387
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

تعالى: «وَ إِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الْحَيَوَانُ»۱ ، كما استعملت أيضاً كمضافٍ إلى «الدار» كما في قوله: «وَ لَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ»۲ ، وكذلك صفةً لـ «يوم» كما في قوله: «مِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ».۳ بيد أنّ ما يلاحظ هو حذف الموصوف في أغلب الموارد، حيث استعملت الآخرة في مقابل الدنيا في الدلالة على الحياة ما بعد الموت.
لقد تكرّرت هذه المفردة (143) مرّةً في القرآن الكريم ؛ منها (4) مرّات بالمعنى اللّغوي ، و (139) مرّة بمعنى الحياة بعد الموت ، وقد وردت بهذا المعنى الأخير بصيغٍ متعدّدة ، إذ جاءت (88) مرّةً بلفظ «الآخِرة» ، و(22) مرّةً بلفظ «بِالآخِرة» ، و(3) مرّات بلفظ «لَلآخِرة» ، و(26) مرّةً بلفظ «الآخِر» مسبوقا بكلمة «اليوم» .
قد يبدو للوهلة الاُولى أنّ مفردة «الآخرة» تساوي مفردة «القيامة» و «يوم الحساب»، بيدَ أنّ التدقيق في جذرها اللغوي ومجالاتها الاستعمالية في القرآن يشيران بوضوح أنّ المقصود من الآخرة هو ما يقابل الدنيا على النحو الذي يشمل فيه المعنى جميع منازل الحياة ما بعد الموت ويحتوي مواقف النشأة الاُخرى بأجمعها، على حين ليست القيامة في حقيقتها إلاّ واحدة من منازل الآخرة ، ولذا عدّ النبيّ صلى الله عليه و آله القبر أوّل منازل الآخرة، في قوله:
القَبرُ أوَّلُ مَنازِلِ الآخِرَةِ ؛ فَإِن يَنجُ مِنهُ فَما بَعدَهُ أيسَرُ مِنهُ ، وإن لَم يَنجُ مِنهُ فَما بَعدَهُ أشَدُّ مِنهُ.۴
انطلاقاً من هذا التمييز، فإنّ ما يهتمّ به هذا القسم، هو عرض النصوص التي

1.العنكبوت : ۶۴. وراجع : القصص: ۸۳.

2.يوسف: ۱۰۹.

3.البقرة: ۸ .

4.راجع: ص ۳۹۵ ح۱۲۰۱ .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
386

«لَهُ الْحَمْدُ فِى الاْءُولَى وَ الآخِرَةِ» .۱ «وَ إِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَ الاْءُولَى» .۲ «وَ لَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الاْءُولَى» .۳
الحقيقة أنّ القرآن الكريم ومعه الأحاديث الإسلامية يستعملان كلمة «الآخرة» في واحد من أبرز مصاديقها اللغوية ، من هذا المنطلق يجيء جواب النبيّ صلى الله عليه و آله ليزيد بن سلام عندما سأله: أخبرني لِمَ سُمّيت الآخرةُ آخرةً؟ حين قال له:
لاِءَنَّها مُتَأَخِّرَةٌ تَجيءُ مِن بَعدِ الدُّنيا ، لا توصَفُ سِنينُها ، ولا تُحصى أيّامُها ، ولا يَموتُ سُكّانُها.۴
أمّا بشأن ما روي عن الإمام عليّ عليه السلام في جواب من سأله: لِمَ سُمّيت الآخرةُ آخرةً؟ حين قال:
سُمِّيَتِ الآخِرَةُ آخِرَةً ، لاِءَنَّ فيهَا الجَزاءَ وَالثَّوابَ.۵
فالأمر فيه هو ما ذهب إليه العلاّمة المجلسي قدس سره في بيانه ۶ ، من أنّ في الآخرة الجزاء والثواب، ومادام الجزاء متأخّراً عن العمل، فقد سُمّيت الحياة بعد الموت الآخرة.
لقد جاءت مفردة الآخرة في القرآن صفةً لـ «النشأة» تارة، كما في قوله سبحانه «ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ»۷ ، كما جاءت تارة اُخرى صفةً لـ «الدار» في مثل قوله

1.القصص: ۷۰.

2.الليل: ۱۳.

3.الضحى: ۴.

4.راجع: ص۳۹۵ ح ۱۱۹۹ .

5.راجع: ص۳۹۵ ح۱۲۰۰ .

6.بحار الأنوار: ج ۱۰ ص ۱۳.

7.العنكبوت: ۲۰.

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوي، السيد الرسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 53632
صفحه از 520
پرینت  ارسال به