واُعيذك باللّه أن تكون قتيل أهل العراق ۱ .
وكان زيد بن عليّ (رض) ديّنا شجاعا ناسكا وكان من أحسن بني هاشم عبادةً وأجملهم إنارة ۲ ، وكان ملوك بني اُمية تكتب إلى صاحب العراق أن امنع أهل الكوفة من حضور مجلس زيد بن عليّ فإنّ له لسانا أقطع من غلبة السيف وأحدّ من شبا الأسنّة وأبلغ من السِحر والكهانة ومن النفث في العقد .
وقال له يوما هشام بن عبدالملك : بلغني أنك تروم الخلافة وأنت لاتصلح لها لأنك ابن ۳ أمة ، فقال زيد : كان إسماعيل بن إبراهيم ابن أمة وإسحاق ابن حرّة ، فأخرج اللّه من صلب إسماعيل خير من ولد آدم ، فقال : قم إذاً لا تراني إلاّ حيث تكره ، فلمّا خرج من الدار قال : ما أحبّ أحدٌ الحياة إلاّ ذلّ فقال له سالم مولى هشام : باللّه لايسمعنّ منك هذا الكلام أحد ۴ ، فكان زيد (رض) كثيرا مّاينشد ۵ :
شرّده الخوف من أوطانه كذلك من يكره حرّ الجلاد
منحرق الحقّين يشكو الوجى تنكبه أطراف مرو حدّاد
قد كان بالموت له راحةٌ والموت حتفٌ في رقاب العباد
ومن كتابٍ جمعه الوزير السعيد مؤيد الدين أبو طالب محمّد بن أحمد بن محمّد بن عليّ العلقمي ۶ قال ذكر الشيخ الأجلّ أبو الفتح يحيى بن محمّد بن خيار ۷ الكاتب قال : سمعت ۸ بعض أهل العلم والخير يقول : كنت بين مكّة والمدينة فإذا أنا بشيخ يلوح في ۹ البرية فيظهر تارةً ويغيب اُخرى حتّى قرب منّي فتأمّلته فإذا هو غلام سباعيّ أو ثمانيّ ، فسلّم عليَّ فرددت عليه ، فقلت : من أين يا غلام؟ قال : من اللّه ، قلت : وإلى أين؟ قال : إلى اللّه ، فقلت : فما زادُك؟ قال : التقوى ، فقلت : ممّن أنت؟ قال : أنا رجل عربي ۱۰ ، قلت : ابن مَن عافاك اللّه ؟ فقال : أنا رجل هاشمي ، فقلت : ابن مَن قال : أنا رجل علوي ، ثمّ أنشد يقول :
فنحن۱۱على الحوض ذوّاده۱۲تزود ويسعد ورّاده
فما فاز مَن فاز إلاّ بناوما۱۳خاب مَن حبّنا زاده
فمَن سرّنا نال منّا السرور ومَن ساءنا ساء ميلاده
ومَن كان غاصبنا حقّنا فيوم القيامة ميعاده
ثمّ قال : أنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، ثمّ التفتُّ فلم أره ، فلا أعلم هل صعد إلى السماء أم نزل إلى الأرض ۱۴ .
مات أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الباقر عليهم السلام في سنة سبعة عشر ومائة ۱۵
1.انظر زهر الآداب : ۱ / ۱۱۸ ، أمالي الشيخ الصدوق : ۲۷۵ ح ۱۱ ، البحار : ۴۶ / ۱۷۰ ح ۱۷ ، عوالم العلوم للشيخ عبد اللّه البحرانى الاصفهاني : ۱۸ / ۲۲۳ ح ۴ ، عمدة الطالب : ۲ / ۱۲۷ ، عيون أخبار الرضا : ۱ / ۱۹۶ ح ۵ .
2.في (أ) : اشارة .
3.في (أ) : من .
4.انظر عمدة الطالب : ۲۵۵ ، تاريخ اليعقوبي : ۲ / ۳۲۵ ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر : ۶ / ۲۲ ، الكامل في التاريخ لابن الأثير : ۵ / ۸۴ . ورويت هذه القصة في المناقب لابن شهرآشوب : ۳ / ۲۹۵ ، والبحار : ۴۶ / ۹۱ ح ۷۸ بحقّ الإمام زين العابدين عليه السلام مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ ، فراجع .
5.انظر الابطال : ۱۸۶ ولكن في البيت الأوّل «وازري به» بدل «من أوطانه» و «يطلب» بدل «يكره» . وفي البيت الثاني «الكفين» بدل «الحقين» و«الجوى» بدل «الوجى» . وفي البيت الثالث «حتم» بدل «حتف» وزاد بيتا رابعا :
أن يحدث اللّه له دولة يترك آثار العدى كالرماد
وانظر مروج الذهب : ۲ / ۱۸۱ ، زهر الآداب : ۱ / ۷۲ ، تاريخ الطبري : ۸ / ۴۱ .
6.ابن العلقمي كان اُستاذ دار الخلافة ببغداد ، ثمّ استدعي إلى دار الوزارة ونصب وزيرا كما قال عنه ابن الفوطي في الحوادث الجامعة . وقال عنه ابن كثير في البداية والنهاية : ۱۳ / ۲۱۲ «إنّه من الفضلاء في الإنشاء والأدب ... وقد حصل له من التعظيم والوجاهة في أيّام المستعصم مالم يحصل لغيره من الوزراء» ولأجله ألّف ابن أبي الحديد شرح النهج وأنشأ القصائد السبع العلويات . وقال في مجالس المؤمنين : إنّ الحسن بن محمّد الصنعاني ألّف له العباب الزاخر ومدحه في أوّله كثيرا . وقال ابن العماد في شذرات الذهب : ۵ / ۲۷۲ : كان فاضلاً . ترجم له في الأنوار الساطعة : ۱۴۹ .
7.جاء في إثبات الهداة : ۵ / ۳۲۰ ح ۸۸ بلفظ «خالد» ومثله في كشف الغمة : ۲ / ۱۴۱ ، وفي المحجّة : ۴ / ۲۴۹ «حباء» .
8.في (ب) : حدّث بعضهم .
9.في (ج) : من .
10.في (أ) : رجل من قريش .
11.في (أ) : نحن .
12.في (أ) : ورادّه ، وفي (ج) : روّاده نذود .
13.في (ب ، ج) : فلا أدري ، وفي (أ) : ولم أدر نزل في الأرض أو صعد إلى السماء .
انظر كشف الغمّة : ۲ / ۱۴۱ ، البحار : ۴۶ / ۲۷۰ ملحق حديث : ۷۳ ، إثبات الهداة : ۵ / ۳۲۰ ح ۸۸ ، ينابيع المودّة : ۳۶۸ ط آخر ، و : ۳ / ۱۳۵ ط اُسوة ، و : ۱ / ۷۹ ـ ۸۰ ، ملحقات إحقاق الحقّ : ۱۲ / ۱۸۳ ، و : ۱۹ / ۴۹۲ ، الإشراف على فضل الأشراف : ۷۹ . وانظر جواهر العقدين : ۲ / ۲۵۸ ـ ۲۵۹ مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ .
14.اختلف المؤرّخون في السنة الّتي استشهد فيها الإمام عليه السلام فالّذي ذكر أنه توفي سنة (۱۱۷ ه) هو ابن الجوزي في صفة الصفوة : ۲ / ۶۳ ، وفي كشف الغمة : ۲ / ۱۱۷ و ۱۱۹ و ۱۲۰ و ۱۳۶ برواية محمّد بن عمرو بلفظ «انه مات سنة سبع عشر ومائة» وفي الأنوار القدسية : ۳۴ بلفظ «وقيل : في صفر سنة سبع عشرة ومائة» ومثله في إحقاق الحقّ : ۱۹ / ۴۸۹ ، وفي إكمال الرجال : ۷۵۹ ، وملحقات إحقاق الحقّ : ۱۲ / ۱۵۲ ـ ۱۵۴ «ومات بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة» ومثله في مطالب السؤول : ۸۱ ، وفي تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي : ۳۵۰ قال : «اختلفوا في وفاته عليه السلام على ثلاثة أقوال : أحدها : أنه توفي سنة سبع عشرة ومائة ذكره الواقدي» ومثله في نور الأبصار : ۲۹۲، ومثله في تاريخ أبي الفداء : ۱/۲۴۸ لكن بلفظ «وقيل سبع عشره ومائة» وانظر تاريخ دمشق لابن عساكر (مخطوط) في ترجمة الإمام الباقر عليه السلام .
ولكن المشهور أنه عليه السلام استشهد مسموما سنة (۱۱۴ ه) كماجاء في شذرات الذهب : ۱ / ۱۴۹ ، تهذيب الكمال : ۹ / ق ۲ من مصوّرات مكتبة السيّد الحكيم رحمه الله ، تاريخ ابن الأثير : ۴ / ۲۱۷ ، طبقات الفقهاء : ۳۶ ، تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج البغدادي : ۵ تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي على الرأي الثاني برواية الفضل بن دكين ، الكافي : ۱ / ۴۷۲ ح ۶ ، البحار : ۴۶ / ۲۱۷ ح ۱۷ ، الإرشاد للشيخ المفيد : ۲۹۴ ، و : ۲ / ۱۵۸ ط آخر ، كشف الغمة : ۲ / ۱۲۳ و ۱۳۶ ، كفاية الطالب : ۴۵۵ ، المناقب لابن شهر آشوب : ۳ / ۳۳۹ ، روضة الواعظين : ۲۴۸ ، الهداية للخصيبي : ۲۳۷ ، تاريخ الأئمة : ۹ ، سير أعلام النبلاء : ۴ / ۴۰۱ ، نزهة الجليس ومنية الأنيس : ۲ / ۲۳ .
وقال أبو عيسى الترمذي «مات سنة خمس عشرة ومائة» كما جاء في تاريخ دمشق (مخطوط) وفي تاريخ خليفة : ۲ / ۲۶۳ بلفظ «توفي سنة ۱۱۸ ه» وفي تاريخ ابن الوردي : ۱ / ۱۸۴ ، وتاريخ أبي الفداء : ۱ / ۲۱۴ بلفظ «۱۱۶ ه» وفي دائرة المعارف لفريد وجدي : ۳ / ۵۶۳ بلفظ «۱۱۳ ه» وفي مختصر تاريخ الإسلام للفاخوري : ۸۵ بلفظ «۱۲۷ ه» . ومن أراد المزيد فليراجع المصادر السابقة .