهدي لِتَكونَ لَكَ الخِلافَةُ بَعدي .
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : وَاللّهِ ، لَقَد حَدَّثَني أبي عَن آبائِهِ ، عَن أميرِ المُؤمِنينَ ، عَن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : أنّي أخرُجُ مِنَ الدُّنيا قَبلَكَ مَقتولاً بِالسَّمِّ مَظلوما ، تَبكي عَلَيَّ مَلائِكَةُ السَّماءِ ومَلائِكَةُ الأَرضِ ، واُدفَنُ في أرضِ غُربَةٍ إلى جَنبِ هارونَ الرَّشيدِ .
فَبَكَى المَأمونُ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، ومَنِ الَّذي يَقتُلُكَ ، أو يَقدِرُ عَلَى الإِساءَةِ إلَيكَ وأَنَا حَيٌّ ؟
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : أما إنّي لَو أشاءُ أن أقولَ مَنِ الَّذي يَقتُلُني لَقُلتُ .
فَقالَ المَأمونُ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، إنَّما تُريدُ بِقَولِكَ هذَا التَّخفيفَ عَن نَفسِكَ ، ودَفعَ هذا الأَمرِ عَنكَ ، لِيَقولَ النّاسُ : إنَّكَ زاهِدٌ فِي الدُّنيا .
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : وَاللّهِ ، ما كَذَبتُ مُنذُ خَلَقَني رَبّي عز و جل ، وما زَهِدتُ فِي الدُّنيا لِلدُّنيا ، وإنّي لَأَعلَمُ ما تُريدُ .
فَقالَ المَأمونُ : وما اُريدُ ؟
قالَ : لي الأَمانَ عَلَى الصِّدقِ ؟ قالَ : لَكَ الأَمانُ .
قالَ : تُريدُ بِذلِكَ أن يَقولَ النّاسُ : إنَّ عَلِيَّ بنَ موسى لَم يَزهَد فِي الدُّنيا ، بَل زَهِدَتِ الدُّنيا فيهِ ، ألا تَرَونَ كَيفَ قَبِلَ وِلايَةَ العَهدِ طَمَعا فِي الخِلافَةِ ؟
فَغَضِبَ المَأمونُ ، ثُمَّ قالَ : إنَّكَ تَتَلَقّاني أبَدا بِما أكرَهُهُ ، وقَد أمِنتَ سَطَواتي ، فَبِاللّهِ اُقسِمُ ! لَئِن قَبِلتَ وِلايَةَ العَهدِ وإلّا أجبَرتُكَ عَلى ذلِكَ ، فَإِن فَعَلتَ وإلّا ضَرَبتُ عُنُقَكَ .
فَقالَ الرِّضا عليه السلام : قَد نَهانِيَ اللّهُ عز و جل أن اُلقِيَ بِيَدي إلَى التَّهلُكَةِ ، فَإِن كانَ الأَمرُ عَلى هذا فَافعَل ما بَدا لَكَ ، وأَنَا أقبَلُ ذلِكَ ، عَلى أنّي لا اُوَلّي أحَدا ، ولا أعزِلُ أحَدا ، ولا أنقُضُ رَسما ولا سُنَّةً ، وأَكونُ فِي الأَمرِ مِن بَعيدٍ مُشيرا .
فَرَضِيَ مِنهُ بِذلِكَ ، وجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهدِهِ عَلى كَراهَةٍ مِنهُ عليه السلام لِذلِكَ . ۱

1.الأمالي للصدوق : ص ۱۲۵ ح ۱۱۵ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۱۳۹ ح ۳ ، علل الشرائع : ص ۲۳۷ ح ۱ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۳۶۲ نحوه ، روضة الواعظين : ص ۲۴۶ ، بحار الأنوار : ج ۴۹ ص ۱۲۸ ح ۳ .

صفحه از 187