51
عقيل ابن ابي طالب

عقيل ابن ابي طالب
50

2/14

كتابه إلى أمير المؤمنين عليه السلام

عن زَيْد بن وهب قال : كتب عَقِيل بن أبي طالب رضى الله عنه إلى عليّ أمير المؤمنين عليه السلامحين بلغه خذلان أهل الكوفة وعصيانهم إيّاه :
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
لعبد اللّه عليّ أمير المؤمنين من عقيل بن أبي طالب :
سلام عليك، فإنِّي أحمد إليك اللّه الَّذي لا إله إلاَّ هو ، أمَّا بعدُ ، فإنّ اللّه حارسك من كلّ سوء، وعاصمك من كلِّ مكروه، وعلى كلِّ حال ، إنّي خرجت إلى مكّة معتمرا ، فلقيت عبد اللّه بن سَعد بن أبي سَرْح في نحو من أربعين شابّا من أبناء الطُّلقاء، فعرفت المنكر في وجوههم ، فقلت لهم : إلى أين يا أبناء الشّانئين ؟ أبمعاوية تلحقون ؟ عداوة واللّه ، منكم قديما غير مستنكرة تريدون بها إطفاء نور اللّه وتبديل أمره ، فأسمعني القوم وأسمعتهم . فلمّا قدمت مكّة سمعت أهلها يتحدّثون أنّ الضحّاك بن قَيْس أغار على الحيرة، فاحتمل من أموالهم ما شاء ، ثُمّ انكفأ راجعا سالما، فأفّ لحياة في دهر جرّأ عليك الضّحّاك ، وما الضّحّاك ؟ ! (إلاّ) فقع بقرقر.
وقد توهّمت حيث بلغني ذلك أنّ شيعتك وأنصارك خذلوك؛ فاكتب إليّ يابن أميّ برأيك ، فإن كنت الموت تريد تحملّت إليك ببني أخيك وولد أبيك فعشنا معك ما عشت ، ومتنا معك إذا متّ ، فو اللّه ما أحبّ أن أبقى في الدُّنيا بعدك فُواقا ، وأقسم بالأعزّ الأجلّ أنّ عيشا نعيشه بعدك في الحياة لغير هِنئ ولا مريء ولا نجيع.
والسَّلام عليك ورحمة اللّه وبركاته .
فأجابه عليّ عليه السلام:«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى عقيل بن أبي طالب :
سلام عليك، فإنّي أحمد إليك اللّه الذي لا إله إلاّ هو، أمّا بعد كلأنا اللّه وإيّاك كلاءة من يخشاه بالغيب، إنّه حميد مجيد.
فقد وصل إليّ كتابك مع عبدالرحمن بن عبيد الأزديّ ، تذكر فيه أنّك لقيت عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح مقبلاً من قديد في نحو من أربعين شابّا من أبناء الطُّلقاء متوجّهين إلى المغرب، وإنّ ابن أبي سرح طالما كاد اللّه ورسوله وكتابه، وصدّ عن سبيله وبغاها عوجا، فدع ابن أبي سرح ، ودع عنك قريشا، وخلّهم وتركاضهم في الضّلال، وتجوالهم في الشّقاق.
ألا وإنّ العرب قد اجتمعت على حرب أخيك اليوم اجتماعها على حرب النبيّ صلى الله عليه و آله قبل اليوم، فأصبحوا قد جهلوا حقّه وجحدوا فضله، وبادوه العداوة، ونصبوا له الحرب، وجهدوا عليه كلّ الجهد، وجرّوا عليه جيش الأحزاب.
اللّهمّ فاجز قريشا عنّي الجوازي، فقد قطعت رحمي وتظاهرت عليَّ، ودفعتني عن حقّي، وسلبتني سلطان ابن أُمّي، وسلّمت ذلك إلى من ليس مثلي في قرابتي من الرّسول، وسابقتي في الإسلام، ألا أن يدّعي مدّعٍ ما لا أعرفه، ولا أظنّ اللّه يعرفه، والحمد للّه على كلّ حال.
وأمّا ما ذكرت من غارة الضّحّاك على أهل الحيرة، فهو أقلّ وأذلّ من أن يلمّ بها أو يدنو منها ولكنّه (قد كان) أقبل في جريدة خيلٍ فأخذ على السّماوة حتّى مرّ بواقصة وشراف والقطقطانة فما وإلى ذلك الصقع، فوجّهت إليه جندا كثيفا من المسلمين ، فلمّا بلغه ذلك فرّ هاربا فلحقوه ببعض الطّريق وقد أمعن، وكان ذلك حين طفلت الشّمس للإياب؛ فتناوشوا القتال قليلاً كلا ولا، فلم يصبر لوقع المشرفيّة وولّى هاربا، وقتل من أصحابه تسعة عشر رجلاً ونجا جريضا بعد ما أخذ منه بالمخنّق (ولم يبق منه غير الرّمق) فلأيا بلأىٍ ما نجا.
وأمّا ما سألتني أن أكتب إليك برأيي فيما أنا فيه، فإنّ رأيي جهاد المحلّين حتّى ألقى اللّه ، لا يزيدني كثرة النّاس معي عزة، ولا تفرّقهم عنّي وحشةً؛ لأنّي محقّ، واللّه مع الحقّ، و واللّه ، ماأكره الموت على الحقّ، وما الخيركلّه بعدالموت إلاّ لمن كان محقّا.
وأمّا ما عرضت به عليَّ من مسيرك إلي ببنيك وبني أبيك، فلا حاجة لي في ذلك، فأقم راشدا محمودا، فو اللّه ما أحبّ أن تهلكوا معي إن هلكت، ولا تحسبنّ ابن أُمّك ولو أسلمه النّاس متخشّعا ولا متضرّعا (ولا مقرّا للضّيم واهنا، ولا سلس الزّمام للقائد، ولا وطئ الظّهر للّراكب المقتعد) إنّي لكما قال أخو بني سليم:
فإن تسأليني كيف أنت فانّنيصبورٌ على ريب الزّمان صليب
يعزّ عليَّ أن ترى بي كآبةٌفيشمت عادٍ أو يُساء حبيب۱

1.الغارات : ج ۲ ص۴۲۸ـ۴۳۰ ، بحار الأنوار : ج۳۴ ص۲۸ـ۳۱ ح۹۰۴ ؛ شرح نهج البلاغة : ج ۲ ص۱۱۳ـ۱۱۹ ،الأغاني :ج۱۶ ص۲۸۹ ،الإمامة والسياسة :ج۱ ص۷۴ وراجع :أنساب الأشراف :ج۲ص۳۳۲ .

  • نام منبع :
    عقيل ابن ابي طالب
    سایر پدیدآورندگان :
    فرجی، مجتبی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 28621
صفحه از 130
پرینت  ارسال به