13
غريب الحديث في بحارالأنوار ج 1

216هجريّة ) كانوا علماء لغة بالدرجة الاُولى .
شهدت تلك المرحلة تصنيف كتب عديدة ولكنّهاكانت صغيرة من حيث الحجم ، وهي وإن لم تصل إلينا ، إلاّ أنّ موضوعاتها ومعطياتها كانت موضع استفادة من قبل العلماء اللاحقين الذين اهتمّوا بتدوين غريب الحديث ، واتّخذوها كنواة اُولى لما صنّفوه في هذا المضمار ، وأصبحت منطلقا لحركتهم العلميّة . وقد أورد ابن النديم وابن الأثير وغيرهم شرحا مقتضبا عنها سنورده في جدول الترتيب الزمني في نهاية هذه المقدّمة .
من المؤسف أنّ هذه المعلومات غيروافية ولا يمكن التعرّف من خلالها على أوّل من صنّف في موضوع غريب الحديث ؛ وذلك لأنّ ابن الأثير ذكر أنّ مؤسّس هذا العلم هو أبو عبيدة معمّر بن المثنّى ( المتوفى 210هجريّة ) ، بينما ذهب الحسين بن عبداللّه الطيبي إلى أنّه شخص آخر هو أبوالحسن النضر بن شُمَيل المازني ( المتوفى 203هجريّة ) ، وأخيرا قال الدكتور حسين نصّار في كتابه «المعجم العربي ، نشأته وتطوّره» استنادا إلى ماجاء في كتاب ابن النديم أنّ أبا عدنان (عبدالرحمن بن عبدالأعلى السلمي) هو صاحب قصب السبق في هذا الميدان .
ومهما يكن من أمر ؛ فقد شهدت العُقود الاُولى من القرن الثالث للهجرة جهودا علميّة لعدد من علماء غريب الحديث ؛ بيد أنّ تلك الجهود لم تضطلع إلاّ بمهمّة شقّ الطريق وتمهيده ولم تقدّم حلاًّ حقيقيّا لمشكلة المهتمّين بعلم الحديث ؛ إذ لم تكن الكتب التي صُنّفت آنذاك كبيرة ولا شاملة ولا مرتّبة كي يكون استخراج الكلمة الغريبة منها يسيرا ، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى كتاب جامع في غريب الحديث وذي نظم منطقي وترتيب سهـل .

2 ـ عهد التدوين بالترتيب المسندي :

كانت الحاجة إلى عالِم عالي الهمّة يضع مشروعا جديدا ينقل بواسطته علم غريب الحديث خطوة إلى الأمام ، هي التي حفّزت أباعبيد القاسم بن سلام ( المتوفى 242هجريّة ) إلى أن يقضي أربعين سنة من عمره في جمع المعاني النادرة والفوائد الغنيّة من الأحاديث


غريب الحديث في بحارالأنوار ج 1
12

في مساعيهم تلك واجتازوا خلال عدّة قرون من العمل الدؤوب مرحلة الإبداع والتأليف وتمكّنوا من تدوين جوامع لغويّة يسهل الرجوع إليها ، وخلّفوا وراءهم آثارا قيّمة في مضمار تدوين غريب الحديث ، حتى أصبح علم اللغة والحديث مدينا لهما بالفضل .
سنحاول هنا ومن خلال دراسة تأريخيّة تسليط الأضواء على مراحل ومسار تدوين كتب غريب الحديث :

1 ـ بدء تدوين المفردات :

أدّى اهتمام المسلمين بالقرآن الكريم وإقبالهم على تعلّمه وانتقال معارفه وانتشار مفاهيمه ودخول أقوام من غير العرب في الإسلام وتداخل اللغة العربيّة مع لغات اُخرى ، إلى وجوب تفسير وشرح بعض المفردات القرآنيّة التي كان يندر تداولها في اللغة العربيّة التي كان يتحدّث بها هؤلاء ، وكانت تلك الألفاظ غريبة عليهم وغير مأنوسة لديهم . فاهتمّ بعض علماء الشيعة كابن عباس وأبان بن تغلب بتصنيف كتب صغيرة في غريب ألفاظ القرآن ، وبعد مائة وخمسين سنة من ذلك التاريخ ؛ أي في بداية القرن الثالث للهجرة ، بدأ تدوين غريب الحديث من أجل نفس هذه الغاية .
لقد ظهرت إلى الوجود في بداية تدوين هذا العلم ـ وكما هو الحال بالنسبة للعلوم والفنون الاُخرى ـ آثار قليلة تعدّ بالأصابع جاءت كحصيلة للجهود الفكريّة للبناة الأوائل الذين اهتمّوا بشرح المفردات الغريبة للأحاديث التي جُمع منها عدد قليل حينذاك ، ودُوِّنت تلك الشروح والتفاسير بلا أيّ ترتيب منطقي ، وفُقد الكثير منها على مرّ التاريخ . وإنّ مجرّد وصف واحد من تلك الكتب الاُولى يقوّي الظنّ لدينا بأنّ أكثرها كانت مرتّبة ترتيبا موضوعيّا ۱ مثلما هو الحال بالنسبة للكتب الفقهيّة التي دوّنت مرتّبة على أبواب الفقه والسنن . وإن كان يُحتمل أنّ الترتيب الموضوعي لبعضها جاء على غرار الكتب الاُولى في اللغة ؛ وذلك لأنَّ مؤلّفيها كأبي عبيدة ( المتوفى210هجريّة ) ، والأصمعي ( المتوفى

1.قال ابن درستويه في وصف غريب الحديث لأبي عدنان : «ذكر فيه الأسانيد وصنّفه على أبواب السنن والفقه ، إلاّ أنّه ليس بالكبير» .

  • نام منبع :
    غريب الحديث في بحارالأنوار ج 1
    تعداد جلد :
    4
    ناشر :
    سازمان چاپ و انتشارات وزارت فرهنگ و ارشاد اسلامی
    محل نشر :
    تهران
    تاریخ انتشار :
    1378
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 43761
صفحه از 462
پرینت  ارسال به