53
الفصول المهمة في معرفة الائمة ج1

طالب صلوات اللّه عليه فأذكره ؟ قال : لا ، إلاّ أنْ تراه في قعر الجحيم ۱ . فلمّا لم يجد الزهري عليّا في قعر الجحيم لم يورد له ذكرا في مغازيه !
قال معمر : كان عند الزهري حديثان عن عروة ، عن عائشة في عليّ عليه السلام ، فسألته عنهما يوما، فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما؟ اللّه أعلم بهما،إنّي لأ تّهمهما في بني هاشم ۲ .
كان الزهري أكثر إنصافا لحقائق التاريخ من عروة ، ومرّة اُخرى يبدو الزهري أكثر إنصافا من آخرين ممّن عاصروه حين يوجّه الطعن التاريخ الّذي كان يكتب على عيون بني اُميّة .
قال معمر : سألت الزهري عن كاتب الكتاب يوم الحديبية ؟ فضحك وقال : هو عليّ بن أبي طالب ، ولو سألت هؤلاء ـ يعني بني اُميّة ـ لقالوا : عثمان ! ! .
لا شكّ أنّ الخبرين المذكورين قد حفظا للزهري موقفا فريدا ، إذ نزّه قلمه فيهما عن لونين من ألوان اغتصاب الحقيقة التاريخية ، فأبى أن يسوق أحاديث عَلِمَ أ نّها وضعت للنيل من عليّ عليه السلام وبني هاشم،كما أبى أن يسلبهم حقّهم ليمنه آخرين من غيرهم.
تجنّب الزهري شيئا من أخبار شيخه عروة حين اتّهمه في بني هاشم ، وهذه فضيله يحفظها له التاريخ ، وفي مقابل ذلك أعرض عن ذكر سِيَر عليّ عليه السلام ومناقبه إرضاءً لبني اُميّة ، وهذه حفظها له بنو اُميّة ! وربّما ظنّ أ نّه قَد سلك مسلكا وسطا ، فلا هو أرضاهم في النيل من عليّ عليه السلام وبني هاشم ، ولا هو أسخطهم بذكر سِيَر عليّ عليه السلام وبني هاشم .
وبهذا نجح الزهري فكان ذا حظٍّ عند الاُمويّين لايقدّمون عليه أحدا حتّى توفّي ، ولكن لم يأت هذا النجاح إلاّ بما هدره من حقائق الدين والتاريخ الّتي لو أظهرها لكان الزهري عندهم غير الزهري !

1.الأغاني ۲۲ / ۱۵ من رواية المدائني .

2.شرح النهج لابن أبي الحديد : ۴ / ۶۴ .


الفصول المهمة في معرفة الائمة ج1
52

أهل البيت عليهم السلامتأليف أحمد بن حنبل فيه أحاديث جليلة قد صرَّح فيها نبيُّهم صلى الله عليه و آله بالنّصّ على عليّ بن أبي طالب عليه السلام بالخلافة على الناس ليس فيها شبهة عند ذوي الإنصاف ، وهي حجّةٌ عليهم ، وفي خزانة مشهد عليّ بن أبي طالب عليه السلام بالغري من هذا الكتاب نسخةٌ موقوفة ، من أراد الوقوف عليها فليطلبها من خزانته المعروفة .
وعن الإمام الثعلبيِّ المفسِّر أ نّه ينقل عن أحمد بن حنبل المذكور أ نّه قال : ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ماجاءَ لعليٍّ عليه السلام من الفضائل .
أخذ عنه الحديث جماعة من الأماثل ، منهم : محمّد بن إسماعيل البخاري ، ومسلم بن الحجّاج النيشابوري ، ولم يكن في آخر عصره مثله في العلم والورع ، وتوفّي ضحوة نهار الجمعة لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل ، وقيل : في شهر ربيع الآخر سنة ( 241 ه ) ببغداد ، ودُفن بمقبرة باب حرب ـ المنسوب إلى حرب بن عبداللّه ، أحد أصحاب المنصور الدوانيقي الباني لأصل البلد ، وإلى حرب هذا تُنسب المحلّة المعروفة بالحربية ـ وقبر أحمد مشهور يُزار ، وحزر من حضر جنازته من الرجال فكانوا ثمانمائة ألف ، ومن النساء ستّين ألفا ، وقيل : إنّه أسلم يوم مات عشرون ألفا من اليهود والنصارى ، انتهى ما ذكره ابن خلّكان بعد تصرُّف مافيه . ونقل أ نّه دُفن ممّا يلي رأس أبي حنيفة في الجانب الشرقي من بغداد .
10 ـ الزهري : ابن شهاب ابن عبداللّه ، هو الّذي طلب إليه خالد القسري أن يكتب له السيرة ، فابن شهاب هو الغالب على تسمية الزهري ، وأمّا عبداللّه فهو جدُّه ، وعبداللّه هو ابن شهاب ، ومن هنا وقع اللبس ، ويؤيِّد ما قلناه أ نّه لم يكن أحد من أهل العلم بالسِير ممَّن عاصر خالد القسري يُعرف بابن شهاب إلاّ ابن شهاب الزهري.
إذن ، هذه هي مغازي ابن شهاب الزهري الّتي عرّف بها نفسه ، فقال : قال لي خالد بن عبداللّه القسري اكتب لي النسب ، فبدأتُ بنسب مضر فمكثت فيه أيّاما ، ثمّ أتيته فقال ما صنعت ؟ فقلت : بدأت بنسب مضر وما أتممته ، فقال : اقطعه ـ قطع اللّه مع اُصولهم ـ واُكتب لي السيرة ، فقلت له : فإنَّه يمرّ بي الشيء من سير عليّ بن أبي

  • نام منبع :
    الفصول المهمة في معرفة الائمة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    الغريري، سامي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 22448
صفحه از 674
پرینت  ارسال به