19
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

تضمّن ديننا الإسلامي تعاليم راقية قيّمة ، وأنّ ميزان انتفاع الإنسان من الدنيا والآخرة يرتبط بمدى التزامه بتطبيق تلك التعاليم ۱ . وعلى ضوء ذلك يمكن تقسيم الناس من حيث نصيبهم من الدنيا والآخرة إلى أربعة أقسام ۲ : فمنهم من ليس له نصيب في الدنيا ولا في الآخرة ، ومنهم من يتمتّع بدنيا طيّبة وليس له نصيب في الآخرة ، ومنهم على عكس ذلك فلا يتمتّع في الدنيا بعيش مناسب وله في الآخرة حياة طيّبة ، ومنهم من له نصيب في الدنيا والآخرة :
«لَهُمُ الْبُشْرَى فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ فِى الآخِرَةِ» .۳

رابعا : الوعي بالنسبة لآفات التنمية

إنّ آخر نقطة تتعلّق بالجمع بين الدنيا والآخرة وأهمّها ، هي الانتباه إلى أخطار الرفاه الاقتصادي وآفاته ، فإذا لم يتفطّن المرء إلى تلك الآفات بشكل صحيح ولم يتّخذ الإجراءات المناسبة للوقاية منها في الوقت المناسب ، فإنّه سيقع في فخّ الدنيا المذمومة . من هنا فقد ذكرنا تلك الآفات وطرق الوقاية منها بالتفصيل في كتاب التنمية الاقتصاديّة في الكتاب والسنّة . ۴
وفي الفصل الخامس من هذه المجموعة اكتفينا بالإشارة إلى نقطة أساسيّة واحدة ، وهي الفطنة في طلب الدنيا وتحصيلها للآثار المترتّبة على ذلك ، والاعتدال في تأمين المنافع المادية واجتناب الحرص ، وللاستزادة في توضيح هذا المطلب يمكن مراجعة القسم الخامس من كتاب التنمية الاقتصاديّة المشار إليه آنفا ، تحت عنوان : «آفات التنمية».

1.راجع : ص ۱۰۳ (ما ينال به خير الدنيا والآخرة) .

2.راجع : ص ۱۱۵ (أصناف الناس في نيل الدنيا والآخرة) .

3.يونس : ۶۴ .

4.راجع : التنمية الاقتصاديّة في الكتاب والسنّة : القسم الخامس : آفات التنمية .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
18

يُضحي في أوج التكامل المادّي والمعنوي .
جدير ذكره أنّ محبّة الدنيا بهذا المعنى لها جذور في فطرة الإنسان ۱ ، فهي ليست مذمومة ۲ ، بل إنّ الدنيا إن اقترنت بالآخرة وكانت مقدّمة لها ، فإنّها تُحتسب من الآخرة.
بناءً على ذلك ، فقد منع الإسلام بكلّ صراحة مظاهر الرهبانيّة ، ونهى عن تحريم اللّذائذ على النفس ۳ ، ووقف أئمّة الإسلام بوجه الذين دعوا الناس إلى ترك الدنيا بناءً على فهمهم الخاطئ أو لأهداف يبتغونها ، ودعوا إلى محاربتهم. ۴
وعلى هذا الأساس ، أوصت النصوص الإسلاميّة الإنسان بالسعي لبناء الدنيا واستثمار ما فيها من مواهب ؛ لأجل تقوية القيم المعنويّة وتنميتها ، وإعمار عالَم ما بعد الموت ۵ ، والدعاء لرفاه العيش في الدنيا ۶ ، وأكّدت على أنّ تأمين المنافع الدنيويّة يستوجب ثواب الآخرة ما لم يُخرج صاحبه من مسير الحقّ ۷ .

ثالثا : تعاليم الإسلام حول بناء الدنيا والآخرة

النقطة الجديرة بالاهتمام هي أنّه لا يتمكّن كلّ أحد من توفير منافعه الاُخرويّة إلى جانب منافعه المادية ، فما أكثر الأفراد الذين يغرقون في هوى المصالح المادية باسم الإسلام والآخرة ! ولأجل توفير منافع الآخرة إلى جانب منافع الدنيا فقد

1.راجع : ص ۷۱ (الإنسان مطبوع على حبّ الدنيا) .

2.راجع : ص ۷۲ (النهي عن سبّ الدنيا وذمّها).

3.راجع : ص ۷۵ (النهي عن الترهّب وتحريم ما أحلّ اللّه ) .

4.راجع : ص ۸۴ (الاحتجاج على من يدعو إلى ترك الدنيا) .

5.راجع : ص ۹۱ (الاستثمار من الدنيا) وص ۹۲ (هذا طلب الآخرة) .

6.راجع : ص ۹۳ (الدعاء للرفاهيّة في المعيشة) .

7.راجع : ص ۱۰۱ (ثواب من أخذ الدنيا بحقّها) .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوي، السيد الرسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 53526
صفحه از 520
پرینت  ارسال به