129
إكسير المحبّة

الفريقان ـ أنّ الإنسان يتقرّب إلى اللّه بالنوافل خطوة بعد خطوة إلى أن يصبح خليقا بنيل محبّة اللّه ، وعندئذ يصبح اللّه بالنسبة له بمثابة عينه واُذنه ولسانه ويده ورجله وقلبه ۱ . وبعبارة اُخرى : أنّه يذوب في اللّه ويبلغ مقام الفناء فيه ، ويفقد عندئذ إرادته ؛ فعينه ترى ما يريده اللّه ، ولسانه يتكلّم بما يحبّه اللّه ، وهكذا أيضا تعمل سائر جوارحه وفقا لإرادة اللّه ، والأهمّ من كلّ ذلك هو أنّ تفكيره يدرك ما يشاء له اللّه إدراكه .
وفي مثل هذه الحالة ، يتّخذ الإنسان صبغة خلافة اللّه ، ويصبح مثلاً للّه ؛ وكلّما يريد يتيسّر له بطلب من اللّه وإذنه .
اللّهمّ صلّ على محمّد وآله واجعلنا آنسين بك ، مستوحشين من غيرك ، متلذذين بذكرك مشتاقين إلى لقائك .
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد ونبهني لذكرك في أوقات الغفلة واستعملني بطاعتك في أيام المهلة وانهج لي إلى محبّتك سبيلاً سهلة أكمل لي بها خير الدُّنيا والآخرة وتقبّل منّا ، يا مبدّل السيّئات بالحسنات يا أرحم الراحمين .

1.اُنظر : ص ۱۲۵ (استجابة الدّعوات) .


إكسير المحبّة
128

في التوحيد تحظى في كلّ لحظة برعاية خاصّة من الباري تعالى لم تكن حظيت بها من قبل،فرعاية اللّه لها في كلّ لحظة رونق جديد».

ب ـ خلافة اللّه

الحكمة من وراء خلق الإنسان هي خلافة اللّه ، كما قال تعالى : «وَ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـلـءِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً»۱ ، والخليفة لابدّ وأن تكون لديه القدرة على النهوض بأعمال مستخلفه . وقد قيل في هذا المعنى : «العبوديّة جوهرة كنهها الربوبيّة» ۲ ، وجاء في الحديث القدسي : «عَبدي أطِعني حَتّى أجعَلَكَ مِثلي» ۳ ، وروي أيضا : «إنَّ اللّهَ تَعالى يَقولُ في بَعضِ كُتُبِهِ : يَابنَ آدَمَ ! أنا حَيٌّ لا أموتُ ، أطِعني في ما أمَرتُكَ حَتّى أجعَلَكَ حَيّا لا تَموتُ . يَابنَ آدَمَ ! أنَا أقولُ لِلشَّيءِ : كُن فَيَكونُ ، أطِعني فيما أمَرتُكَ أجعَلَكَ تَقولُ لِلشَّيءِ : كُن فَيَكونُ» ۴ . الشيء الكفيل بأن يوصل الإنسان إلى مقام خلافة اللّه هو محبّته تعالى ، كما قال بعض أهل المعرفة ـ ما معناه ـ : «كما أنّ النار إذا سرت في الحديد ، تجد الحديد يفعل ما تفعله النار ، كذلك إذا سرت محبّة اللّه في قلب العبد يصبح قادرا على أن يفعل فعل اللّه بإذن اللّه » .
و كما ورد في أحاديث التقرّب بالنوافل ـ وهي أحاديث نقلها

1.البقرة : ۳۰ .

2.مصباح الشريعة : ۵۳۶ .

3.بحار الأنوار : ۱۰۵ / ۱۶۵ الهامش .

4.بحار الانوار : ۹۳ / ۳۷۶ / ۱۶ ، تاريخ اليعقوبي : ۱ / ۹۵ .

  • نام منبع :
    إكسير المحبّة
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اوّل
    پیوند معرفی کتاب :
    http://www.hadith.net/post/49478
تعداد بازدید : 57170
صفحه از 144
پرینت  ارسال به