1009
الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2

ولم يزل أمير المؤمنين منذ انقضت إليه الخلافة وحمل مشاقّها واختبر مرارة طعمها ومذاقها مسهر العينين مضنيا لبدنه مطيلاً لفكره فيما فيه عزّ الدين وقمع المشركين وصلاح الاُمّة وجمع الكلمة ونشر العدل وإقامه الكتاب والسنّة ومنعه ذلك من الحفظ والدعة ومهنأ العيش محبّة أن يلقى اللّه سبحانه وتعالى مناصحا له في دينه وعباده ومختارا لولاية عهده ورعاية الاُمّة من بعده ، أفضل من يقدر عليه في دينه وورعه وعلمه ، وأرجاهم للقيام بأمر اللّه تعالى وحقّه ، مناجيا للّه تعالى بالاستخارة في ذلك ومسألته الهامّة مافيه رضاه وطاعته في آناء ليله ونهاره ، معملاً فكره ونظره فيما فيه طلبه والتماسه في أهل بيته من ولد عبد اللّه بن العباس وعليّ بن أبي طالب ، مقتصرا ممّن علم حاله ومذهبه منهم على علمه وبالغا في المسألة ممّن خفي عليه أمره جهده وطاقته ، رضاه وطاعته ، حتّى استقصى اُمورهم معرفة ، وابتلى ۱ أخبارهم مشاهدة ، واستبرأ أحوالهم معاينة ، وكشف ماعندهم مسائلة .
وكانت خيرته بعد استخارة اللّه تعالى واجتهاده نفسه في قضاء حقّه في عباده وبلاده في الفئتين جميعا عليّ بن موسى الرضا ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام لما رأى من فضله البارع وعلمه الذايع وورعه الظاهر الشايع وزهده الخالص النافع ، وتخليته من الدنيا وتفرّده عن الناس وقد استبان له مالم تزل الأخبار عليه مطبقة والألسن عليه متّفقة والكلمة فيه جامعه والأخبار واسعة ، ولما لم نزل نعرفه به من الفضل يافعا وناشئا وحدثا وكهلاً فلذلك
عقد له بالعهد والخلافة من بعده واثقا بخيرة اللّه تعالى في ذلك ، إذ علم اللّه تعالى أنه فعله إيثارا له وللدين ونظرا للإسلام وطلبا للسلامة وثبات الحجّة والنجاة في اليوم الّذي يقوم الناس فيه لربّ العالمين .

1.في (ب) : وأبلى .


الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2
1008

وهذا مختصر من كتاب العهد الّذي كتبه المأمون الخليفة للرضا بخطّه اختصرته لطوله وذكرت أوّله وآخره وصورته :
بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا كتابٌ كتبه عبد اللّه بن هارون الرشيد لعليّ بن موسى بن جعفر وليّ عهده :
أمّا بعد ، فإنّ اللّه عزّوجلّ اصطفى الإسلام دينا واختار له من عباده رسلاً دالّين عليه وهادين إليه ، يبشّر أوّلهم بآخرهم ، ويصدّق تأليهم ماضيهم ، حتّى انتهت نبوّة اللّه تعالى إلى محمّد صلى الله عليه و آله على فترةٍ من الرسل ودروسٍ من العلم وانقطاعٍ من الوحي واقتراب من الساعة ، فختم اللّه به النبيّين وجعله شاهدا لهم ۱ ومهيمنا عليهم ، وأنزل عليه الكتاب العزيز الّذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل ۲ من
حكيمٍ حميد . فلمّا انقضت النبوّة وختم اللّه بمحمّد صلى الله عليه و آلهبالرساله ۳ جعل قوام الدين ونظام أمر المسلمين في الخلافة ۴ ونظامها والقيام بشرايعها وأحكامها .

1.في (أ) : عليهم .

2.في (أ) : نزل .

3.في (د) : بالوحي .

4.في (ب) : بالخلافة .

  • نام منبع :
    الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    الغريري، سامي
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1379
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 37384
صفحه از 1403
پرینت  ارسال به