المؤمنين علام ندع هؤلاء القوم وراءنا يخلفونا في أموالنا وعيالنا ؟ سربنا إليهم فإذا فرغنا منهم سرنا إلى أعدائنا من أهل الشام ۱ . فقام إليه الأشعث بن قيس فتكلّم بمثل كلامهم ، وكان الناس يرون أنّ الأشعث يرى رأي الخوارج لأنه كان يقول يوم صفين أنصَفنا قوم يدعون ۲ إلى كتاب اللّه تعالى ، فلمّا قال هذه المقالة علم الناس أنه لم يكن يرى رأيهم ۳ .
فأجمع عليّ عليه السلام المسير إليهم ، فجاءه منجّم يقال له مسافر بن عديّ ۴ فقال : يا أمير المؤمنين ، إذا أردت المسير إلى هؤلاء القوم فسر إليهم في الساعة الفلانية فإنّك إن سرت في غيرها لقيت أنت وأصحابك ضرّا شديدا ومشقّة عظيمة . فخالفه عليّ عليه السلام وسار في غير الساعة الّتي أمره المنجّم بالمسير فيها ۵ ، فلمّا قرب عليّ عليه السلام منهم ودنا بحيث إنّه يراهم ويرونه نزل وأرسل إليهم أن ادفعوا إلينا قتلة إخواننا
1.انظر تاريخ الطبري : ۴ / ۶۱ مع اختلاف يسير في اللفظ كما أوضحناه سابقا وخاصّة في الكامل لابن الأثير : ۳ / ۳۴۱ .
2.في (أ) : أنصف قوما يدعون .
3.انظر تاريخ الطبري : ۴ / ۶۱ ، الإمامة والسياسة : ۱ / ۱۶۸ وابن أعثم في الفتوح : ۲ / ۱۹۴ ، الأخبار الطوال : ۱۹۴ ، وقعة صفين : ۲۷۳ و ۲۷۵ وسبق وأن ترجمنا له .
4.هو مسافر بن عفيف الأزدي كما ذكره ابن الأثير في الكامل: ۳ / ۳۴۳ ، انظر شرح النهج لابن أبي الحديد : ۲ / ۲۶۹ تحقيق محمّد أبو الفضل ، ونقل عن ابن ديزيل قال: عزم علي عليه السلام على الخروج من الكوفة إلى الحرورية ، وكان في أصحابه منجِّم فقال له: يا أمير المؤمنين ، لا تَسِر في هذه الساعة وسِرْ على ثلاث ساعات مضين من النهار ، فإنّك إن سرت فى هذه الساعة أصابك وأصحابك أذىً وضُرٌّ شديد ، وإن سرتَ في الساعة الّتى أمرتُك بها ظَفِرت وظهرت وأصبْت ما طلبْتَ ، فقال له علي عليه السلام : أتدري ما في بَطْن فَرسي هذه ، أذكر هو أم اُنثى؟ قال: إن حسَبتُ عَلِمْت ، فقال عليّ عليه السلام : مَنْ صدّقك بهذا فقد كذّب بالقرآن ، قال تعالى « إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ مَا فِى الْأَرْحَامِ ... » لقمان: ۳۴. وانظر تاريخ الطبري: ۴ / ۶۱ ولكنه لم يذكر اسم المنجّم ، وانظر مروج الذهب: ۲ / ۴۱۵ .
5.انظر تاريخ الطبري : ۴ / ۶۱ ولكنه أضاف : ثمّ قال : لو سرنا في الساعة الّتي أمرنا بها المنجّم لقال الجهّال الّذين لا يعلمون : سار في الساعة الّتي أمره بها المنجّم فظفر . وانظر شرح النهج لابن أبي الحديد : ۲ / ۲۷۰ تحقيق محمّد أبو الفضل ، والكامل لابن الأثير : ۳ / ۳۴۱ ، ومروج الذهب : ۲ / ۴۱۵ .