11
الفصول المهمة في معرفة الائمة ج1

لاَّ أَسْـئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى » 1 ، فما من شرفٍ تمتدّ إليه الأبصار ، ولا من طرفٍ يرتفع لديه اقتباس الأقدار ولا باب تعظم فيه الأخطار ولا لبابٍ تقحم به الآثار إلاّ وقد جازته قادات الأطهار وحازته سادات الأبرار ، مع سعي المعاندين في إطفاء نورهم «وَيَأْبَى اللَّهُ إِلآَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ » 2 ، وبغي الجاحدين في تطريدهم وتشتيت قبورهم ، ويُريد اللّه أن يظهر حجّته ومزبوره ، فهل قُدّم عليهم إلاّ من سمل 3 عين الإيمان ؟ وهل تقدّمهم إلاّ من شمل قلبه الطغيان ، وقد ضاءت مدائحهم ومنائحهم في كتاب ربِّ العالمين ، وجاءت لأعدائهم قبائحهم وفضائحهم ظاهرة للناظرين .
في طوايا التاريخ على امتداده يجد الباحث والمتتبّع رجالاً وعباقرةً غيَّروا مسير التاريخ بعلمهم وفنِّهم ، واقتادوا الشعوب إلى شواطئ المجد والخلود ، وجداول الحقّ والواقع ، وأوقفوهم على المهيع القويم والصراط المستقيم .
نستوقف على نفر من «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَــلَـتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَ لاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَ كَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا » 4 ، ويدفعون الاُمّة إلى قمّة الإنسانية والتكامل ، وفي أيديهم قبسٌ من تلك الحرائق الّتي يشعلها الأنبياء أضواء هداية على الطرق ، وزيتها من دمهم الّذي يتوهّج زيتا ، لا أكرم في الزيوت ولا أضوأ في الإنارة ، ويقودون الأشرعة التائهة في اليمّ ، والقافلة الضالة الحائرة في البيداء ، إلى موانئ السلامة وسواء السبيل والهداية .
يجد الباحث ببطن التاريخ صِوَر الّذين كانوا على امتداد التاريخ في الشموخ مشاعل وهّاجة ، ومنارات شاهقة ، حادوا قافلة الجهاد الفكري في ظروف قاسية في الأسار ، وقبضة الإرهاب والبطش الّتي كانت تلاحق كلّ من همس بإيمانه ،

1.الشورى : ۲۳ .

2.التوبة : ۳۲ .

3.سمل عينه ـ من باب نصر ـ : قلعها .

4.الأحزاب : ۳۹ .


الفصول المهمة في معرفة الائمة ج1
10

أجلّ العلوم شأنا وأعلاها مكانا وأرجحها ميزانا وأكملها تبيانا علم الحديث .
فله مِن بينها الرتبة الأعلى ، والمنزلة القصوى ، وكفى له علوّا وامتيازا ، وسموّا واعتزازا ، أ نّه يرى منازل كانت مهبط جبرئيل ، ويعرّف وجوها نطق في ثنائهم الكتاب الجميل ، ويوصل إلى مربعٍ محفوف بالتقديس والتهليل ، وينظم في عقدٍ منظومٍ مِن جواهر معادن الوحي والتنزيل ، ويشدّ بحبلٍ ممدودٍ يصل إلى اللّه الجليل .
ولمّا كان كمال الإيمان بمعرفة أئمّة الأزمان بمنطوق شريف القرآن وجب صرف الهمّة في كلِّ أوان ، لوجوب الاستمرار على الإيمان في كلِّ آن .
ولهذا اهتمّ بشأنه العلماء ، وأتعبوا أبدانهم ، وأسهروا أجفانهم ، وتجرّعوا لنيله غُصص النوى ، وباتوا وفي أحشائهم تتّقد نار الجوى ، وخاضوا لأجله لجج الدماء ، وجزعوا المنفق البيداء ، حتّى فازوا بالمراد ، وأصبحوا زعماء البلاد ، ومناهج الرشاد ، وهداة العباد .
وقد صنّف علماؤنا رضوان اللّه عليهم في ذلك كتبا مقرّرة ، وألَّف فضلاؤنا في الردِّ على مخالفيهم أقوالاً محرَّرة ، وأجالوا في الحقائق والدقائق خواطرهم ، وأحالوا عن العلائق والعوائق نواظرهم ، ونصبوا في ذلك رايات المعقول والمسموع ، وأوضحوا آيات المستنبط المطبوع ، غير حائدين 1 عن رواية الصدق المبين ، وغير مائلين عن رعاية الحقّ اليقين ، فيستضيء المتعرّف بأنوار مصنّفاتهم ، ويرتدي المتحرّف بأسرار بيِّناتهم .
وكيف لا تصرف العناية إلى قومٍ هم الأحبار الأشمّ والأبحار الخضمّ ، أحد السببين اللّذين من اعتلق بهما فاز قداحه ، وثاني الثقلين اللّذين من تعلَّق بهما اسفرّ من جميل السُّرى 2 صباحه ، ولايتُهم نجاةٌ في الاُولى والعقبى ، ومودَّتهم واجبةٌ «قُل

1.حاد عنه ـ من باب نصر ـ : مال وأعرض .

2.السير بالليل .

  • نام منبع :
    الفصول المهمة في معرفة الائمة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    الغريري، سامي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 22538
صفحه از 674
پرینت  ارسال به