قد قال : «وهذا الحديث صحيح السند ، وهو من الأحاديث المشهورة بين الخاصّة والعامّة ، وقد رووه في صحاحهم بأدنى تغيير» . وقال في بيانه لمعنى جملة : وإنّه ليتقرّب إليَّ بالنّافلة حتّى اُحبّه :
«النوافل جميع الأعمال غير الواجبة ممّا يُفعل لوجه اللّه سبحانه ، وأمّا تخصيصها بالصلاة المندوبة فعُرفٌ طارئ ومعنى محبّة اللّه سبحانه للعبد توفيقه للتجافي عن دار الغرور والترقّي إلى عالم النور ، والاُنس باللّه والوحشة ممّا سواه ، وصيرورة جميع الهموم همّا واحدا . قال بعض العارفين : إذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما أقامك» .
وقال أيضا في بيان قوله تعالى : « فإذا احببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به ... » إلى آخر الحديث .
«لأصحاب القلوب في هذا المقام كلمات سنيّة ، وإشارات سريّة ، وتلويحات ذوقيّة ، تعطّر مشام الأرواح وتحيي رميم الأشباح ، لا يُهتدى إلى معناها ، ولا يَطّلع على مغزاها إلاّ من أتعب بدنه بالرياضة وعنى نفسه بالمجاهدات حتّى ذاق مشربهم وعرف مطلبهم ، وأمّا من لم يفهم تلك الرموز ، ولم يهتد إلى هاتيك الكنوز ؛ لعكوفه على الحظوظ الدنيّة وانهماكه في اللذّات البدنيّة ، فهو عند سماع تلك الكلمات على خطر عظيم من التروّي في غياهب الإلحاد ، والوقوع في مهاوي الحلول والاتّحاد ، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا .
ونحن نتكلّم في هذا المقام بما يسهل تناوله على الأفهام ، فنقول :