193
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

فَقالَ مُعاوِيَةُ : زِدني مِن صِفَتِهِ ، فَقالَ ضِرارٌ :
رَحِمَ اللّهُ عَلِيّا ، كانَ وَاللّهِ طَويلَ السُّهادِ ۱ ، قَليلَ الرُّقادِ ، يَتلو كِتابَ اللّهِ آناءَ ۲ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ ، ويَجودُ لِلّهِ بِمُهجَتِهِ ۳ ، ويَبوءُ إلَيهِ بِعَبرَتِهِ ، لا تُغلَقُ لَهُ السُّتورُ ، ولا يَدَّخِرُ عَنَّا البُدورَ ۴ ، ولا يَستَلينُ الاِتِّكاءَ ، ولا يَستَخشِنُ الجَفاءَ .
ولَو رَأَيتَهُ إذ مُثِّلَ في مِحرابِهِ ، وقَد أرخَى اللَّيلُ سُدولَهُ ، وغارَت نُجومُهُ ، وهُوَ قابِضٌ عَلى لِحيَتِهِ يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السَّليمِ ويَبكي بُكاءَ الحَزينِ ، وهُوَ يَقولُ : يا دُنيا ألي تَعَرَّضتِ ، أم إلَيَّ تَشَوَّقتِ ؟ هَيهاتَ هَيهاتَ! لا حاجَةَ لي فيكِ ، أبَنتُكِ ثَلاثا لا رَجعَةَ لي عَلَيكِ . ثُمَّ يَقولُ : واه واه لِبُعدِ السَّفَرِ وقِلَّةِ الزّادِ وخُشونَةِ الطَّريقِ !
فَبَكى مُعاوِيَةُ وقالَ : حَسبُكَ يا ضِرارُ ، كَذلِكَ كانَ وَاللّهِ عَلِيٌّ ، رَحِمَ اللّهُ أبَا الحَسَنِ . ۵

1.السُّهادُ : الأرق (الصحاح : ج ۲ ص ۴۹۲ «سهد») .

2.آناء الليل : ساعاته (مفردات ألفاظ القرآن : ص ۹۶ «أنا») .

3.المُهجَة : الرُّوح (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۲۰۸ «مهج») .

4.البَدْرَة : كيسٌ فيه ألف أو عشرة آلاف ، والجمع : البُدور (لسان العرب : ج ۴ ص ۴۹ «بدر») .

5.الأمالي للصدوق : ص ۷۲۴ ح ۹۹۰ ، بحار الأنوار : ج ۴۱ ص ۱۴ ح ۶ .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
192

۵۱۵.مروج الذَّهَب عن ضِرارِ بن ضَمرَةَ ـ في وَصفِ عَلِيٍّ عليه السلام حَيثُ طَلَبَ مِنهُ مُعاوِيَةُ ذلِكَ ـ :يَستَوحِشُ مِنَ الدُّنيا وزَهرَتِها ، ويَأنَسُ بِاللَّيلِ وظُلمَتِهِ ، وكَأَنّي بِهِ وقَد أرخَى اللَّيلُ سُدولَهُ ۱ ، وغارَت نُجومُهُ ، وهُوَ في مِحرابِهِ قابِضٌ عَلى لِحيَتِهِ يَتَمَلمَلُ تَمَلمُلَ السَّليمِ ۲ ، ويَبكي بُكاءَ الحَزينِ ، ويَقولُ :
يا دُنيا غُرّي غَيري ، ألي تَعَرَّضتِ ، أم إلَيَّ تَشَوَّفتِ ۳ ؟ هَيهاتَ هَيهاتَ! لا حانَ حينُكِ ، قَد أَبَنتُكِ ۴ ثَلاثا لا رَجعَةَ لي فيكِ . عُمُرُكِ قَصيرٌ ، وعَيشُكِ حَقيرٌ ، وخَطَرُكِ يَسيرٌ . آهِ مِن قِلَّةِ الزّادِ ، وبُعدِ السَّفَرِ ، ووَحشَةِ الطَّريقِ . ۵

۵۱۶.الأمالي عن الأَصبَغ بن نُباتَة :دَخَلَ ضِرارُ بنُ ضَمرَةَ النَّهشَلِيُّ عَلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ ، فَقالَ لَهُ : صِف لي عَلِيّا! قالَ : أوَتُعفيني ؟ فَقالَ : لا ، بَل صِفهُ لي . فَقالَ لَهُ ضِرارٌ :
رَحِمَ اللّهُ عَلِيّا ، كانَ وَاللّهِ فينا كَأَحَدِنا ؛ يُدنينا إذا أتَيناهُ ، ويُجيبُنا إذا سَأَلناهُ ، ويُقَرِّبُنا إذا زُرناهُ ، لا يُغلَقُ لَهُ دونَنا بابٌ ، ولا يَحجُبُنا عَنهُ حاجِبٌ ، ونَحنُ وَاللّهِ مَعَ تَقريبِهِ لَنا وقُربِهِ مِنّا لا نُكَلِّمُهُ لِهَيبَتِهِ ، ولا نَبتَديهِ لِعَظَمَتِهِ ، فَإِذا تَبَسَّمَ فَعَن مِثلِ اللُّؤلُؤِ المَنظومِ .

1.سَدَلَ الثوبَ سَدْلاً : أرخاه ، وسَدَلَت سِترَها وشَعرَها (أساس البلاغة : ص ۲۰۶ «سدل») .

2.تَمَلْمَلَ : تَقلّبَ . والسَّلِيم : اللَّدِيغ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۵۲ «ملل» و ص ۱۲۹ «سلم») .

3.تَشوَّفَ : تَزَيَّنَ . وتَشَوّفَ للشيء : أي طَمَحَ بصرهُ إليه (النهاية : ج ۲ ص ۵۰۹ «شوف») .

4.بانَتِ المرأة من زوجها : أي انفصلت عنه ووقع عليها طلاقُه . والطلاق البائن : هو الذي لا يملك الزوج فيه استرجاع المرأة إلاّ بعقدٍ جديد (النهاية : ج ۱ ص ۱۷۵ «بين») .

5.مروج الذهب : ج ۲ ص ۴۳۳ ، الاستيعاب : ج ۳ ص ۲۰۹ ، شرح نهج البلاغة : ج ۱۸ ص ۲۲۵ وفيهما «باينتك ثلاثا» بدل «أبنتك ثلاثا» ، حلية الأولياء : ج ۱ ص ۸۴ ؛ نهج البلاغة : الحكمة ۷۷ ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص ۷۱ ، تنبيه الخواطر : ج ۱ ص ۷۹ ، روضة الواعظين : ص ۴۸۳ ، مشكاة الأنوار : ص ۴۶۷ ح ۱۵۶۲ وفيها «قد طلّقتك ثلاثا» بدل «قد أبنتك ثلاثا» وكلّها نحوه ، كنز الفوائد : ج ۲ ص ۱۶۰ .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوي، السيد الرسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 53732
صفحه از 520
پرینت  ارسال به