وأمّا مناقبه عليه السلام فمن ذلك ما كان أكبر دلائل برهانه وشهد له بعلوّ قدره وسموّ مكانه وهو أنّه لما جعله المأمون وليّ عهده وأقامه خليفة من بعده كان في حاشية المأمون اُناس قدكرهوا ذلك وخافوا خروج الخلافة عن بني العباس وردّها إلى ۱ بني فاطمة ، فحصل عندهم من عليّ بن موسى الرضا عليه السلام نفور ، وكانت عادة الرضا إذا جاء إلى دار المأمون ليدخل عليه بادر ۲ مَن في الدهليز من الحجّاب ۳ وأهل النوبة من الخدم والحشم بالقيام له والسلام عليه ويرفعون ۴ له الستر حتّى يدخل ۵ .
فلمّا حصلت لهم هذه النفرة تفاوضوا في أمر هذه القضية ودخل منها في قلوبهم شيء قالوا فيما بينهم : إذا جاء ليدخل على الخليفة بعد هذا اليوم نعرض عنه ولانرفع له الستر . واتفقوا على ذلك فيما بينهم . فبينماهم جلوس إذ جاء الرضا عليه السلام على جاري عادته فلم يملكوا أنفسهم أن قاموا وسلّموا عليه ورفعوا له الستر ، فلمّا دخل أقبل بعضهم على بعض يتلاومون على كونهم مافعلوا ما اتفقو عليه ، وقالوا : الكرّة الثانية ۶ إذا جاء لا نرفعه له .